نكمل الإجابة عن أسئلة الزميل Mirage Guardian
حيث كتب في مداخلته رقم
67 يقول :
اقتباس:- لفت نظرى وصف جمهور النادي لك بالملحد، ولم ألحظ تحفظاً منك (ربما تجاهلاً لعدم القيمة من جهتك)..
كيف تصنّف إعتقادك اللادينى؟
ملحد؟ أم لا مبالى؟ أم لا أدرى؟ أم مؤمن من نوع خاص؟
أليس من الطبيعى أن تعتبر نفسك لادينى-مؤمن من نوع خاص، بعد فكرة الإله الغائب؟
ذات يوم قبل سنتين تقريبا تكلمت في خواطري حول هذه المسألة ، تجد التفاصيل هنا في هذا الشريط
كيف أصنف نفسي
و حتى لا أكرر ما قلته فوق ، أحب أن أوضح أني لا أؤمن بوجود شيء اسمه الإله الغائب ، أي أنني لا أقيم فكرته على أساس إيماني ، بل أضعه كاحتمال مقابل فترينة الآلهة الكلاسيكية لحل الكثير من المشاكل الميتافيزيقية بإطار ميتافيزيقي قد يبدو مقنعاً للبعض :saint:
السؤال الثاني يقول :
اقتباس:- يجيب الإله الغائب، عن "كيف" نشأت الحياة..
فهل لديكم أية أطروحات حول "لماذا"؟
أعنى لماذا أراد للإنسان الحياة؟
أو الدافع له لكى يقدم على هذه الشرارة الأولى؟
هذا سؤال جيد و يدل على أن الزميل ميراج قد وصلته فكرة الإله الغائب بشكل واضح جداً ، و الجواب عليه هو :
"لا يوجد غاية" .
لو اعتبرنا الغاية هي الدافع الذي دفع الإله الغائب لكي يقوم بخلق الشرارة الأولى ، فهذا يعني أن هذا الدافع أو الغاية هي سبب سابق على الإله و بالتالي بطل أن يصبح الإله الغائب سبباً أول لا سابق له .
و ذلك لأن الغاية تأتي فيما بعد و ليس فيما قبل ، بمعنى أنها تأتي كنتيجة نهائية لسلسلة من السببيات .
سأوضح بمثال :
الغاية من الدراسة هي النجاح و الحصول على شهادة ، و لماذا نحصل على الشهادة ؟ حتى يتم الاعتراف بمهنتي و بناءاً على ذلك أحصل على وظيفة . حتى أستطيع أن أحصل على حاجاتي المعيشية .
و هنا يمكن أن نبني مفهوماً غائياً مجرداً فنقول :
الغاية من الدراسة هي تجاوز الاختبار و الغاية من تجاوز الاختبار هو الحصول على الشهادة و الغاية من الحصول على الشهادة هو الوظيفة و الغاية من الوظيفة تحقيق الحاجات المعيشية .
إذاً حاجتي إلى هذه الأشياء المعيشية هي التي دفعتني كي أقوم بفعل الدراسة .
و لكن بالنسبة للإله ، فلا يمكن أن تدفعه غاية إلى فعل شيء
لأنه لا يحتاج الوصول إلى هذه الغاية ، و لو كانت هذه الغاية سبباً لخلق الشرارة الأولى لتعطل أن نسمي الشرارة الأولى بالشرارة الأولى ، لأن الغاية كانت سبباً سابقاً ، و الذي يسبب الغاية هو الحاجة ، مما يجعل الحاجة هي السبب السابق على الغاية ، و ينفي عن الغاية جعلها السبب الأول للوجود ، و لكن هل هذا الإله يحتاج ؟ هذا يعني أنه ينقصه شيء ما ، و أن هذا النقص دفعه ليحتاجه ، مما يجعل هذا النقص هو السبب الأول و ليس الحاجة و ليس الغاية ، و لكن كيف حدث هذا النقص م الإله ؟؟؟ أي أنه مسلوبٌ منه ، مما يعني أن هناك سبباً لهذا النقص هو سلب سابق من خلال سالب ، و هل هذا يعني وجود إله سابق ؟؟؟؟
و لو فرضنا وجود إله سابق ، فهذا يعني أن إلهنا الغائب الذي قلنا أنه السبب الأول للوجود لم يعد كذلك ، مما يجعل الإله الأسبق أجدر بأن يكون سبباً أول ، و لكن لماذا قام هذا الإله الأسبق بسلب هذا الشيء الذي ولد نقصاً في الإله اللاحق ؟؟؟؟ هل لغاية ما ؟؟؟ أم لحاجة ما ؟؟؟ أم لنقص ما ؟؟؟ أم لسلب ما ؟؟؟؟ و هكذا نعود إلى نفس السلسلة السابقة لنصل إلى أن هذا الإله السابق هناك من هو أسبق منه و هكذا لا نستطيع أن نبرهن وجود سبب أول أعطى الشرارة الأولى أو البذرة الأولى للوجود .
و بالمقابل لا يمكن أن ننطلق من أي شيء في هذا الوجود كي نصل إلى الغاية من الخلق ، لأن سلسلة السببيات تسير في اتجاه واحد و لا يمكن عكسها .
أي أن قلب المسألة لا يمكن أبداً .
نحن نجوع و من ثم نأكل و من ثم نشبع .
أي أن الغاية من الجوع هي الأكل و الغاية من الأكل هي الشبع ، و لكن لا يمكن أن تكون الغاية من الشبع هي الأكل (كيف تأكل و أنت شبعان) و لا يمكن أن تكون الغاية من الأكل هي الجوع ، هذا ليس منطقياً أبداً .
و بالتالي ، فنحن حين نفترض وجود الإله الغائب كسبب أول لا سابق له لا يمكن أن نرجع بها بالعكس و ننطلق من الوجود (نحن و أفكارنا و كل شيء يساعدنا في الإجابة عن هذا السؤال) لنعرف الغاية من خلقه للبذرة الأولى أو الشرارة الأولى للوجود .
و لكن إلى أين تمضي هذه السلسلة من السببيات ؟؟؟؟
هذا سؤال أنا أطرحه ، و هل يمكن تطبيق مفهوم الغائية عليه ؟؟؟
أي هل يمكن أن تؤدي هذه السلسلة إلى نتيجة نهائية لن تكون سبباً لوجود لاحق ؟؟؟؟
هناك احتمالين لا أرى ثالثاً لهما :
1- إما أن تستمر هذه السلسلة السببية إلى ما لا نهاية ، و بالتالي لا يوجد نتيجة نهائية . و عندها يصبح السؤال عن الغاية لا معنى له لأنه يسأل عن شيء غير موجود .
و إما
2- أن نصل إلى نتيجة نهائية و عندها يمكن اعتبارها (الغاية المطلقة) ، و لكن هذه النتيجة هي وهم و غير حقيقية لأنه لا يمكن أن نصل إلى نتيجة لا تعطي شيئاًأي عدماً (و إلا لما صح اعتبارها نتيجة نهائية ) لأن الوجود لا يعطي عدماً . و إلا لصح أن يعطي العدم وجوداً أيضاً ، و يدخلان في تبادلية أزلية ، و عندها يختفي هذا الإله الغائب و كل الآلهة الأخرى ، و بالتالي يصبح السؤال عن الغاية من خلق الشرار الأولى لا معنى له مرة أخرى .
تحياتي
أبو إبراهيم ، مداخلتك قرب دورها :D
لا تيأس يا أبو ابراهيممم
إن الله مع الصابرين
تحياتي