يسهل دائماً اختراع القصص و الخرافات عن الديانات أو المذاهب الأخرى. لا سيما عندما تكون هذه المذاهب سرية، عنذئد يمكن أن ينسب لها أي شيء بدون مسؤولية.

تعرفت في الجيش على صديق لي درزي ( بالمناسبة الدروز يذمون شخصية نشتكين الدرزين و يتبرأون منه و يفضلون أن يدعوا "موحدين" ) و قد دعاني ( كعادات العرب في الضيافة ) إلى الذهاب لعنده و المبيت عنده . عندها سمعت أقوال من أشخاص مختلفين حذرتني من الذهاب بحجة أن الدرزي ليس له أمان إضافة إلى الأمثال التي تقول "كول عند درزي و نام عند مسيحي!" و غيرها.
استخفيت بهذه الأقوال و ذهبت لعنده إلى القرية التي يدين جميع سكانها بالدرزية ( حوالي سبعة آلاف ) و عاينت بنفسي ما لم أكن أتوقعه.
الدروز مضيافين و كرماء و يوقرون الضيف سواء مادياً أو نفسياً. يعيشون في مجتمعات بسيطة محافظين على العادات و النظم الاجتماعية الجميلة، كتوقير كبار السن، و التعاون في زراعة الأراضي و في البناء، حيث يجتمع جميع أهل القرية أو الحارة لمساعدة من هو بحاجة إلى المساعدة. كذلك المساواة بين الرجل و المرأة ليس فقط نظرياً بل عملياً إذ إن للمرأة كلمة مسموعة في بيتها و عائلتها. طيلة فترات مكوثي في القرية الدرزية، لم أرى أية بادرة تعصب طائفي أو ديني إطلاقاً. أصلاً ما معنى التعصب الديني إن كان أغلب الدروز غير مطلعين على تفاصيل دينهم.
لقد عرفت و تأكدت أن بعض الكتب الدينية عندهم تحض على كراهية أبناء الطوائف الأخرى، و لكن لا يعني هذا أن كلهم يملكون هذه الصفة، أصلا لسوا كلهم مطلعين على هذه الكتب الدينية، حتى رجال الدين لا يطلعون إلى على ما تسمح به رتبتهم الدينية. في كتبهم بعض العبارات التي لا يستطيع رجال الدين نفسهم فهمها باعتبار أنها موروثة من الديانات الغنوصية و الفلسفات الأفلوطينية، كالعقل الأول و ما شابه...

للأسف إن بعض المتعصبين من الأخوة السنة ينسبون مناسبات دعارة جماعية إلى كل الطوائف و المذاهب الأخرى سواء كانت الدرزية أو العلوية أو المرشدية أو الاسماعيلية أو المسيحية، فهل هذا معقول! إن قول الفصل في هذا هو أن هذه الممارسات لا توجد و لا يمكن أن توجد إلا في العبادات الوثنية لا غير.