خرافة علاج فيروس «سى» بـ «بــول» الإبــل




لأن الرقابة غائبة.. والوعى مفقود.. والأمل يراود الجميع دون التفكير ولو لحظة واحدة أنه وهم.. فقد استغل بعض النصابين هذه التوليفة وعزفوا على حلم المرضى بالشفاء بابتكار بدعة جديدة ومهينة تقول أن بول الإبل هو الحل السحرى لعلاج الأمراض المستعصية.. هؤلاء النصابون وصلوا مرحلة من الجرأة أعلنوا عن اختراعهم فى عدد من الصحف اليومية الوقورة بشكل فج، ووضعوا على الإعلان صورة جمل. وكتبوا على الإعلان «من مزارعنا رأسا إليك».ولأن صاحب الإعلان على درجة عالية من النصب والاحتيال، [SIZE=5]فقد حدد الكورس بـ تسعين يوما يقوم خلالها المريض بشرب ألبان وبول الإبل كل صباح دون توقف، وإذا حدث وتوقف يوما واحدا يكون المفعول قد ضاع وعليه أن يعيد الكورس من جديد. فبعد قراءة الإعلان الذى يطل علينا فى الصحف اليومية صباحا ولمدة يومين أسبوعيا . الغريب أنه عندما تتصل بهم بعد الثالثة عصرا لطلب دوائهم يؤكدون لك أنه قد نفد تماما وعليك حجز طلبك من اليوم ولمدة أسبوع أو شهر أو ثلاثة أشهر. الأغرب أنهم ينسبون هذا العلاج إلى الطب النبوى ويدعون أن الرسول «صلى الله عليه وسلم» هو الذى أوصى بذلك، وهو كذب وافتراء كما يقول الشيخ أحمد عبدالحليم المدرس المساعد بجامعة الأزهر الذى يؤكد أن هؤلاء يجب أن يقام عليهم حد الحرابة لأنهم يتاجرون بآلام وأحلام المرضى. فالرسول «صلى الله عليه وسلم» كان يتناول ألبان الإبل والأغنام والماعز ولم نسمع أو نقرأ فى يوم من الأيام أنه تناول أبوال الإبل أو أوصى بها لأحد.. وهؤلاء يحاولون استخدام الدين والزج به للترويج لسلعتهم وحتى يجدوا إقبالا كبيرا من المرضى خاصة مرضى الحالات المستعصية والتى عجز الطب عن علاجها، ويتعلقون فى أى أمل والأموال التى يأخذونها من المرضى أموال حرام لأنها سحت وأخذت بالنصب والاحتيال. ويؤكد: عندما تناول الرسول «صلى الله عليه وسلم» ألبان الإبل لم يقل أنها تشفى من الأمراض ولم يحدد ذلك بل كان يتناولها مثله مثل الصحابة وغيرهم، لأن الألبان عموما معروف عنها أنها مغذية وتقوى المناعة فى الجسم خاصة الأطفال. ويقول الدكتور محمد رءوف حامد أستاذ علم الأدوية بالهيئة القومية للرقابة وبحوث الأدوية: أى دواء فى العالم لابد أن يمر بخطوات علمية حتى نتأكد من فاعليته، ولابد من إجراء الأبحاث والدراسات عليه، تبدأ تجربته على الحيوانات، وإذا اكتشفنا أنه يعمل على تغيير أيديولوجى مقصود بمعنى إذا استخدمنا نوعا معينا من الدواء لعلاج الحالب مثلا وجد أنه يعمل على توسعة الحالب بالشكل المطلوب نكرر التجربة على مجموعة أخرى من الحيوانات أكبر من المجموعة الأولى بعدها نجرى البحث على مجموعة من الأشخاص المرضى وفى عدد محدود.. ثم يحول إلى المجالس الرقابية والبحثية حتى يتم إقراره وتتم دراسة الآثار الجانبية حتى لا نقع فى المحظور لأنه من غير المعقول إنتاج دواء له مفعول أكيد فى علاج جزء ما فى الجسم، لكنه يقوم بأضرار بالغة فى مكان