ولكن ماذا يقول "شهاب"؟
هو "يجرد حساب" الديمقراطية في اسرائيل ويقارن بينها وبين "الأنظمة القمعوية" في العالم العربي، كي يخلص إلى نتيجة تقول بأن قوة أسرائيل تكمن "أيضاً"(وليس "فقط") في نظامها السياسي الديمقراطي.

"شهاب" يقول بأن الديمقراطية الاسرائيلية "مبتورة" قليلاً (بالنسبة "لعرب اسرائيل") ولكنها تبقى أفضل حالاً بألف مرة من "الاستبداد" في الدول العربية. لذلك، فهذه الديمقراطية المبتورة، تشكل سبباً (بين أسباب أخرى طبعاً) لقدرة اسرائيل على المناوة والمناجزة والخروج منتصرة في الكثير من جوانب الصراع في المنطقة.

"شهاب الدمشقي"لا يطرح الديمقراطية على طريقة "وكنتم خير أمة"، ولكنه يدخل في تبيان آلياتها وكيفية تطبيقها في إسرائيل، وهو عبر هذا الطرح بعيد جداً عن "الشعوذة" الفكرية التي يرميه بها "فضل"، بل بالعكس فهو يرسم طريقاً واضح المعالم للنظام السياسي الذي نستطيع تحقيقه نحن لو تخلصنا من بعض تخلفنا، ويؤكد في نفس الوقت بأن "هذا الطريق" هو قوة ومنعة وقدرة على الوقوف في وجه الرياح و الأزمات والخروج بحال أفضل بكثير مما نحن عليه اليوم.

الطريق هذا الذي يرسمه "شهاب الدمشقي" هو نظام سياسي يعتمد على "المشاركة الشعبية الفعالة" ، و"حرية التفكير والتعبير"، و"التعددية السياسية"، و"صناديق الاقتراع النزيهة" واحترام القيم "السياسية" الحضارية الحداثية. وهذه، طبعاً، عليها أن تكون مسبوقة "بعلمانية حقيقية" تساهم في خلق المجتمع المدني القائم على الحرية والإخاء والمساواة.

"شهاب" لا يطرح أفكاره على طريقة "دكان الإخوان لحقوق الإنسان"، ولا على طريقة "إقرأ الفاتحة بعد رغيف الشاورما بهبك الله سيخاً من لحم الضأن في الجنة"، ولكنه من خلال تبيان نظام اسرائيل السياسي يعرب عن بغيته ويؤكد على أهمية آلياتها في الخروج من تراثنا الاستبدادي الشرقي. فهل أوجز "شهاب" في هذا إيجازاً مخلاً؟
لا أظن، فالمقال الصحفي لا يستطيع أن يستوعب أكثر مما جاء به "شهاب"، وعلى القاريء أن يذهب ويفتش عن معاني هذا الخطاب "الجميل".

واسلموا لي
العلماني