فرج فوده كما عرفته .
قبل التعرض لفكر فرج فوده سوف أقدم شهادة شخصية أرجو أن يتسع لها صدركم .
إنني أعلن شهادتي الشخصية في هذا الموضوع..و يعلم الله أني حاولت أن أكون منصفا ، بصرف النظر عن رأيي الخاص. و ليس هدفي هنا الدخول في مناظرة حول المرحوم د / فرج ..و هو صديق أزعم أني أعرفه جيدا .. و لكنها شهادة أقدمها لكم ، أحاول فيها إن أكون مخلصا للحقيقة دون سواها ..و أستعيد قول أفلاطون ( إن حبي لسقراط كبير ..و لكن حبي للحقيقة أكبر ) ..

1- فرج الإنسان .. زاملت د / فرج لمدة 30 عاما أو تزيد ، و على فترات متباعدة من حياتي، رغم ذلك التباعد كنت أعده أقرب أصدقائي إلى قلبي ، و أكثرهم احتراما .. خلال تلك الرحلة اتفقنا في أشياء و اختلفنا في البعض . و لكنه ظل دائما صديقي الأثير ، كان فرج مثالا لعفة اللسان ، و قوة المنطق ، و فوق كل شيء الوطنية الصادقة .. كنت أراه أكثر المثقفين شجاعة في التعبير عن أفكاره ، و امتلاكا لناصية اللغة ، و كان دائما مقداما يتحدى إعصار طاغ ، و يواجه منفردا مارد التعصب المقيت ، الذي خرج من قمقمه يدمر كل شيء على وجه مصر بادئا بالمقامر الذي فك تميمته و أطلقه في سماء الوادي القديم ( السادات ) !.بالقطع لم يكن فرج فارس العصر القديم ، و لكنه رجل شجاع في صمت ، كريم في تواضع ، شديد الاعتزاز بنفسه و قدراته ، يحمل قلب طفل بريء ، و حماس عاشق أبدي ، لم يكن يؤمن فقط أن الإنسان مواقف ، بل سعى بكل طاقته لتحقيق ذلك !. حاولت قوى الظلام بشتى الطرق إسكات فرج فوده ، ليس بالمنطق و الحجة ، بل بالترهيب ، الذي وصل لخطف نجله ، و الترغيب فقد عرض عليه الشريف ( أحد رموز الإخوان الاقتصادية ) أن يدعم الإخوان أعماله ، و لكن بدون جدوى . وأدى موقف د/ فرج فوده إلى تعثر أعمال مكتبه الذي كان مزدهرا ..

2- فرج فوده المفكر . يرى البعض خاصة من حاسديه أن فوده كان عاشقا للشهرة باحثا عن الإثارة . ولكن هل هناك عاقل يريد أن يكون على قائمة الإرهابيين ؟ ناهيك إن يكون على رأس القائمة ، ولو كانت كل تلك التهديدات التي أعلن فوده أنه تلقاها محض دعاية ، فكيف نبرر أن هؤلاء الإرهابيون قتلوه بالفعل ؟.و هناك من يردد أن فوده قتل نفسه بأسلوبه الاستفزازي !. فهل نجا د/ فؤاد زكريا أو د / وحيد رأفت أو المستشار سعيد العشماوي أو د/ حسين أمين و غيرهم من محبذي النقاش الهادئ من قوائم الاغتيال الإرهابية ؟؟. إن الفرق بين د/ فرج و بينهم أنهم رجال فكر و هو رجل سياسة .. و لكل أسلوبه .. كما كان فرج أكثر جرأة و حماسا ، وأعتقد أن د / فرج بالغ في إضفاء مسحة ساخرة في كتاباته أحيانا ، كما بالغ في تبسيط أفكاره كثيرا ، مما جعل كتاباته تفتقد في بعض الأحيان الرصانة الفكرية ، و تصبح أشبه بالمحاضرات الشعبية ..و لكن هذا الأسلوب معروف و ناجح للغاية في السياسة ، و ليس في الفكر بالطبع ..و فرج فوده سياسي و ليس رجل فكر بالمعني العلمي الدقيق . و هذه حقيقة غابت عن الكثيرين .. ومن يعرف د / فرج جيدا يعلم أنه لم يحفل كثيرا بالثقافة المجردة .. بل هو دائما سياسي يبحث عن الدور المناسب !!!. و بسبب جاذبيتها و شعبيتها ، أعيد نشر الكثير من كتبه و مقالاته في معظم دول المغرب العربي و أيضا في بعض الدول العربية المشرقية و بعضها ترجم ، و بدون أي موافقة منه غالبا أو عائد مادي . و كان سعيدا للغاية بهذا الذيوع ، خاصة في الإعلام الغربي الذي جعل منه ( سوبر ستار ) صغير .. و لا أعتقد إن أحد يرفض النجاح .