{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
أبـــو الـــرائـــطة التــكريـتـيّ
إبراهيم غير متصل
بين شجوٍ وحنين
*****

المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #2
أبـــو الـــرائـــطة التــكريـتـيّ
[SIZE=5] . أبو رائطه المتكلّم

في بداية الرسالة في الثالوث المقدّس، يرسم أبو رائطه الإطار الذي ستجري فيه مناقشة موضوع التوحيد والتثليث مع خصمه الذي يرفض هذا التصوّر. أمّا النوع الأدبيّ الذي يعتمده أبو رائطه، فهو الرسالة ـ والنوع كان معروفًا في زمانه ـ ، في حين أن الإطار العلميّ الذي يضعه منهجًا للتعبير بمنطق وحجّة عن قصده، فهو علم الكلام، وقد خاض غماره المسيحيوّن في العصر الوسيط دفاعًا عن عقيدتهم(13) . وأبو رائطه يتحدّث صراحة في رسالته عن أنّ مناظرة خصومه هي مناظرة كلاميّة، إذ هو يرجو محاوره (( أن يكون منصفًا في الكلام أي المحاورة )) مشيرًا إلى أنّه ومحاوره (( في الكلام سواء )) , أي إنَّ النظر العقليّ سيكون المنهج المشترك بين الاثنين وإنَّ العقل لا بدّ من أن يقود إلى طريق الحقّ (رر 20). وهكذا يبرز أبو رائطه متكلّمًا مسيحيًّا، يناظر ويساجل في موضوعات عقيديَّة هي من الأهميّة بمكان.

يبقى السؤال التالي : مَن هو محاور أبي رائطه في قضيّة التوحيد والتثليث ؟ لا شكّ في أن المحاور هو من المسلمين الذين يشكّكون في عقيدة الثالوث الأقدس عند المسيحيّين. وأبو رائطه يشير إلى

ــــــــــــــــــ
(13) راجع :
Wolfson (H.A.), The Philosophy of Kalām, Harvard, 1976 pp. 80-82.
راجع أيضًا :
S. DACCACHE, (( Polémique, logique et élaboration théologique chez Abū Rāi'ta al- Taktrītī )) , Annales de la Faculté des Lettres et des Sciences humaines, Université Saint-Joseph, Philosophie, vol. 6- 1985, pp. 33- 88.

18

محاوريه بأنهم من أهل التَيْمَن ( رر 16 )، أي أهل الجنوب، ولا يُطلق عليهم اسمٌ آخر في مقالته. لكن من المعروف أن غالبيّة مفكّري الإسلام في تلك الحقبة كانوا من مذهب الاعتزال، وكانوا يعتمدون النظر والتفكّر أساسًا لكلامهم وجدالهم. ويمكن القول، في هذا المجال، إنّ محاور أبي رائطه هو من المعتزلة، إذا أخذنا في الاعتبار أنّ أبا رائطه يعتمد هو أيضًا ـ وهذا ما نشرحه لاحقًا ـ النظر العقليّ مقياسًا ونهجًا في شرحه ودفاعه. والواضح أيضًا أنّ هناك عناصر أخرى تتضمّنها الرسالة تؤكِّد لنا أنّ المحاوِر هو من فئة أهل الاعتزال.

ولنا في مقدّمة أحد النصوص المنسوبة إلى أبي رائطه إشارة إلى محاورة كاتبنا المعتزلة(14) . تقول هذه المقدّمة : (( سأل بعض المعتزلة الأب أبا رائطه حبيب بن حديثه التكريتيّ، اليعقوبيّ السريانيّ، أسقف تكريت ( من كرسيّ سروج )، أن يوضح له دين النصرانيّة، من حيث يقبله العقل )) . وتوضح مخطوطة أخرى للنصّ نفسه اسم المعتزليّ المشار إليه سابقًا على الشكل التالي : (( جواب أبي رائطه التكريتيّ، أسقف نصيبين، لثمامه المعتزليّ، عند سأله عن الدليل على صحّة النصرانيّة ))(15) . ومن المعلوم أن ثمامة (ت 28 م) هو من كبار المعتزلة وينتمي إلى الطبقة السابعة من معتزلي بغداد، وأنّه قال : (( إنّ اسم الكافر ينطبق على النصارى واليهود، والكافر هو العارف بما أُمر به ونُهي عنه، وأولئك عارفون بما أمروا به ونهوا عنه ))(16) .

ــــــــــــــــــ
(14) راجع سمير خليل، نشرة كتاب مصباح الظلمة لأبي البركات، المعروف بابن كبر، ط، القاهرة، 1971 ص 18 ـ 19.
(15) راجع مخطوطة سباط 1017، القاهرة، ص 14.
(16) راجع كتاب الانتصار لأبي حسين الخيّاط، نشرة ألبير نادر، دار المشرق، 1957، ص 66.

19

ولنا في هذا المجال شهادة قيّمة من الإمام ابن حزم الظاهريّ ( ت 1064 ) الذي يورد لدى نقضه مقولات المعتزلة في (( اللُطف والأصلح )) ، في موسوعته الفِصَل في المِلَل والأهواء والنِحَل اسم (( أبي رائطه اليعقوبيّ النصرانيّ )) واحدًا من المتعمّقين في الكلام من بين النصارى واليهود والمجوس والمنانيّة والدهريّة، وذلك في موضعين من مقالته(17) . ففي الموضع الأوّل وفي إطار الجواب عن مقولة بعض المعتزلة في ما يمتلكه الله من ألطاف خفيّة يهبها إلى الكفّار لو شاءَ، يقول ابن حزم : (( يستطيع أن يضلَّ مَن شاء بواسطة آخرين كما فعل بحبيش اليهوديّ وأبي رائطه اليعقوبيّ النصرانيّ والمتحقّقين بالكلام من اليهود والنصارى والمجوس والمنانيَّة والدهريّة )) . وفي فقرة ثانية في الموضوع نفسه يقـول ابن حزم إنّ مَن (( يؤتي المعتزلة القوّة والتدقيق في الفهم هم بعض متكلّمي اليهود )) وكذلك (( أبو رائطه اليهوديّ ومقرونيش الملكيّ من متكلّمي النصارى )) . وفي ذلك إشارة واضحة إلى مكانة أبي رائطة بين متكلّمي النصارى ومحاوراته الشهيرة مع متكلّمي المسلمين.

تفيد عبارات ابن حزم هذه أنّ أبا رائطه هو من المتكلّمين الذين مارسوا تأثيرًا فكريًّا مهمًّا في المتكلّمين المسلمين ولا سيّما المعتزلة منهم. فأبو رائطه وغيره من المتكلّمين عمدوا إلى تضليل المعتزلة الذين أخذوا في مقولة الأصلح ـ أي إنَّ الله لا يفعل إلاّ ما هو الأصلح للبشر ـ عن المتكلّمين النصارى وغيرهم من المتكلّمين.


ــــــــــــــــــ
(17) إبن حزم الظاهريّ، الفِصَل في الملل والنحل، الجزء الثالث، دار الجبل، بيروت، 1985، ص 207.
05-04-2005, 08:54 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
أبـــو الـــرائـــطة التــكريـتـيّ - بواسطة إبراهيم - 05-04-2005, 08:54 PM

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS