هذا المونولوج الاخباري يعكس تصورا للوضع القادم كما يقراه الزميل جادمون . لكننا مع ذلك يمكننا الحوار بشانه تماما كاي موضوع سياسي آخر . و بما ان الزميل جادمون يسقط الاحداث الي مر بها العراق على الواقع السوري اسقاطا ميكانيكا ، اجد لزاما علي توضيح الفرق بين الواقعين السوري و العراقي ، حيث يمكننا بذلك أن نعرف بان التحليل السياسي يختلف مع اختلاف الواقعين ، كما ستختلف بالنتيجة الرؤية الامريكية للمسالة السورية من ناحية ، و تختلف رؤية آورفــاي نفسه عن رؤية جادمون للاحداث ، من ناحية اخرى . مما يؤدي ايضا الى عدم صحة جادمون بشان ما ذكره في أن :

" اورفاى يعلن انه مع الشعب السورى ومع النظام السورى وانه لامكان لاى معارضة فاليوم يوم سوريا ..ويطالب بطرد ليبرا سوريا من النادى ..."

بداية هناك تصوران شائعان للنظرة الامريكية الى مصالحها في العالم :
أ‌- هناك جماعات تعتقد بان امريكا تتبع اسرائيل تبعية الحمار للمكاري أي تبعية الراحلة لراكبها . مما يعني بان امريبكا تعمل على تحقيق المصالح الاسرائيلية الصهيونية رغما عن انفها .
ب‌- جماعات اخرى ، و آورفــاي منهم ، تعتقد بان امريكا هي دولة كونية، ولا شيء او قوة خارجية قادرة على تحديد مسارات عملها في تحقيق مصالحها ، لا لوبي صهيوني ولا لوبياء خضراء . و لهذا فان علاقة امريكا باسرائيل هي نوع من تطابق المصالح تستفيد منه اسرائيل بدرجة قصوى . و لاحظنا عبر مراحل عديدة كيف ان امريكا كانت تضغط على اسرائيل في مواقف كثيرة عندما تحدث تطرفات اسرائيلية لا ترضي المصالح الامريكية .

1. نعود الى الشأن العراقي . فقد كانت الحرب ضد العراق تمثل مصلحة الفئة الامريكية التي تقف على راس السلطة ، ولا علاقة لاسرائيل في تقرير تلك الحرب أو عدم قيامها , ولو لم تجد تلك الفئة لها مصلحة قوية في الحرب ، لما قامت بها اصلا . و لهذا فان حربا أمريكية على سوريا، هي نوع من اضغاث احلام ، قد يتمناها الاسرائيليون لكن لا مصلحة قوية فيها للامريكيين ، ولا يجدون ضرورة في ان ينفقوا عليها دولارا واحدا او ان يخسروا فيها ظفر امريكي . اما كرمى لعين اسرائيل ، فلا باس ان اقامت امريكا بعض الضغوط الاعلامية التي لا تغيظ سوريا ولا تروي غليل اسرائيل . و القيادة السورية تدرك ذلك تماما و تتصرف بردود افعال تحير البعض ممن لا يعرف سر الحروب و مسبباتها .

2. لم يكن حافظ الاسد ولا خليفته بشار خصوما لامريكا او مصالحها في المنطقة ، و لم يعلنوا يوما بانهم اعداء امريكا ، ولم يقل حافظ ولا بشار من بعده : طز بامريكا . ولم يستنجد حافظ ولا بشار بالاسلام و المسلمين بالطريقة التي استخدمها صدام لتاليب الاحقاد العنصرية ضد امريكا ، ولم يهدد حافظ أو بشار بضرب المصالح الامريكية يوما ، و لم يجعل حافظ او بشار الاسد من صورة رئيس امريكا ممسحة للاحذية في مكان عام . اخيرا ، لماذا قد تلجا " الصديقة " امريكا لضرب هذا البلد ، الذي تسارع قيادته ، منذ قيام حركته التصحيحية ، الى محو اية جملة قد يكتبها بعض الصبية علا جدار من جدران دمشق ، ضد امريكا ؟!!!!!! هذا غير ممكن سياسيا !

3. ليست سوريا بلد نفطي تهتم امريكا فيه كما العراق ، وليست القيادة السورية تبعد الشركات الامريكية عن انتاج نفطها أصلا .

4. لا تعتبر سوريا تهديدا حقيقيا لاسرائيل ، لان مستوى الندية بينهما تجاوزته اسرائيل منذ عقود . و لهذا فلا يمكن للامريكيين اعتبار سوريا مصدر تهديد خطير للجيران و للسلم العام في منطقة الشرق الاوسط الكبير . فقد سبق لامريكا و سوريا ان تعاونتا في الحرب الاهلية اللبنانية و قامت امريكا بتثبيت الارجل السورية في لبنان رغما عن الانف الاسرائيلي . ولم تتمكن القيادة السورية من دخول وسط بيروت و الضاحية ابان الحرب الاهلية الا بعد موافقة امريكية و اوامر امريكية وجهت الى كافة القوى بعدم عرقلت الدخول السوري . ومن مهازل التاريخ ان الفئة الوحيدة التي قامت و بمراهقة سياسية، بالتعرض للقوات السورية يومها، كانت حزب الله نفسه ، لكن بقيادة امين سابق قبل الشيخ نصرالله الحالي ، و كان مصير المعترضين المسلحين وقتها ان اوقفت القيادة العسكرية السورية في ذلك الموقع ( الضاحية ) حوالي 25 رجلا الى جدار، و اعدمتهم بالرصاص ، ولم يهتز جفن في لبنان او العالم لذلك . و الكل يعرف الضغوط التي لطالما مارستها امريكا على اسرائيل كي لا تنفذ تهديدات بضرب الداخل السوري ، و على مراحل مختلفة من الازمات المتكررة بين سوريا و اسرائيل .

5. ليست لسوريا القدرات المادية التي تجعلها قادرة على الصناعة النووية . وليس لديها من الفائض المالي و النفطي ما يسمح لها بشراء ذمم الدول الكبرى لتساهم في الضغط على سياسة امريكا في مجلس الامن او اروقة الامم المتحدة . و باختصار هي أقل من ان يحسب لها ادنى حساب في حالة ان امريكا لم تتعرض لها .

6. ان كررت امريكا تجربتها العراقية في سوريا فهذا يعني ان هناك خللا حقيقيا في تفكير الفئة الحاكمة في الادارة الامريكية . و هذا يعني بانها لم تتعظ من مشكلة العراق بعد ، و انها تبحث عن المشاكل و ليس عن حلول لمشاكل تؤرقها. فان احتلال سوريا ستكون عواقبه ابشع من احتلال العراق . لانها لن تجد في سوريا بديلا لها ، يكون قادرا على تلبية مطالبها افضل من القيادة الحالية . ولا يمكنها ان تفرط بالقيادة الحالية لتسلم السلطة الى غالبية ، سورية هي جزء اساسي و رئيسي في، الهدف من حملتها العالمية ضد الارهاب .

7. هناك الوضع الحدودي للدولة السورية مع اسرائيل . فان حربا امريكية ضد سوريا الملاصقة لاسرائيل لن يترك مجالا للشك بان الهدف منها هو تسليم سوريا لاسرائيل دفعة واحدة . وهذا ما لا يمكن لامريكا تفسيره او اقناع دول العالم قاطبة به و خاصة الانظمة العربية التي لم تستطع حتى هذه اللحظة ان ترقع الثغرة التي احدثتها الحرب ضد العراق في مؤخرتها .

8. اخيرا ، هناك الوضع الد=اخلي الذي يختلف عن العراق بالتركيبة السياسية و الدينية التي لا تسمح لامريكا بالمراهنة على خلخلته . فالنظام السوري في أبشع لحظاته لم يرتكب من المجازر ما ازعج امريكا . فان ما كان يؤخذ على النظام السوري من ضرب الاخوان المسلمين ، هو ما تنشط الدول العربية نفسها في القيام به اليوم ، و هو شعار امريكي تسعى امريكا الى تحقيقه بكل قوة و حماس مستخدمة كل التبريرات التي تملكها . و النظام السوري الحالي يقوم عمليا بتعاون مثمر و بناء و معترف به امريكيا في نحقيق ذلك الشعار دون ان يكلف امريكا دولارا واحدا . فكيف تفرط امريكا بمن يقوم بتحقيق اهدافها بدلا منها ؟ هذا غير معقول سياسيا .

اما بشان توصيف رؤية جادمون لآورفاي بانه :

" " اورفاى يعلن انه مع الشعب السورى ومع النظام السورى وانه لامكان لاى معارضة فاليوم يوم سوريا ..ويطالب بطرد ليبرا سوريا من النادى ..."

أقول بان آورفــاي ليس من اولئك المتشدقين دوما بتقديس الشعب ولم يكن يوما من المدافعين عن النظام ، وهو لا يعتبر الوطن من المقدسات لديه ، علما انه في فترة من الفترات كان يصف العلاقة بين النظام و الاخوان المسلمين بان النظام لم يكن اسوا منهم ، لكن هذا لا يعني بانه يدافع عن النظام بقدر ما يعني بان آورفــاي مستعد للتحالف مع الشيطان نفسه اذا كان علمانياو ديموقراطيا ، على ان يوافق نظريا على وصول الظلاميين الطائفيين الى السلطةفي سوريا او أفغانستان او العراق أو اسرائيل نفسها .

و ربما يتذكر جادمون و غيره من الزملاء كلمة آورفــاي حول الحرب الامريكية ضد العراق و قبل ان تبدا الحرب ، مؤيدا تلك الحرب من اجل اسقاط نظام صدام حسين الدكتاتوري :

" فلتسقط القذائف سريعا حتى ولو سقطت على ام راس آورفــاي قبل الجميع ".

و يمكنني ان اكرر الجملة نفسها حول سوريا اذا لم تتعظ القيادة السورية في حال وصلت الامور الى حد قيام امريكا نفسها بغزو سوريا !

ولا تنسى بان آورفــاي لم يطالب مرة باقصاء احد من النادي . اما بشان العلاقة مع " ليبرا اراك" ، فقد كانت وطيدو و فيها من التفاهمبشان المشكلة العراقية ما لم يحدث بين أي اثنين آخرين في هذا النادي .

عش يومك هانىء ، فان امريكا لن تخوض حربا ضد سوريا .

--------------------------------------------

ملاحظة : اعتب على الزميل مهيار عندما يقول :
" الشعب السوري يعتبر بان من يتزوج امه يصبح بمثابة عمه "

فهذا خلط بالامور و تشبيه بعيد عن الواقع .

تحياتي .:loveya:

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	سوريا والاستهداف الأمريكي / لاتخشوا على سوريا إلا من معارضي الخارج	عادل نايف البعيني	30	5,776	06-08-2012, 04:43 PM آخر رد: إسم مستعار
	صراع لاجل النفوذ ام حرب اهلية ؟,	Awarfie	2	602	06-19-2007, 09:33 AM آخر رد: Awarfie
	خمس و ا ربعون دقيقة من العبث	Awarfie	7	1,042	02-08-2006, 04:27 PM آخر رد: أبو خليل
	30 دقيقة يا مفتري؟!	بوعائشة	6	948	05-13-2005, 11:03 PM آخر رد: بوعائشة
	تأجيل او الغاء زيارة مبارك لأمريكا هذا الشهر لاجل غير مسمى	امام عادل	9	1,167	03-12-2005, 06:28 PM آخر رد: امام عادل