آخر، فى هذه الحالة يكون الدواء غير فعال ولا يتم إقراره أبدا، لكن إذا وجد العكس بأنه دواء فعال وليست له أضرار جانبية حقيقية فى هذه الحالة يتم إقراره ويتم التصريح له بالتداول. يضيف الدكتور رءوف: حكاية استخدام أبوال الإبل كعلاج فهذا خطر جسيم ويجب محاكمة أصحاب هذه البدعة وتحويلهم فورا للتحقيق لأن أبوال الإبل لم يثبت قط أنها استخدمت كعلاج ولم تصدر بشأنها أية توصية علمية وحتى الذين يروجون لها بأنها تعالج بعض الأمراض وإن كان هذا غير صحيح فإنها يمكن أن تضر أجزاء أخرى من الجسم. فيمكن مثلا أن تسبب فشلا كلويا أو غيره من الأمراض الخطيرة، خاصة أن البول عموما به مواد سامة وضارة جدا، ومن الممكن أن تسبب أمراضا عديدة مثله مثل العلاج بالأعشاب الذى انتشر فى السنوات الأخيرة، ونادى به بعض مروجى الخرافات وتبين من خلال الأبحاث العلمية أن تناول الأعشاب دون إشراف طبيب يسبب العديد من الأمراض المختلفة، ويمكن أن يعالج جزءا فى الجسم ويضر الآخر، وهؤلاء الذين يتاجرون بالمرض من محترفى النصب والتزوير تجب محاكمتهم بأقصى عقوبة حتى يكونوا عبرة لغيرهم وحتى لا يحاول أحد من بعدهم المتاجرة بآلام المرضى خاصة الأمراض المستعصية والتى يتعلق فيها المريض بأى أمل يرجو من خلاله الشفاء. يقول الدكتور شريف عمر أستاذ أمراض الكبد: إن العلاج بأبوال وألبان الإبل غير صحيح بالمرة، وإننا كل يوم نسمع عن أنواع غريبة يروج لها بعض محترفى النصب بأنها تشفى من الأمراض المستعصية، خاصة مرضى الكبد وبالتحديد فيروس سى لمعرفة محترفى النصب بأن عدد المرضى بالملايين، ويتعلقون بأى أمل حتى لو كان هذا الأمل من الوهم، وأبوال الإبل يمكن أن تسبب أضرارا كبيرة للمرضى، وقبل ظهورها سمعنا عن حكاية علاج مرضى فيروس سى، بالحمام وثبت فشلها أيضا، ويجب على السلطات الصحية التصدى لمثل هذه الخرافات والخزعبلات التى لا تخرج ولا تنتشر إلا عندنا فى مصر، مما يسبب لنا حرجا بالغا فى الخارج عندما يواجهون بما يعلن فى وسائل الإعلام عن هذه العلاجات. ويؤكد: إن وسائل الإعلام عليها دور كبير فى الترويج لهذه الخرافات، وكان يجب عليها أن تتصدى لمثل هذه الخرافات، لكن الذى يحدث عندنا هو العكس تماما فبعض الصحف تجرى وراء الإعلان وتبرزه فى صفحاتها مهما كان الضرر من هذا الإعلان، لذلك نطالب جميع المسئولين بالتصدى لهذه الظاهرة. يقول الدكتور نادر فؤاد أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمى: ليس من المعقول أو المقبول أبدا أن يكون الرسول «صلى الله عليه وسلم» تناول بول الإبل أو أوصى به، وعلميا لم يثبت ذلك، والذين يروجون لمثل هذه الخرافات منعدمو الضمير والأخلاق وتجب محاكمتهم لأنهم سوف يضرون المرضى بتصرفاتهم الغريبة والعجيبة والتى تؤكد أننا فى مصر مازلنا نعيش العصور القديمة التى تنتشر فيها الأمية الثقافية والعقليات الفارغة التى لا تؤمن بالعلم والعلماء.

عصام عبدالجواد




http://rosaonline.net/alphadb/article.asp?view=1364