تحياتي بسام ..
دعني أكرر عليك ما قلته لفضل بذات الخصوص :
// فمنذ كامب ديفيد الأولى وحتى وادي عربة باتت الأمور واضحة تماما : سلام أكثر مقابل إصلاح أقل .. وكنت سابقا توقعت ذات النتيجة لسوريا لولا أن النموذج السوري مختلف قليلا .

في الواقع ، فقد كان حافظ الأسد (( أذكى )) من أن يوقع سلاما مع اسرائيل ستكون نتيجته انتهاء الحكم البعثي في سوريا تماما .. فسوريا لا تقبل القسمة على اثنين كمصر والأردن ..
مصر والأردن محكومان بنظامان يتسقان مع المفهوم العرب-أمريكي للديكتاتورية المنظمة والمعترف بها عربيا ويمتلكان حدودا دنيا من " المرونة " الداخلية عكس سوريا والعراق المحكومان بأنظمة شمولية قومية ثيوقراطية كان سيصعب عليهما اجراء سلام (( علني )) دون تنازلات كبيرة .. والتنازلات هنا ليست كبيرة وحسب بل نهائية إذا لا منطقة رمادية ، إما حياة أو موت .

تلك حقيقة كان يعرفها حافظ الأسد جيدا ، وأكدها بنيامين نتنياهو عندما أعلن أنه لا يمكن لإسرائيل أن تجري سلاما أو تطبيعا مع نظام ديكتاتوري كنظام الأسد //

بالمجمل .. فإن الإصلاح يعني نهاية حكم آل الأسد وليس التغيير في آليته ..
بالتالي : فلا إصلاح إلا (( بقرار )) دولي وليس بقرار داخلي لا من قبل النظام ولا من قبل الشعب ولا من قبل المعارضة .. هذا اذا افترضنا وجود شعب ومعارضة لهم شأن في هكذا تغيير .

النظام السوري كان على الدوام يحمي نفسه بالمتغيرات الدولية والإقليمية .. تلك الوصفة التي كان يتعاطاها لم تعد مجدية ليس من الآن بل منذ مؤتمر مدريد الذي تمخض عن (( حرب الكويت )) وبات الأمر بالنسبة لسوريا مسألة وقت .

مع كامل احترامي وتقديري لموقف الرفاق :
فالنظام السوري – من ناحية أخرى – حمى نفسه داخليا بمنظومة دفاعية (( كانت )) قوية وفعالة لأنها كانت تتماشى مع طبيعة الزمن الدولي سابقا .. لكن ليس الآن :
- الورقة الطائفية التي لعب بها منذ انقلابه الثاني عام 1970 .
- الصراع العربي الإسرائيلي و (( طبيعة الظروف الراهنة )) .
- القمع وسياسة القبضة الحديدة وما تبعها من تركيع وتجويع .
- الترسيخ الإعلامي المتكرر الذي أفرز جيل كامل من الشباب السوري المحاصر داخليا بلقمة العيش والخوف ، والمعزول خارجيا .

الآن برز عنصر جديد – قديم يستقوي به النظام وهو الحملة الأمريكية وخوف الداخل السوري من أن تستقوي بعض الأطراف بالخارج ، وهذا محض هراء وتخويف ليس له ما يبرره .
كان من الممكن أن يتبجح النظام بهكذا ذريعة لو أن أمريكا نجحت (( فعلا )) في ترسيخ الديموقراطية والاستقرار هناك ، لكن مع الفشل الذريع لأمريكا في العراق فإن أي سوري سوف لن يجرؤ على هكذا " حلم " حولته أمريكا إلى كابوس .
في الحقيقة فإن النظام بات الآن يستقوي بالخارج وليس العكس ، وقد قدمت أمريكا للأنظمة العربية الإستبدادية هدية كبيرة بممارساتها في العراق وقوت موقف هذه الأنظمة في حين اعتقدت أنها أضعفته .

والدليل أن المعارضة السورية بمجملها رفضت التعاون مع الحلم الأمريكي رغم (( الغزل )) المفضوح للإدارة الأمريكية مع بعض الأطراف المعارضة ، ولم يقبل التعاون معها إلا هيكلية ليبرالوية مصطنعة تحوي في نسيجها حركات كردية إنفصالية .. وهذه برأيي ليس بينها وبين المعارضة السورية أي قاسم مشترك لجهة مطالب الأكراد الخاصة .

من بقي ؟
لا أحد ..
لا أحد سوى (( الشارع )) ذاته ..

على الشارع أن يتحرك (( سلميا )) وحضاريا الآن ، أو لنقل : ليواصل تحركه الذي أوقفه توقف ربيع دمشق ..
لا حل إلا بهكذا حراك جماعي منظم وواعي لقطع الطريق على ثلاث متربصين :
- أمريكا .
- كلاب أمريكا .
- النظام السوري كلب كل الأزمنة .

تحياتي




(f)