23 مثقفاً سورياً يكتبون على دروب الاستقلال الثاني في سوريا ولبنان

في هذا العدد الخاص الذي يفتح صفحاته لإثنين وعشرين مثقفاً سوريا، يواصل الملحق الدور الثقافي الذي يضطلع به لمناقشة قضايا الخلق والنقد والحرية والديموقراطية في لبنان والعالم العربي. ويأتي هذا العدد غداة أحداث وتحولات كبرى في لبنان، منها الذكرى الثلاثون للحرب اللبنانية، وانتفاضة الاستقلال، وانسحاب الجيش السوري ومخابراته بعد نحو من ثلاثين عاماً من الهيمنة. كما يتزامن مع الذكرى التاسعة والخمسين لعيد الجلاء في سوريا. وقد فتحت هذه القضايا المجال واسعاً أمام أسئلة جوهرية ملحّة، لبنانية سورية مشتركة، في مقدمها أن الهمّ الديموقراطي والتغييري الذي يشغل المثقفين، في البلدين ولدى الشعبين على السواء، هو الهمّ الذي يجعلنا نلتقي جميعنا، لبنانيين وسوريين، على دروب الحرية والديموقراطية والاستقلال والمستقبل. زميلنا الكاتب السوري ياسين الحاج صالح تولى تنسيق هذا العدد مع المثقفين السوريين الذين ننشر مقالاتهم وفق ترتيب محض تقني، وهم على التوالي، الى افتتاحية منسّق العدد، برهان غليون، طيب تيزيني، حسين العودات، جاد الكريم الجباعي، حسان عباس، ابرهيم صموئيل، سمير العيطة، أسامة محمد، فارس الحلو، عبيدة نحاس، هالا محمد، موفق نيربية، منذر مصري، منذر بدر حلوم، محمد علي الأتاسي، علي العبدالله، منير الخطيب، حسان شمس، رزان زيتونة، بكر صدقي، ولؤي حسين. وقد رسم العدد، غلافاً وصفحات داخلية، زميلنا الرسام السوري يوسف عبدلكي.

الملحق

بعد ثلاثين عاما على اشتعال الحرب اللبنانية يبدو لبنان مقبلا على قطيعة مع ماضييه القريبين: الحرب والهيمنة السورية. وفي الذكرى التاسعة والخمسين لعيد الجلاء في سوريا الذي يصادف اليوم تبدو سوريا على أعتاب انقضاء زمنين: الهيمنة الإقليمية والهيمنة الداخلية. تحديات الاستقلال الثاني تطرح بحدة على البلدين. السؤال في لبنان، كيف يكون الانسحاب السوري الخطوة الأولى في بناء لبنان ديموقراطي سيد وموحد ويضمن المساواة لمواطنيه؟ السؤال في سوريا، كيف يكون الانسحاب من لبنان خطوة أساسية نحو طي صفحة نظام الهيمنة الداخلي والخروج من الضيق الخانق المحروس بالتوأمين: حال الطوارئ ونظام الحزب الواحد، نحو رحابة التعددية والحريات العامة ونظام تمثيلي يقوم على انتخابات حرة وتنافسية؟

دون ذلك في الحالين مصاعب أكيدة، والأمل ألا تكون أهوال.

نظريا، يتيح التخلخل الحاصل لبنى نظام الهمينة مشاركة أوسع للمواطنين في الشؤون العامة لبلديهم. هذا ما شهدنا في لبنان. لكن حدة الإقصاء السياسي للمواطنين من الحياة العامة كانت على الدوام أكبر في سوريا مما في لبنان. لذا يتفرع عن السؤال السوري الأساسي عدد من الأسئلة الفرعية، مثل: كيف يمكن اتساع دائرة مشاركة المواطنين في الشؤون العامة لبلدهم أن تأخذ شكلا ديموقراطيا؟ كيف نضمن أوسع مشاركة بأقل الأخطار على الاستقرار وبصورة سلمية؟ وما الثمن المحتمل لذلك وكم من الوقت يستغرق؟ كيف يمكن سوريا أن تكون دولة تضمن الحرية والتساوي في الكرامة لمواطنيها جميعا وأن تصون حقوقها الوطنية وتحافظ على سيادتها؟

في لبنان نفسه ليست الأمور سمنا على عسل. لكن يبدو لنا ان الأخطار على لبنان سياسية، فيما قد تكون الأخطار على سوريا كيانية.

هذا العدد من الملحق فسحة تفكير يتأمل فيها كتاب سوريون في شؤون بلدهم و يتدخلون في الشأن اللبناني ويناقشون العلاقة بين بلدينا. لقد كان من الواضح خلال السنوات الأخيرة أن ضعف قبضة نظام الهيمنة واستعادة الثقافة بعضا من حيويتها في سوريا، وثيقا الترابط. وان يكون لبنان وصحفه ومجلاته هو حاضن الكتاب والمبدعين السوريين لأمر يشير إلى وحدة الكفاح من أجل الحرية في البلدين. وأولها وحدة عمل المثقفين وتفاعلهم في البلدين.


ياسين الحاج صالح