السيد القبطان ..

ثمة نقاط مهمة في رأيي

الآية لم تتحدث عن حقيقة علمية ما .. لم تقل ان عرض الأرض مساو لعرض السماء مثلا .. إنما فقط توضح أن الجنة (وهي من الغيبيات) عرضها كعرض السماوات والأرض .. أو عرضها السماوات والأرض كما تذكر الآية الأخرى .. يعني الآية لا تفيد أن عرض الأرض هو كعرض السماوات .. ولا أنه ثلثها أو ربعها إلخ إلخ .. واعتراض سعادتكم هو أن الأرض لا تمثل شيئا بالنسبة للسماء الرحبة وأن هذا النص يوحي أن قائله لا يعرف حقيقة هذه النسبة فيظن أن السموات غير كافية لتكون عرضا للجنة .. بل يجب أن تضاف الأرض لها! .. لكني لا أعتقد أن هذا الشيء صحيح .. لان الهدف من التشبيه هو تقريب المعنى لا تحديد الأبعاد ، وحتى يتحقق هذا المعنى ( كبر الجنة وعظمتها) لابد أن يكون التشبيه شيئا مدركا للإنسان ومحسوسا له .. ولابد أيضا مراعاة اختلاف الادراك الانساني باختلاف معرفته .. هكذا تجمع السماء مع الارض في سياق واحد ، لتحقق نفس المعنى .. فالأرض بالنسبة للإنسان هي شيء كبير وعظيم جدا لا يقدر ان يلم بها ببصره ، والسماء أيضا كذلك ، لكنها قد تكون مبهمة بالنسبة لهذا الانسان في عصر ما ، ثم لما تتضح له ابعادها الحقيقية يدرك أن عظم الجنة شيء فاق تصوراته البدائية الأولى!

لو تحدث عن السماء وحدها أو الأرض وحدها لصار هذا غير مناسب .. والفارق هاهنا أنك تتعبر هذا التعبير نابعا من فهم العصر الذي ظهر فيه القرآن ، بينما أعتبره موافقا لأفهام هذا العصر والعصور التي تليه أيضا دونما مخالفة لحقيقة علمية ما .. بل هي نوع من التصوير الحسي .. ويعني حتى في عصرنا هذا لا تكفي الأرقام وحدها ليدرك الناس مدى اتساع الكون ، وتعبير (السنة الضوئية) هو شيء خارج نطاق الادراك .. ولا يمكن وصف اتساع السماوات بشكل محسوس إلا بصور ورسومات ومشاهد متحركة هي في الحقيقة تصغير مجحف لهذا الاتساع .. او بمقارنة هذه الأشياء بالنسبة للأرض (مثلا حجم الشمس هو مليون مرة بالنسبة لحجم الأرض .. وهكذا).. باختصار .. تبقى الارض بالنسبة للإنسان شيئا مهما جدا (significant) حتى لو اعتبرها الحاسوب رقما ضئيلا مهملا .. والقرآن إنما يخاطب انسانا لا حاسوبا!


تحياتي!