{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الاغتصاب - نزار
bassel غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 2,109
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #2
الاغتصاب - نزار
وحين يقول رافائيل إيتان، رئيس الأركان الإسرائيلي: ((إن قواتنا كانت تتقدم بأسرع مما وضعناه في حساباتنا .. وإن ما كنّا نخطط لإنجازه في 48 ساعة .. أنجزناه في 24 ساعة .. )).
حين يقول رافائيل إيتان ذلك، فهذا يعني أن السماء العربية كانت صافية كقطعة الفيروز .. وأن المقبرة الجماعية العربية كانت تغتسل بضوء القمر .. وأن الطريق إلى العواصم العربية كانت مفتوحة باتجاهين ..
وباستثناء استبسال الفلسطينيين في الدفاع عن دمهم .. فإن المهاجمين الإسرائيليين لم يعترضهم أي لغم .. أو أي مسمار .. أو أي سكين مطبخ.
أما أبناء العمومة، فقد دخلوا إلى غرف نومهم، ولبسوا بيجاماتهم الحريرية .. ونزعوا بريزة التلفون .. وطلبوا من الخادمة أن لا توقظهم حتى تعلن إذاعة ((صوت أميركا)) نبأ وقف إطلاق النار ..
بعد بيروت .. وبعدما حدث في بيروت ..
مطلوب من العرب أن يتركوا أسماءهم الكاذبة الأولى التي توحي بصفات الشدة، والشجاعة، والفروسية، مثل ضرغام .. وسبع .. وصخر .. وطعّان .. وذبّاح .. ويبحثوا عن أسماء أخرى مثل سيسي .. وفيفي .. وكوكو .. وزوزو .. لأنها أكثر مطابقة لتحولاتهم الهرمونية .. وأكثر تعبيراً عن حالة الأنوثة والميوعة .. والالتباس الجنسي الذي انتهوا إيه ..
لقد تفرّج العرب على اغتصاب لبنان من ثقوب الأبواب، فكيف نصدق بعد اليوم أن السيف اسمٌ مذكَّر .. والرمح اسم مذكَّر .. والشرف اسم مذكَّر ..
بعد بيروت .. وما حدث لبيروت .. غابت كل أسماء الذكورة ..
ولم يبقَ من الأسماء المؤنثة سوى جامعة الدول العربية.
هذا زمن الحصار ..
والإسرائيليون لا يحاصرون بيروت وحدها ..
وإنما يحاصرون الزمن العربي كلَّه .. ويحاصرون المدن العربية بلا استثناء ..
يحاصرون الرباط، والقيروان، ودمشق، وبغداد، وعدن، وصنعاء، والقاهرة، والخرطوم، والرياض، والكويت، والمنامة، وأبو ظبي، وعمّان، وطرابلس، والجزائر ..
يحاصرون الأرض، والبحر، والتاريخ، واللغة، والثقافة، والفكر، والدين، والإرادة، والحياة، والبذور، والجذور، والأطفال الذين ولدوا، والأطفال الذين سوف يولدون ..
يحاصرون كل شجرة تحاول أن تكبر ..
وكل حقل يحاول أن يزهر ..
وكل نجمة تحاول أن تضيء ..
وكل امرأة تحاول أن تحمل ..
وكل تلميذٍ عربي يحاول أن يتفوَّق ..
وكل طفل يحاول أن يصير رجلاً ..
يحاصرون الأيام حتى لا تصير أسابيع ..
والأسابيع حتى لا تصير شهوراً ..
والشهور حتى لا تصير أعواماً ..
والأحرف حتى لا تصير كتاباً ..
والقصيدة حتى لا تصير قنبلة ..
يحاصرون العتبات المقدسة .. والأنظمة غير المقدسة.
يحاصرون الرايات الجبانة المحفوظة في ((النفتالين))!!
والشعارات الكاذبة المحفوظة في ((النفتالين)) ..
والأبطال الكاريكاتوريين، الذين ينامون، حتى لا تأكلهم الحشرات .. أو تأكلهم الثورات .. تحت طبقة سميكة من ((النفتالين))!!!
هذا زمن عربي لا وصف له .. لأنه خارج عن كل الأوصاف ..
ولا يمكن الكلام عنه لأنه دون مستوى الكلام ..
لا يمكن تصنيفه أو تسميته .. لأنه أقل من كل التسميات ..
ولا يمكن استنباط أي وسيلة لقياسه أو مقارنته .. فلا يشبهه إلا الصفر .. ولا يقاس إلا بالعدم ..
ولا يمكن الدلالة عليه بأي رمز .. أو إشارة .. أو تشبيه ..
لأنه زمن لا يرمز إلى أي معنى .. ولا يدل على أي شيء ..
عن هذا الزمن العجيب نكتب لكم رغم أنوفنا ..
وتقرأون أنتم رغم أنوفكم ..
إنني لا أعرف كيف أهر ب من خجلي .. ومن قرفي .. ومن غضبي ..
هل من المعقول أن تعجز إثنتان وعشرون دولة عربية خلال سبع سنوات من إيجاد حلّ أخوي، أو شفوي، أو بدوي، للمسألة اللبنانية؟ ..
وتستطيع إسرائيل بسبعة أيام، أن تفرض على العالم حلَّها الحربي؟؟
أليس من المخجل أن تسقط جميع مقررات القمم العربية، ومحاضر اجتماعات وزراء الخارجية، ولجان المتابعة، وجميع المبادرات والوساطات والمساعي الحميدة .. تحت جنازير الدبابات الإسرائيلية؟؟
أيّ هَوَان ستشعر به الأجيال القادمة حين ستقرأ في كتاب التاريخ أن الإسرائيليين زحفوا في صيف عام 1982 على لبنان، ووصلوا إلى مشارف بيروت، وفرضوا بقة السلاح، النظام السياسي الذي يريدونه، والسلام الذي يريدونه، والوفاق الذي يريدونه ؟ ..
أما كان بإمكان عباقرة السياسة العرب، أن يجنّبونا هذه النهاية المفجعة، لو أنهم لم يتعاملوا مع لبنان كبقرة برسم الذبح؟ …
أما كان بإمكان الحكماء العرب أن يكونوا أكثر عدالة مع لبنان، وأكثر رحمة به، وأكثر فهماً لطريقة تفكيره، وطريقة حياته، وطبيعة الإنسان فيه؟ ..
أما كان بإمكانهم أن يحترموا حريته ويحترموا طموحه العظيم، وإنجازاته على صعيد الثقافة والإنماء والاقتصاد، فيحافظوا عليه بدلاً من تخريبه عمرانياً وتمزيقه بشرياً، وتهديهم مؤسساته، وإشعال نار الفتنة بين بنيه؟
أللهمّ اشهد أن لبنان كان شقيقنا الجميل والصغير الذي رميناه في البئر دن أي ذنب .
ورميناه في الحرب دون أي ذنب ..
ورميناه تحت أقدام الإسرائيليين دون أي ذنب؟؟ ..
تموز (يوليو) 1982
05-14-2005, 08:39 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الاغتصاب - نزار - بواسطة bassel - 05-14-2005, 08:38 AM,
الاغتصاب - نزار - بواسطة bassel - 05-14-2005, 08:39 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  آخر إصدارات اللواء المتقاعد خالد نزار المروءة والشهامة 0 3,026 01-25-2010, 06:48 PM
آخر رد: المروءة والشهامة

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS