جراحة التجميل بين الضرورات والتجارة.. العمليات تجري في عيادات مخالفة وتفتقر إلى الأجهزة والمختصين


دمشق
صحيفة تشرين
محليات
السبت 14 أيار 2005
عمران محفوض
الجراحة التجميلية عندما تقوم على «البزنس» و«الكمسيونات» معتمدة على لغة التضليل المهني والإعلاني لغاية اصطياد أكبر عدد ممكن من الزبائن..

هذا ما جاء على لسان أهل الطب والاختصاص خلال الندوة التي أقيمت بالتعاون بين نقابة أطباء سورية ومجلة البيئة والصحة تحت عنوان: ‏

«عمليات التجميل بين الضرورة والرفاهية ودخلاء المهنة».. وذلك مساء السبت 7 أيار 2005 في مبنى النقابة في دمشق..

‏

وأكدت الندوة صراحة على تقصير وزارة الصحة ونقابة الأطباء بمعاقبة ومحاسبة جراحي التجميل المخالفين لأبسط قواعد المهنة، رغم أن القانون والأنظمة تطولهم.. ‏

‏

تضليل مشترك ‏

وفي هذا الخصوص قال د.رمضان رمضان نقيب أطباء سورية ورئيس اتحاد الأطباء العرب خلال الندوة: إن الإعلام والطبيب يساهمان على السواء في تضليل المواطن في سورية.. ولكن المسؤولية الكبيرة تقع على عاتق طبيب التجميل الذي يعلم أن العمل الجراحي الذي سيجريه لن يؤدي النتيجة 100% أو أن جهازه ليس كما يعلن.. ‏

وأضاف: هنا تجب محاسبة الطبيب. ‏

د.عمر المأمون رئيس رابطة جراحي التجميل في سورية قال: إن معظم الدعايات التي تنشرها الصحف بخصوص الجراحة التجميلية لا تمت لا إلى العلم ولا إلى الطب بصلة. ‏

ورد على تلك الدعايات قائلاً: نحن حضرنا مئات المؤتمرات الطبية ولم نجد جهاز ليزر في العالم يزيل الشعر نهائياً ولو بعد خمس جلسات.. ‏

وأشار إلى أن سبب الاختلاطات الكبيرة التي تحدث في عمليات التجميل هو انتشار الصحف التي تسمح بنشر تلك الدعايات وكثرة الفضائيات التي تستضيف أشخاصاً يتحدثون عن جراحة التجميل بكلام غير صحيح.. ولكن عتبنا على التلفزيون السوري والصحف المحلية الذين من المفترض أن تقوم وزارة الإعلام بالسيطرة عليهم.. ‏

‏

تجريب طبي ‏

د.خلدون الجابي (جراح تجميل) قال: إن الجراحة التجميلية والترميمية أكثر من ‏

/200/ اختصاص.. أما التجميلية منها فبحدود ربعها ومع ذلك فإنها هي التي يشكو منها الناس ويحصل فيها الاختلاطات بكثرة، بسبب الطبيب الذي يتخرج في الجامعة ويتدرب في المشافي الحكومية ثم يفتح عيادته وهو لا يعلم شيئاً عن العمليات التجميلية مثل /شفط الدهون، تكبير الصدر، شد الوجه...الخ/. ‏

وأشار إلى أن المشافي الحكومية والخاصة في أمريكا مسؤولة أمام القضاء ولا تسمح لطبيب بإجراء عملية تجميل فيها إلا بعد التأكد من كفاءته. ‏



‏

مراكز مخالفة ومميتة ‏

أما د.أحمد أندورة رئيس شعبة جراحة التجميل في مشفى الشهيد محمد عبيسي فقد تحدث عن مسألة في غاية الأهمية وهي أن المراكز التي يتم فيها إجراء عمليات التجميل في بلدنا لم تدخل حتى اليوم المعيارية القياسية العالمية ولا حتى الوطنية وهي مخالفة لقرارات وزارة الصحة.. حيث نلاحظ أن أحدى السيدات دخلت المركز وأجري لها عملية شفط دهون بحدود /7 ـ 8/ كغ وتخرج منه مسطوحة على قفاها وقد بلعت لسانها أو في حالة صدمة نفسية وهنا يتم نقلها وإدخالها إلى المشفى من أجل تمريرها إلى المقبرة للتخلص من المسألة.. ‏

وقال: هذه في الحقيقة مشكلة ولذلك من المفروض إيجاد جهة رقابية تراقب عمل المراكز والأطباء الذين يعملون فيها وهذا الأمر ضروري جداً.. وهو يقود إلى موضوع الاختلاطات. ‏

‏

التجميل... جراحة أم تجارة ‏

وأضاف د.أندورة: صحيح هناك تداخل في الاختصاصات الطبية، ولكن استغل هذا الأمر لفتح مراكز جراحة تجميل وعمل «بزنس» في الموضوع، أي أن تاجراً من التجار يؤمن للطبيب المتدرب المريضة ثم يقوم الجراح بإجراء العملية لها ويقتسم الأجرة مع التاجر والممرضين... ‏

وأحياناً تصل الأمور إلى أن ممرضين يجرون عمليات جراحية تجميلية.. ‏

وهنا تدخل د.رمضان ليقول: أي هناك «كمسيونات» في موضوع الجراحة التجميلية، وأجاب د.اندورة: نعم هذا صحيح.. فالوضع المادي هو ما يحكم جراحة التجميل في بلدنا. ‏

‏

التوأم: الدجل والطب ‏

وأكد د. اندورة: أنه بالرغم من أن اختصاص التجميل ضروري مثله مثل غيره من الاختصاصات الجراحية.. إلا أن نسبة الدجالين في اختصاص التجميل كبيرة.. ‏

أما د. يوسف باكير (جراح تجميل) فقد وافق د.اندورة في كلامه بما يخص الاختلاطات الظاهرة الناتجة عن الجراحة التجميلية.. وأشار إلى أن موضوع الأطباء المخالفين هو من مسؤولية وزارة الصحة ونقابة الأطباء، أما مسؤوليتنا نحن فهي في حماية المريض من التعرض للأذى أو الإصابة بأي ضرر نفسي أو جسدي ولذلك يجب على الجميع التعاون التام من أجل راحة المريض والحصول على نتيجة ممتازة. ‏

د.أسامة سماق (اختصاص أمراض جلدية ورئيس مشفى الهلال الأحمر) علق على ما قاله المتحدثون أعلاه بأنه صحيح ولكن بنسب متفاوتة.. ‏

وأضاف: إن تنظيم الصحة والأداء المهني لمهنة الطب ككل يحتاج إلى إعادة نظر.. فنحن ليس لدينا سياسة صحية ولا ممارسة مهنية صحيحة في بلدنا.. ‏

‏

قرار ولكن...؟ ‏

وتحدث د.سالم عينتابي (رئيس المركز التخصصي للأمراض الجلدية في وزارة الصحة) عن قرار صدر مؤخراً تم بموحبه توصيف العمليات التجميلية وتبعيتها لاختصاص جراح التجميل أم الجلدية. ‏

وأوضح أن القرار يمنع أي طبيب بالظهور على شاشة التلفاز في ندوة طبية أو برنامج صحي دون موافقة وزارة الصحة ونقابة الأطباء، لأن هناك أطباء جلدية تتم استضافتهم في البرامج التلفزيونية المحلية ويتحدثون بمعلومات خاطئة وهذا يسيئ إلى أطباء سورية ككل.. وأضاف كما إن القرار يمنع نشر أية دعاية في أية جريدة رسمية أو غير رسمية إلا بموافقة وزارة الصحة.. ‏

‏

المريض بلاحماية ‏

وبالنسبة لموضوع تأهيل وتدريب الأطباء في اختصاص التجميل فقد أكد د.عطية نفوج (أستاذ في كلية الطب في جامعة دمشق ورئيس شعبة الجراحة الترميمية والحروق في مشفى المواساة).. أنه غير كاف.. لأن التأهيل يتم في المشافي الحكومية التي تضم شعب تجميل بدائية من ناحية الإمكانات وعدد المرضى الذي لايكفي لتدريب جميع الطلاب وإعطائهم الخبرة الكافية أثناء العمليات خلال سنوات التخرج. ‏

وطالب د.عطية بإحداث مجلس أعلى للاختصاص في الجراحة التخصصية (التجميلية والترميمية) يقوم بوضع ضوابط للاختصاص ومتطلباته وبزيارات للمشافي المتوفرة في سورية، ثم يقرر ماهو المشفى المقبول للتدريب، وهل هناك إمكانات في شعبة التجميل فيها.. وفي النهاية يجب أن يكون امتحان الاختصاص موحّداً. ‏

