{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الهوية القومية .. وطنية ام عربية ؟ , مصر نموذجا
Beautiful Mind غير متصل
Banned

المشاركات: 1,881
الانضمام: Jul 2003
مشاركة: #38
الهوية القومية .. وطنية ام عربية ؟ , مصر نموذجا
من كتاب "مقالات في الهوية" الصادر عن "جماعة تحوتي للدراسات المصرية"
عن دار "المحروسة" للنشر و الخدمات الصحفية و المعلومات
المقدمة : يكتبها "فتحي سيد فرج"

==========
هناك من يرفض مفهوم الهوية من منطلق انه لا توجد مقومات ثابتة و كل شئ قابل للتغيير و أن التوقف و الدفاع عن هوية بعينها هو دفاع عن الثبات و الجمود.
بل ان الامر قد وصل إلي التشكك في مفهوم الهوية أساسا بإعتبار ان الهوية عبارة عن تجريد قسري و قمعي للخصوصيات في خصوصية بعينها و يتم تحويل الهوية إلي ساحة حرب, فالفكرة تتحول إلي مبدا للسيادة و الهيمنة, و تجري عملية تقديس اي عزل عن التناول الموضوعي لتصبح مبدا قيميا يدور حول ثنائية الخير و الشر فالمدافعون عن الهوية المختارة هم انصار الخير حملة العقيدة في حين يتحول رافضوها إلي خونة لذا فان كل الهويات ملعونة, الهوية الحاكمية ملعونة, و الهويات الوطنية قومية او فرعونية ايضا ملعونة.
و يبدو ان السبب الرئيسي للغلحاح و التركيز على طرح موضوع الهوية في هذا الوقت بالذات هو المفارقة التي تعيشها مصر و المتمثلة في حالة التردي العام على المستوى الغقتصادي و الثقافي و الإجتماعي و التي لا تتناسب مع مقدراتها من الثروات الطبيعية و إمكاناتها من القوى البشرية و عدم تبوئها مكانها اللائق في مصاف الدول الناهضة هذا في وقت يبدو ان بعض المصريين قد بداوا ينتبهون فيه إلي إمكانية غعادة النظر في الكثير من المسلمات و البحث عن اسباب هذة المفارقة من اجل العمل على إستنهاض هذة الامة.و في حقيقة الامر انه ليست هناك شعب تعرضت هويته لمثل ما تعرضت له الهوية المصرية.
فبالرغم من ان هذا الشعب كانت له حضارة متميزة استمرت لاكثر من ثلاثة آلاف عام تعتبر واحدة من أعظم الحضارات الممتدة عبر التاريخ و كان لهذة الحضارة انجازات مازالت الشواهد التاريخية و الأثرية باقية عليها تتحدى الزمن.
و قد تميزت هذة الحضارة بمجموعة من السمات و الخصائص و المقومات برزت من خلال صراع و تفاؤل الإنسان مع البيئة و الطبيعة و تتمثل هذة المقومات في تحقيق الوحدة القومية و بروز دور فعال للدولة المركزية. و اهمية النظام و الإنضباط في التعامل مع نهر النيل.
و كانت مصر في فترات الإزدهار تتمتع بالإستقلال و وجود صفوة من رجال السيف و القلم من ابنائها و يتم إحترام التعددية في الإنتاج و المعتقدات. و سيادة روح العقلانية و العلم و كان الإنسان المصري دائما شديد التمسك بالأرض و الإنتماء للوطن. كما كانت المراة تتمتع بكامل حقوقها وتشارك في الحياة العامة و العمل المنتج. كما تميزت الحضارة المصرية بغبداع فكرة المؤسسات و آليات العمل المستمر. فأسست المعابد كمؤسسات علمية و روحية و أنشات المدارس.
و كانت الدولة المركزية تقوم بمهامها الأساسية في حماية هذة الواحة الممتدة بطول الوادي و العمل على صيانة الموارد الطبيعية و المحافظة على عناصر الإنتاج خاصة نهر النيل و العمل على ان يتم توزيع المياة بحيث يحقق أكبر قدر من الإنتاج و في ظل هذة الحضارة الراسخة توصل المصريون من خلال دورة الفيضان و الزراعة و الحصاد إلي التقويم الشمس المتوافق مع إستمرارية الحياة و الوجود و وهبوا الوعي بالضمير لكل البشرية.
كما كانت الأبجدية الهيروغليفية اول أبجدية للكتابة مما جعل "ألان جاردنر" عالم المصريات يشير إلي ان التاريخ قد ظل في حكم العدم حتى إستطاع المصريون إكتشاف الكتابة قبل نهاية حقبة ما قبل الأسرات. و قد سجل المصريون بهذة الأبجدية كل ما توصلوا إليه من علوم و فنون و فلسفات و أصبحت هذة اللغة هي أرقى اللاشكال التعبيرية عن الحضارة المصرية مما دعا "جيمس هنري بريستيد" الي القول : إن قهر المصريين للمعادن و تقدمهم في إختراع أقدم نظام كتابي قد وضع في أيديهم السيطرة على طريق التقدم الطويل و الحضارة.
و قد ظلت المقومات الاساسية للحضارة المصرية قوية و فاعلة فيما عدا بعض فترات الإضمحلال التي إنحلت فيها و تدهورت بعض هذة المقومات حين تعرضت الوحدة القومية للضياع و سقطت الدولة المركزية و تعددت العواصم و الملوك خلال فترات قصيرة.
و مع ذلك إستمرت مصر دولة مستقلة متماسكة تحت حكم أسرات مصرية خالصة حتى قرابة القرن العاشر قبل الميلاد. و لكن منذ أوائل الألف الأول قبل الميلاد شهدت مصر تطورات سريعة متلاحقة أدت إلي سقوط العنصر الوطني و خضوع البلاد لسلسة من البيوت الأجنبية الحاكمة.
و قد بدات عوامل الضعف منذ الأسرة العشرين بمواجهة ألوان من الخطر الداخلي يتمثل في الفتن و الحروب الأهلية و انحلال القوى العسكرية بدخول المرتزقة الي الجيش المصري. و كان ذلك بفعل سيطرة الكهنة و رجال الدين على كثير من مناصب الدولة. و قد أدى ذلك إلي سهولة خضوع البلاد للإحتلال الفارسي فالإغريقي فالروماني و من ثم إلي قبول و عدم مقاومة الغزو العربي.
و قد تعرضت مصر منذ الغزو الفارسي لإستلاب الهوية و ضياع أغلب مقومات الحضارة المصرية و طمس معالم الشخصية القومية. و إنحلت الوحدة القومية و إرتدت إلي الحكم الموزع بين الأقاليم كما أن الحروب مع الآشوريين و الفرس أدت الي القضاء على الطبقة العسكرية بالإعتماد على الأغارقة المرتزقة في الجيش المصري و من ثم إندثار العزة القومية.
و في ظل حكم الغزاة دخلت المسيحية إلي مصر و بعد إعتمادها كدين رسمي دخل المتعصبون المسيحيون في صراع مع العبادات المصرية القديمة مما ادى إلي تدمير المعابد و تعذيب الكهنة و العلماء و تخريب المتاحف و المكتبات و إذا كان المصريون قد إحتفظوا بلغتهم خلال هذة العصور إلا أنهم كانوا يكتبونها بحروف يونانية مما ادى إلي ضياع مفتاح الكتابة الهيروغليفية.
و كانت مراحل الإحتلال الفارسي و الإغريقي و الروماني مرحلة ذات طابع خاص في تاريخ مصر اندمج فيها المصريون في بوتقة العالمية و لكنهم ظلوا يقاومون الغزاة و الإحتلال الأجنبي.
غير أننا ما ان نصل إلي العصر العربي الإسلامي في القرنين السابع و الثامن الميلادي حتى نجد فجوة تفصل بين حاضر مصر و ماضيها أن مصر التي ألفتها العين سواء كانت مستغلة أو مستعمرة تبدو و كانها إختفت تماما و فقدت أي تميز قومي و أصبحت جزءا من العالم الإسلامي الذي تنازعته و مزقته بعد ذلك الحروب و الخلافات و عوامل التحلل و الإنهيار.
و أخطر ما واجهته مصر و أحدث قطيعة مع سياقها التاريخي كان التعريب الذي لم يقتصر على الشكل او المظهر و إنما مس صميم الجوهر و الموضوع فلم يكن العرب فاتحين هدفهم الإستيلاء أو الإستيطان بل كانوا حملة رسالة هدفها تغيير النفوس من الداخل و عقيدة تستطيع ان تتسلل إلي الوجدان, يستطيعون حمايتها و نشرها بالجدل و السيف معا.
و لعل ذلك ما جعل جمال حمدان يرى أن إنقلب التعريب إنما يشكل إنقطاعا هاما للغاية في الناحية اللامادية أي في الحياة الثقافية و الروحية للشعب المصري.
و هذا الإنقطاع يمثل نقطة تحول حاسمة و خط تقسيم فاصل في وجودها اللامادي و هكذا نجد ان كثير من مقومات الثقافة المصرية قد تم طمسها. و ان الإنسان المصري قد أصبح بلا ملامح و ان الهوية الوطنية قد تم تغييبها أو إستلابها. و قد ادى غنهيار الحضارة الفرعونية و طوال فترات الإحتلال الاجنبي و الصراع بين المسيحية و الأديان المصرية القديمة و تعريب مصر و دخولها في عصور الإنحطاط و الإستبداد تحت نير الحكم العثماني الذي قضى على ما تبقى و ادى إلي طمس ذاكرة المصريين التاريخية.
و الشواهد على ضياع مقومات الشخصية المصرية كثيرة فقد توقفت حركة الإبداع و التطور الحضاري و سقطت الإرادة السياسية للافراد و المجتمع و تحولت مصر من مجتمع منظم و متحضر إلي مجرد مجتمع بشري و إنكفأ اللفلاح المصري على العمل الزراعي و سادت مصر ثقافة ذات مرجعيات غريبة عن الشعب المصري و خارجة عن صلب تكوينه و مصالحه و تشتت القدرات و غاب الإطار المنتظم و برزت ظواهر الإستلاب المعنوي و طوال فترات الإحتلال الحضاري لم يبرز أي فرد مصري في مجال العلوم او الفنون بأي مساهمة حقيقية في تطور الإنسانية.
و ادى إحتلال الفرس و اليونان و الرومان و العرب لمصر إلي ضعف الإحساس بالروح القومية و ضاعت ملامحهل التي كانت تستمدها من خصائصها الذاتية و لم يعد المصريون يعود أنهم أصحاب قومية خاصة. و حدث تحول كامل في حياة مصر فصلها فصلا تاما عن تاريخها السابق. و أصبح المصري المسلم ينظر إلي الإسلام كأساس لحضارته و يعتبر العصور السابقة على الإسلام و كأنها تاريخ شعب آخر إنتهى امره.
كما ان فرض لغة أخرى مخالفة للغاة القومية و ضياع هذا المنجز الحضاري الفريد المتمثل في اللغة المصرية القديمة أدى إلي إنطفاء مشعل الحضارة و أصبح الإنسان المصري يقف مشدوها أما ما هو منحوت من رموز و كتابات على المعابد و في البرديات التي خطها اجداده و وضعوا فيها خلاصة جهدهم مثله في ذلك مثل أي اجنبي لا ينتمب إلي هذة الحضارة.
و غذا كانت مصر قد بدات تدفع الجزية للاجانب بشكل منتظم منذ الغزو الفارسي و حتى وقت قريب و طوال هذة الفترات كانت قوة عمل المنتجين المصريين تسقط في أيدي الغزاة الذي يكونوا يكتفون بالإستيلاء على الإنتاج و غنما كانوا ينزحونه إلي خارج البلاد. مما كان يصيب مصر بالمزيد من الفقر و يصيب أوضاعها الإقتصادية بالإضمحلال.
كما أن تخلي الحكام الاجانب عن القيام بدور حماية و صيانة الموارد الطبيعية أدى إلي إندثار أفراع النيل و غنخفاض مساحة الأرض الزراعية و إنتشار المجاعات و التي كانت تصل إلي مجاعة كل 8 سنوات خلال الحكم المملوكي و العثماني. و من ثم إنخفاض عدد سكان مصر خلال فترات الإحتلال.
و لكن يبقى أن أبرز عوامل ضياع الشخصية المصرية جاءت بعد حرمان المصريين من حمل السلاح فطوال فترات الإحتلال حرص حكام مصر من الاجانب على إبعاد المصريين عن حمل السلاح او الدخول إلي الجيش.
و إذا كان الجيش الوطني هو الرحم الذي يتولد في داخله الإحساس بالإنتماء و تنمو في النفوس مبادئ التضحية و القداء من أجل الغستقلال و الحرية فغن حرمان المصريين من حمل السلاح كان له مجموعة من الظاهر السلبية في حياة الامة و الافراد من أهمها ان مهمة الدفاع عن الوطن في أيدي قوى أجنبية غازية مما ادى إلي تدهور و ضمور الصفوة المصرية. و فقدان المواطن المصري لدوره في حماية كيانه الوطني مما افقده عزته الوطنية. و من المعروف ان من يملك مصادر القوة تكون له اليد العليا في صيلغة اسس الحكم. و طوال فترات الإحتلال كانت القوة في يد الغزاة الاجانب مما ادى إلي فقدان الإنسان المصري لمصادر القوة الحقيقية و إلي دخوله غلي حالة من الإنسحاب الحضاري و لم يكن له دور سوى الإنتاج و تدبير كل ما يلزم لمن يوفر له الحماية و قد أسهم هذا الوضع في شيوع السلبية و اللامبالاة و عدم الإنتماء و إستلاب الهوية.
إلا يحق لشعب عانى كل ذلك أن ياتي يوما ليتساءل و يبحث عن جذوره القومية و هويته الحقيقية. و هل يكون أي شعب ان يكون قادرا على تحديات الحاضر و إستشراف آفاق المستقبل دون أن يكون على وعي كامل بحقيقة هويته ؟
04-20-2005, 07:38 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الهوية القومية .. وطنية ام عربية ؟ , مصر نموذجا - بواسطة Beautiful Mind - 04-20-2005, 07:38 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  سؤال الهوية : بين دور العائق ومسوغ الإقلاع رشيد عوبدة 0 517 09-21-2012, 10:43 PM
آخر رد: رشيد عوبدة
  تعمد الخلط بين القومية والليبرالية ( فكرة صهيونية بحتة ) - بقلم الكاتب / طارق فايز ال طارق فايز العجاوى 0 620 06-19-2012, 06:46 PM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  ما هيا العلاقة بين القومية العربية و الاشتراكية wa7ed masry 0 719 06-17-2012, 05:17 PM
آخر رد: wa7ed masry
  مجتمعاتنا العربية والإسلامية وورطة الهوية زيني عبّاس 0 498 12-10-2011, 11:09 AM
آخر رد: زيني عبّاس
  أزمة العقل الأصولي .. العولقي نموذجا.! بهجت 12 3,709 10-06-2011, 03:56 PM
آخر رد: بهجت

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS