الأمر الآخر الذي لفت انتباهي وقد كنتُ به مقتنعا طيلة فترة طويلة من الزمن، هو حقيقة أن "الرسالة المحمدية" لم تأتي بجديد. بل -إن صح التعبير - جل ما فعلته أنها عادت بالقوم إلى ما قبل المسيحية، متلاشية وجودها وجوهرها، وأعادت إحياء الشريعة اليهودية الجافة.

الأمر الذي علّلته أنت إلى تشابه طبيعة الحياة اليهودية في زمن التشريع والحياة العربية في البادية.

أما قولك بالإسلام المحمدي والإسلام المسيحي ، فأنت حكمت على موضوع الإسلام وجوهره انطلاقا من القرآن وهو ما لا يجوز.

فالمسيحية لا علاقة لها أبدا بمفهوم التسليم والاستسلام. المسيحية ليست مبنية على الاستلام لا بمعناها اللغوي "الطاعة والانقياد والتسليم" ولا بمعناها التشريعي "الخضوع لأوامر الآمر ونواهيه بدون اعتراض "

لأن المسيحية لا تقوم لا على هذا ولا على ذاك.

المسيحية مبنية وقائمة على أساس واحد:

الله آب لجميع البشر، كما يتقدم الابن من أبيه على البشر أن يتقدموا من الله أبيهم.

إذن الأساس في المسيحية هو المحبة والاحترام ووحدة الرؤيا والهدف.

إذن، أنت واضح في سرد أسباب خلاف الإسلام المحمدي للرسالة المسيحية، أما أسباب خلاف المسيحية مع الإسلام المحمدي فهي ليست أسباب دينية حقيقية، بل هي أسباب اجتماعية سياسية لا علاقة لها بالدين المسيحي.

أعتقد أنني جاوزت المدى بهاتين المداخلتين.

تحياتي القلبية