وعن المبالغة في أجور العمليات التجميلية قال د.عطية: إن الضمير يبقى هو الحكم الأول والأخير في هذا الأمر إضافة الى السلوك الطبي، حيث من الصعب جداً أن تحكم على طبيب كم يأخذ من أجرة في عيادته إلا بعد أن تأتي الشكوى عليه. ‏

وأشار الى أن هناك تقصيراً واضحاً في تطبيق العقوبات على الأطباء المخالفين. ‏

وقال: يجب أن تكون هناك مسؤولية فعندما تأتي الشكوى يجب أن تعالج بحزم لأن المشكلات التي نراها خلال تشكيل اللجان الطبية هي التشوّهات الحاصلة نتيجة العملية في حين المبالغ المقبوضة كأجرة لها تكون كبيرة جداً. ‏

ونتيجة التقصير صار عند المريض قناعة بأن الأطباء يلفلفون الموضوع فيما بينهم ويكتبون تقاريرمن أجل مساعدة بعضهم.. ولذلك فإن أغلب المرضى لايتقدمون بشكوى بسبب قناعة ترسخت لديهم أنهم لن يحصلوا على نتيجة... وأوضح د.عطية: إنه من السلوك الطبي الخاطئ أن يقوم الطبيب بأخذ مريضة الى المشفى ويجري لها عملية دون أي مرافق ولاعلم أهلها. ‏

‏

أخطاء طبية كبيرة ‏

وفي ختام الندوة حذّر د.رمضان من إجراء عمليات شفط الدهون في العيادات الخاصة بسبب: ‏

أولا:ً الصدمة التي تحصل للمريض(ـة) نتيجة فقدان السوائل. ‏

ثانياً: وإن الشيء الأهم الذي يستدعي إجراء عمليات شفط الدهون في المشافي التي يوجد فيها عناية مشددة هو تشكل الصمامة الدهنية، حيث إنه لاسبيل لإنقاذ المريض الذي حصلت معه الصمامة إلا بإدخاله العناية المشددة. ‏

وثالثاً: إن العيادة غير معقمة ولايوجد فيها التجهيز ات كالمشافي، وبالتالي فإن نسبةحدوث الانتانات في العيادة عالية. ‏

وأكد د.رمضان: إن بعض الأطباء يلجؤون الى إجراء العمليات الجراحية داخل عياداتهم الخاصة بهدف توفير مبلغ بسيط لايريدون دفعه الى المشفى.. وهذا العمل هو خطأ طبي يجب أن يُحاسب الطبيب عليه. ‏

ونبّه نقيب الأطباء الى مسألة وهي: ليس كل طبيب معروف ومشهور ويذهب إليه مرضى كثيرون يعني أنه الأفضل.. هذا كلام غير صحيح. ‏

د.عطية قال: إن ممارسة عملية شفط الدهون في العيادات الخاصة هو خطأ طبي كبير من الناحية التقنية ومن ناحية مايترتب على المريضة من اختلاطات، وكلّنا سمع أن هناك مرضى كانوا يخضعون لعملية شفط الدهون ماتوا في إحدى العيادات وهذا حصل قريباً. ‏

إذاً هناك استهتار بالموضوع، فعملية شفط الدهون هي عملية ليست بسيطة. ‏

‏

مشكلة الوشم ‏

وفي ظاهرة الوشم المنتشرة بين الشباب قال د.عينتابي: إن هذه المشكلة تظهر واضحة أثناء فحص الانتساب الى كلية العلوم الشرطية بسبب الرفض.. وهنا يلجأ الشاب الى طبيب لإزالة الوشم بأسرع وقت حتى لايفوته وقت التقديم. ‏

هنا أريد أن أنبّه ـ والكلام للدكتور عينتابي ـ الى أمر في غاية الأهمية وهو أنه لايوجد جهاز في العالم كله يزيل الوشم في جلسة واحدة.. ولذلك يجب على رابطة الجراحة التجميلية توجيه تحذير الى جراحي التجميل كافة بعدم إزالة الوشم في جلسة واحدة حتى لو طلب الشخص ذلك، وأبدى تحمله كامل المسؤولية لما سيحصل له من اختلاطات بعد عملية إزالة الوشم.. وفي هذا المجال تمنى المهندس محمد تحسين شحادة مدير وصاحب المجلة على نقابات الأطباء استخدام الإعلام لتوعية المواطن لأن الإعلام جزء مهم من حياة الناس. ‏

‏

ت: طارق الحسنية‏