نائبة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية: خلافاتنا مع سورية تتعدى ما وصفه الشرع بـ «سوء التفاهم»
دعت لإبقاء دمشق «معزولة» إلى أن تنفذ استحقاقاتها
لندن: عمار الجندي
نفت ليز تشيني، كبيرة نواب مساعد وزير الخارجية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن تكون الخلافات بين واشنطن ودمشق مجرد «سوء تفاهم» كما قال أخيرا وزير الخارجية السوري فاروق الشرع، ولفتت الى أن بلادها ترى أن «من الضروري أن يتنحى (الرئيس عمر) كرامي جانباً» إذا كان عاجزاً عن القيام بمهمته (تشكيل الحكومة اللبنانية)، «فقد حصل تأخير إثر تأخير وينبغي تشكيل الحكومة وتنظيم الانتخابات». واعتبرت أن هناك «استحقاقات كثيرة» مترتبة على النظام السوري، لن يعفيه منها الانسحاب الكامل والفوري» من لبنان. ورأت أن من الأهمية بمكان أن تكون مطالبة دمشق بتنفيذ هذه الاستحقاقات واسعة تشارك بها دول المنطقة، داعية الى «استمرار الانسجام» في هذه المطالبة لإبقاء السوريين «معزولين». وأوضحت أن سفيرة بلادها في دمشق لن تعود قريباً الى مقر عملها، محذرة السوريين من ارتكاب أي خطأ في حساباتها بلبنان. واشتكت المسؤولة الأميركية، التي كانت تتحدث أمس لقلة من الصحافيين العرب في لندن، من أن مواقف بلادها وسياستها في الشرق الأوسط تعاني من التشويه «المتعمد» أحيانا. وقالت إن ثمة «فوضى أو سوء فهم لالتزامات الولايات المتحدة بشأن الديمقراطية والحرية في الشرق الأوسط». ولدى تذكيرها بأن أسلوب تعامل واشنطن حالياً مع الملف السوري يعزز سوء الفهم المفترض هذا، لأنها تكاد لا تذكر حقوق الإنسان في إطار انتقاداتها لدمشق وتحاور مجموعات لا وزن سياسيا لها في الداخل كـ«حزب الإصلاح السوري»، أشارت الى استعدادها للتداول مع أي جهة سورية، وقالت «أرحب بفرصة الحديث مع أي كان ( من سورية)». وأضافت أن «عدداً من السوريين الذين التقينا بهم في واشنطن لم يكونوا أعضاء في هذه المجموعة بذاتها (الإصلاح)». واعتبرت أن لقاءها بهم كان «ناجحاً جداً وقد تبادلنا الأفكار والآراء، ويسعدني أن أناقش قضايا الديمقراطية مع أعضاء آخرين للمعارضة السورية». ولم تستبعد تشيني فتح حوار مع أي فصيل سياسي سوري مثل «الإخوان المسلمين» أو غيرهم طالما أن نشاطهم لا يتعارض مع المبادئ الأميركية الأساسية، وقالت «بالنسبة الى الإخوان المسلمين نحن بحاجة الى الحديث عن آرائنا بخصوص الأحزاب المختلفة». وأضافت «إذا كنت حزباً دينياً أو علمانياً فإن هناك خطوطاً حمراء معينة تشتمل على العنف، فالأحزاب التي تمارس العنف ليس لها دور مناسب في العملية السياسية بغض النظر عن الدولة (التي تنشط فيها)». وزادت أن شرعية حزب معين مشروطة بتعهده المسبق «بأنه إذا وصل الى السلطة فسيكفل الحريات للآخرين، بما في ذلك حرية المرأة». وقالت المسؤولة الأميركية «إننا نؤيد نيل الجميع الحرية، ولهذه الرسالة علاقة بسورية بقدر ما لها علاقة بالشعب اللبناني». وأردفت «إن تركيزنا حالياً هو على انسحاب السوريين الفوري وضمان أن يكون الانسحاب كاملاً لقواتهم واستخباراتهم». وأضافت «وحول هذه النقطة، ففي غاية الأهمية أن يشكل اللبنانيون حكومة». وحملت قسطاً من مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة اللبنانية «للمماطلة السورية»، موضحة أن «المجموعة الدولية تركز على ذلك، ومن المهم بصورة واضحة أن يبادر الرئيس اللبناني فوراً الى تشكيل حكومة وتنظيم هذه الانتخابات». وسُئلت عن كيفية إمكان تحقيق التغييرات التي طالبت بها أخيراً وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، إذا قررت دمشق المضي في إجراءات «المماطلة» تلك، فأعربت عن قناعتها في «أن العامل الأساسي (لتنفيذ التغييرات) هو أن الولايات المتحدة يجب ألا تقول ذلك بمفردها، وأن يسمع السوريون ذلك من دول المنطقة» فضلاً عن «الفرنسيين ومن الأمم المتحدة، عبر تيري رود لارسن». وتابعت «يجب أن يكون هناك جهد دولي وموقف دولي موحد لعزل السوريين تماما». وأضافت «يجب أن يفهم السوريون أن استمرار الحسابات الخاطئة واستمرار المحاولات للتأثير بالانتخابات (اللبنانية) وأي محاولة لبث الفوضى أو إثارة العنف في لبنان ستكون خطأ خطيراً وستكون حساباً خاطئاً ستحملهم المجموعة الدولية مسؤوليته». وذكرت أن من المهم بصورة خاصة أن يتبلغوا من الجميع «أن أحدا لا يقف الى جانبهم». وهل يمكن أن تفكر واشنطن بالتلويح بالعصا، استناداً الى القرار 1559 أو غيره، أو بعزمها على محاسبة القيادة؟ قالت تشيني «لقد كنا واضحين للغاية معهم وسنبقى واضحين، فلديهم استحقاقات يجب أن ينفذوها». وسُئلت عن مدى صحة معلومات ترددت حول مطالبة واشنطن للرئيس بشار الأسد بإزاحة 12 مسؤولاً من حكومته المصغرة، فقالت «حالياً تركيزنا على ضرورة انسحاب السوريين من لبنان». وأضافت «لقد أوضحنا بصورة لا تقبل الشك أن على السوريين أن يتحركوا الآن على هذه الأصعدة كلها في الوقت نفسه، والانسحاب من لبنان يجب أن يتم بغض النظر عن القضايا الأخرى». الى ذلك اثنت تشيني على الاجراءات التي اتخذتها السعودية اخيراً في إطار الاصلاحات السياسية، لاسيما الانتخابات البلدية. واضافت «نعتقد انه يجب ان تشارك النساء في التصويت والترشح في الانتخابات»، لافتة الى ما ذكره وزير الخارجية الامير سعود الفيصل قبل اسابيع عن توقعاته بمشاركة المرأة في الانتخابات المقبلة. وزادت «ونحن نرى ان تطورات ايجابية قد حصلت ونتمنى ان تتواصل». وتابعت «ونتطلع للتعاون مع السعوديين بشأن الاصلاحات الاقتصادية والسياسية وقد اجرينا مناقشات جيدة معهم في واشنطن». وقالت المسؤولة الاميركية إن مصر شهدت بدورها تطورات مهمة. وأعربت عن اعتقادها «انه ستكون هناك اعلانات في الاسابيع القليلة المقبلة حول الانتخابات وكيفية اجرائها».

http://www.asharqalawsat.com/view/news/200...,15,293688.html