اقتباس: بل هم عنصر بنيوى اساسى واصيل فى الهيكل الثقافى والاجتماعى للمجتمعات التى انتجتهم
ونعم "بهيك مجتمعات" ....
مع هذا فمشكلة الإخوان هي في الأساس ... أساس البناء الفكري عندهم أعوج، ومع هذا فهم يحاولون الترميم والتصليح كي يتماشوا مع العصر ومنطقه ونزوعه إلى تقديم الديمقراطيات على غيرها من أنظمة الحكم.
الإخوان يبنون فكرهم السياسي على "الحاكمية" التي قال بها "عراب الإرهاب سيد قطب"، وهم بطبيعتهم ينزعون نحو الثيوقراطية والاستبداد ... ليس لأنهم يريدون هذا الأخير، ولكن لأن النصوص التي التزموا بها وفسروها لم تعطهم أكثر من هذا ...
الإخوان "فاشيون" لأن الأديان جميعها "فاشية" لا تحتمل الاختلاف، وهم نضدوا نظرياتهم السياسية على هذه القواعد الفاشية منذ دهر ... ومع ذلك، فهم يحاولون أن يكسروا من حدة هذه "الفاشية" بقدر الإمكان، ولكن هيهات .. فالمشكلة هي في الأساس، في الجذور، في المعدن الخام ...
الإخوان ما زالوا موجودين منذ نصف قرن ونيف على الساحة السياسية نتيجة لتخلف العرب واحباطاتهم المتكررة وضنك عيشهم، بالإضافة إلى الذهنية الدينية المسيطرة على عقولهم، والتي لن يستطيعوا منها فكاكاً إلا بعد سنين طويلة ... هم كما يقول "فضل" عنصر أساسي و"أصيل" في الهيكل الثقافي والاجتماعي للمجتمعات التي أنتجتهم لأن هذه المجتمعات متخلفة. فالشوك لا يعطي العنب، والدجاج الهزيل لن يبيض الصقور، و
"تلك العصا من هذه العصيّه
ولا تلد الحيّة إلا الحيّه" .
رغم امتعاضي من نظريات الاخوان السياسية إلا أنني أضع أحياناً نفسي مكانهم وأقر بأن موقفهم صعب حقاً. فهم لو تمسكوا بما هم عليه حتى الساعة فإنهم سوف يبقون خارج الزمن لو وصلوا إلى الحكم، أو خارج اللعبة السياسية لو لم يصلوا. أما لو حاولوا التغيير، ونلاحظ في الفترة الأخيرة بعض البدايات في هذا الاتجاه، فإن عليهم "هدم أسسهم الفكرية وتسوية أرضهم من جديد" كي يستقيم البناء. فليس معقولاً أن يتمسكوا بإرث سيد قطب وحسن البنا ويعلنوا بأن "الإسلام دين الدولة"، ثم يأتونك بعد ذلك متحدثين عن حقوق الانسان ومتباكين على الحريات والديمقراطية.
هل ينجح الإخوان في محاولاتهم الترميمية؟
عندي، أنهم لو بقوا على منهجهم الحالي في الاستناد إلى الحاكمية ووضع دين للدولة فإنهم ينفخون في قربة مقطوعة. ولكنهم لو أصلحوا رؤيتهم، وتخلصوا من الإرث "القطبي"، وعمدوا إلى تقديم العقل والاحتكام إلى التأويل في النصوص الدينية، فإنهم سوف يشفون من لوثتهم ويبدؤون السير نحو المستقبل والدولة الحديثة، ونستطيع أن نقارنهم عندها، وعندها فقط، بالأحزاب الديمقراطية المسيحية التي تلعب دوراً بارزاً في الدول المتقدمة.
أخيراً، كان الله في عون الإخوان كي يطوروا نظرياتهم ويخرجوا من ثيابهم الرثة الخلقة البالية، وكان الله في عوننا على احتمال ما يجرعونا إياه من غصص ريثما يتحضرون.
واسلموا لي
العلماني