{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #15
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال
أحزان البابا.. وقوة الرسالة
عبد المنعم سعيد

فى الساعة التاسعة وسبع وثلاثين دقيقة من مساء يوم الثاني من أبريل الجاري، دقت الأجراس في المجمع الكنسي للقديس بطرس في روما، ومع دقاتها خرج كبير الأساقفة ليوناردو ساندري ليعلن وفاة البابا جون بول الثاني، الواقع على رأس الكنيسة الكاثوليكية العالمية. وكان في هذا الإعلان نهاية حالة من التوقع العالمي لوفاة شخصية كونية مهمة على مستويات عدة، وبالتأكيد فقد وضعت حدا لفترة من الترقب في وسائل الإعلام العالمية التي راحت تنقل لحظات موته الأخيرة لحظة بلحظة، كما أنها عكست الاهتمام الكبير لقرابة مليار من البشر الكاثوليك، الذين ظل البابا بالنسبة لهم جزءا معتبرا ومقدرا من أركان الإيمان.
ولكن ما كان نهاية كان في الواقع بداية من نوع آخر لفهم الكثير من الأوضاع العالمية الراهنة، بعد أن ظل البابا في مكانه المؤثر عالميا على مدى السبعة وعشرين عاما الأخيرة تقريبا، تعاقبت عليها فصول الحرب الباردة والرياح العاتية للعولمة، وعواصف ألمت بالعالم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
ونكست الأعلام في عواصم كثيرة تباينت أديانها ومثلها وعقائدها كعلامة على الحزن الإنساني على شخصية شغلت مكانا مرموقا على ساحة الأحداث العالمية، طوال أكثر من ربع قرن.
من المدهش أن الرجل شغل هذه المساحة، وهو لا يملك من مقومات القوة شيئا، ففيما عدا الحرس السويسري الذي لا يملك أكثر من ملابسه الزاهية، فإن الرجل لم يكن لديه أكثر من التاريخ في الماضي والكلمة في الحاضر. وبشكل ما بدا مدهشا أن تستطيع كنيسة القديس بطرس، العيش على مدى ألفي عام، حاملة تراثا أخذ يتمدد وينكمش عبر عصور وأزمان وانقلابات وثورات صغرى وعظمى أخذت المؤسسة كلها من قلب الامبراطورية الرومانية الممتدة في الدنيا كلها حتى انكمشت في مبنى الفاتيكان العتيق كدولة ليست هي بدولة، ولكن يصل إليها سفراء العالم حاملين أوراق اعتماد. ومع ذلك فلم تكن القضية متعلقة بالماضي ورموز متجسدة في ألوان وأعلام ونقوش وأبنية وعمارة وأرواب وقلنسوات، بقدر تعلقها بعصور متغيرة لاقت فيها الكنيسة تحديات العلم وتحديات العصر، حتى بات عليها رد الاعتبار لجاليليو بالقدر الذي كان عليها مراجعة الحروب الصليبية، والأخطر بات عليها التكيف مع عالم حديث أصبح فيه الشك في اللاهوت يقينا، وانفصلت فيه الأخلاق عن حساب يوم الآخرة.
وربما كان أخطر المفارقات التي عاشتها الكنيسة هي مصاحبة انكماش الفاتيكان المادي لامتداد تأثيراته الروحية العالمية، ولكن وفق تأثير معنوي وأخلاقي وبطرق تتناسب مع القرن العشرين وبدايات الألفية الثالثة. ولعل تولي البابا جون بول الثاني لمقعد البابوية والطريقة التي أدار بها علاقة الكنيسة برعاياها وبقية الدنيا علامة القدرة على التأثير في مسارات عالم متسع تنوعت قضاياه ومشاكله. وهنا على وجه التحديد يصبح الفرد أداة عظمى للتغيير التاريخي بشجاعة اتخاذ المواقف، وإلهام الآخرين بالحق والقدرة على المقاومة، وهو ما قام به رجلنا خلال شبابه في الكنيسة البولندية حتى تولى قيادة مركز الكاثوليكية
. وقبل وفاة البابا وبعد ذهابه إلى بارئه كتبت كل صحف العالم عن الدور الذي قام به في تقويض الشيوعية، من أول جهوده في بولندا، حيث شكل القاعدة المعنوية لحركة «تضامن»، التي ربما كانت أول المسامير الكبرى التي دقت في نعش الشيوعية، وحتى قيامه بنشر الدعوة من مقعده المعنوي في روما، لكي يقوض القاعدة الأخلاقية لأركان المعسكر الشيوعي.
وبالنسبة للبعض فإن هذا الدور، مهما كانت دوافعه الأخلاقية والدينية، فإنه في النهاية شكل دعما للتيار العالمي بقيادة رونالد ريجان في الولايات المتحدة والداعي لتدمير «امبراطورية الشر»، التي كانت الطبعة الأولى لما عرف في عصر تال «محور الشر»، وكانت النتيجة العملية له هي انفراد أمريكا بالقيادة العالمية.
ولكن مثل هذا القول كان ممكنا قبوله لولا أن البابا كان له موقفه الدائم السلبي من عدد غير قليل من سياسات واشنطن العالمية، حتى وصل الأمر إلى خلاف حاد عندما قامت بغزو العراق، وهي المواقف التي اتخذها بقوة أخلاقية في نفس الوقت الذي لا يفقده احترام وود القادة الأمريكيين، الذين يبحثون عن شرعية وسط أصوات مواطنيهم من الكاثوليك.
وبشكل ما فإن البابا بات يشكل وحده تقريبا، نوعا من مركز الأخلاق العالمي في قضايا متعددة لها جوانبها المحافظة، ولكن أيضا لها جوانبها الداعية إلى العدل والتراحم بين البشر. وبالتأكيد فإن ثورة الاتصالات العالمية قد أعطت كلمات الرجل وشخصه وهو يتحرك تحت الرصاص واحتمالات الاغتيال زخما إضافيا في القدرة على التعبئة والإلهام.
وبشكل ما فقد صار شكل الرجل وملامحه وتلويحات يده، والحمام الذي يطلقه كل أحد من شرفة مركزه العتيد في الفاتيكان، ورحلاته إلى قارات العالم الست، وأركان الدنيا الأربعة المنقولة في التو واللحظة تخلق في النهاية عبر شاشات التلفزيون ظاهرة ملهمة.
كل ذلك خلق شخصية روحية كونية دون مصدر واحد من مصادر القوة المادية، صحيح أن هناك من يشير إلى الموارد الكنسية الهائلة، إلا أنه لم يوجد أبدا ما يشير إلى استخدامها كمصدر من مصادر القوة. ولعل ذلك يعطي مثالا ملهما لكيفية التأثير الروحي لأصحاب الديانات والعقائد الأخرى التي يمكنها لعب دور ليس فقط في حماية عقائد أصحابها، بل أيضا تعميق ارتباطهم الأخلاقي والروحي في العالم من خلال سلاسل مختلفة لحوار الحضارات وحوار الأديان. فليس ضروريا أن يكون حديث أصحاب الأديان مشفوعا دوما بالتهديد والوعيد، ومرتبطا باحتمالات حمل السلاح ساعة المواجهات العظمى والصغرى.
أما الدرس الذي يمكن للعالم العربي والإسلامي أن يستفيد منه، فهي أن المكانة الروحية والأخلاقية لها قدراتها العظمى على التغيير الفردي والجماعي عن طرق الرسالة والكلمة والإقناع. وربما كان هذا ما يحتاجه عالمنا في هذه اللحظة، فرغم تعدد الأطر التنظيمية التي تربط العرب والمسلمين من أول الجامعة العربية، وحتى منظمة المؤتمر الإسلامى، ورغم أن قنوات ومحطات الإذاعة والتلفزيون والصحافة والإعلام العالمي كانت متاحة طوال الوقت للعرب والمسلمين، فإن هؤلاء حتى هذه اللحظة لم ينجحوا في إرسال رسالة عالمية إنسانية رغم حملهم لدين جاء رحمة للعالمين.
وحتى عندما جاء العديد من الحركات الإسلامية العنيفة وغير العنيفة إلى ساحة الفكر العالمي، فإن ما طرحوه من مناهج لم يكن مغريا للتبني من قبل العالم، بل كان في كثير من الأحوال ساعيا إلى الانعزال عنه; وحتى من قالوا بضرورة عودة الخلافة الإسلامية باعتبارها مركزا كونيا للدين والملة اهتموا بالمنصب والمكانة، أما الرسالة فقد بقي التفكير فيها مؤجلا إلى ما بعد الاستحواذ على مركز القيادة.
إنها مسألة تستحق التفكير حقا..!
04-13-2005, 01:13 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال - بواسطة بسام الخوري - 04-13-2005, 01:13 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  هل من قداسة لشهيد ؟ Awarfie 13 3,184 05-30-2009, 09:44 AM
آخر رد: Awarfie
  بابا الفاتيكان عند الشيطان بوش ....والله عيب ياقداسة البابا بسام الخوري 7 1,571 04-19-2008, 12:39 PM
آخر رد: rambo
  مواقع للمقالات و الدراسات العلمانية حسام يوسف 2 1,373 08-20-2007, 04:09 PM
آخر رد: ماجن
  كتاب محمد عمارة "فتنة التكفير" يستبيح دماء الأقباط .. ثم يكلمونك عن إهانات البابا بنديكت !!! Beautiful Mind 13 3,773 01-16-2007, 01:14 AM
آخر رد: بهجت
  الترجمة الكاملة و المتخصصة لمحاضرة البابا في جامعة ريغينسبورغ ليلين 29 7,041 11-02-2006, 01:29 PM
آخر رد: اسحق

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS