هلق كل ما بدك تطلع من تهمة الأخونة الملزقة فيك بلحام بارد بتطلع بكام تحشيكة بالإخوان؟!:lol:

ما علاقة خلط الدين بالسياسة في ما كنت أحاور به؟

الموضوع ببساطة أن الزميل جواد ناقشني أكثر من مرة سابقا بقناعاته الشحرورية بخصوص القدر، ورأيته هنا يتعرض لموضوع عقيدة القضاء والقدر كأنها بدعة أموية فتوقفت معه قليلا حولها!

أتمنى بالفعل ألا يكون قاصدا لذلك كما أفهمنا في تعقيبه اللاحق، غير أنني بالفعل أريد منه أن يوضح لي صلة هذه السلبية الصوفية والاستسلام المريض لنوازع الحاكم المستبد ببني أمية!
وللمعلومية فهذه النظرية ظهرت مبكرا منذ عهد الراشدين، بل بالغت بتقديس الولاة وجنحت إلى تأليههم أحيانا! غير أنه من العدل والإنصاف أن نقرر بأنها استفحلت بعد ذلك بقرون، وتحديدا في العهد العباسي ومع إرهاصات العدوى الصوفية التي وفدت على المنطقة نتيجة الاحتكاك بالهنود والفرس وغيرهم!
وهنا لابد من التفريقب بين أمرين أرى أن أخي حسان شارك في الخلط بينهم أيضا!

موضوع الخروج على الحاكم الجائر، وموضوع إنكار منكر الولاة والنصيحة لهم وأطرهم على الحق أطرا:

المقصود التاريخي بموضوع الخروج على ولاة الجور هو الخروج المسلح على سلطان الدولة، وهو ما يشبه في عالم اليوم الإرهاب المسلح ضد سلطان الدولة ومصالحها، وهو موضوع حسمه فقهاؤنا بالمنع بعد إذ رأوا ما أفضت إليه ثورات الحسين وابن الزبير وطلحة وعروة وعائشة وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وفقهاء العراق ووو من دماء وفساد وفتنة، وهي قضية اجتهادية أرى أن عقلاء العصر لا يزالون حتى اليوم يؤكدوا على هذا المعنى بعد تجارب مريرة معاصرة في سورية ومصر والجزائر والخليج، ومن هنا كانت النصوص التي أشار إليها الزميل حسان...

أما المقصود التاريخي بموضوع إنكار منكر الولاة والنصيحة لهم فهو ما يعرف في عالم اليوم بالمعارضة السلمية المدنية، وهو أمر قررته النصوص الشرعية ورأينا الفقهاء الذين عرض بهم الزميل جواد نفسه كيف يختلفون مع الولاة ويعارضونهم ويتحملون أذاهم وفتنتهم نتيجة مواقفهم الراسخة والشجاعة، فمن ذا الذي يخفى عليه فتوى المالكي في طلاق المكره وكيف تحمل في سبيلها أذى العباسيين لأنه لم يرخص ببدعتهم في التأسيس لولاية العهد عبر بيعة تحمل صورة طلاق الزوجة إن نكل عن البيعة!!
وكلنا رأى فتنة أبي حنيفة إزاء رفضه تولي سلطة القضاء لحاكم لا يرى أنه أوفى بعهد الله عليه، وكلنا يعلم فتنة الشافعي وابن حنبل مع خليفة وملئه المعتزليين ممن أرادوا فرض آرائهم الفكرية والعقائدية بقوة السلطان، وكلنا يعرف لاحقا ما بذله شيخ الإسلام ابن تيمية في سبيل استقلاله الفكري بعد إذ أغرى به خصومه من المتصوفة والأشاعرة لدى السلطان حتى قضى نحبه في السجن...
إذن في فقهنا الإسلامي التقليدي ما يؤسس للمعارضة السلمية وهم يعتمدون أساسا على ترغيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى سلطان جائر فأمره ونهاه، فقتله)

إذن مجرد الخلط بأن الخروج يعني عدم معارضة السلطة هو نوع من الهوبرة المردودة

هذه واحدة

الثانية أنني يا عزيزي شاركت في المؤتمر المذكور كما تعلم باعتباري كنت موظفا في رابطة العالم الإسلامي، وكنت في الهيئة السكرتارية للمؤتمر آنذاك، ولم يكن اسمه مؤتمر الجهاد بل مؤتمر مناقشة أوضاع الخليج، والشعراوي آنئذ لم يكن فردا في فتواه بل كان هذا رأي فريق العلماء الذين ضمتهم جنبات المؤتمر وتجاوزا آنئذ 900 شيخ.
ومن حيث المبدا فلم يقل المؤتمر أمرا خارجا عن المألوف أو حكما شرعيا مبتدعا، بل أعلن بوضوح فتوى فقهية يحلو للبعض تجاوزها، وهي تشي ببراجماتية إسلامية لا غبار عليها من وجهة نظري لولا أن الولاة يتلهون بها فيظهرونها حينا ويخفونها حينا آخر، ومن جهتي كنت أقرب في ذلك العصر لهذا الرأي الرافض لاحتلال الكويت ولغزو حزب صدام أرض الكويت، ولم أجد غضاضة في الفتوى لا لأنها توافق هواي فحسب، بل لأنها مؤصلة وقائمة على أصول معتبرة يحلو لبعضنا حين الغضب والشنآن أن يتجاوزها!!
نعم الشرع أسس للخروج على الحاكم ومنع من ذلك معا، أسس للاستعانة بغير المسلمين ومنع من ذلك أيضا، أسس للبراءة من الكفار وأمر بالبر والقسط إليهم معا، أمر بالقتال والصلح معا، بالانتصار للمظلوم والعفو والإحسان معا، بالغلظة في مقام المعركة، وعدم الغلظة في مقام الدعوة معا، وكان هو سبحانه ملهم خلقه حين تسمى بالضار والنافع معا، وحين تسمى بالجبار والرحيم معا، وحين تسمى بالمؤمن والمنتقم معا، فما خلطنا في هذا كله بين حال وحال، أو مقام ومقام، ويبقة أن بعض الساسة من المتعلمنين والمتلبرلين والمتمركسين هم من يتاجر بالدين لا غيرهم، ويحلو لهم أن يبدو بعض الأحايين غيرة على الدين كما أبداها فرعون من قبل حين قال بكل حدب وشفقة وطراوة: (إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد)!!! ممن يخاف هذا الفرعون؟ من موسى وهارون!!:lol:

لا أختلف معكما في أن هناك من يوظف بعض النصوص خدمة للطاغية، كما هناك من يزور المبادئ الديمقراطية والنصوص الدستورية تبريرا لذات الطاغية، كما هناك من يقف عثرة في وجه إصلاح سياسي مدعيا أنه حادب على الإصلاح الديني أولا!! غير أن تخصيص بعض دون بعض في الملامة يعني أن ثمة ميزان أعوج وكيل مطفف وتقويم أبخس

أكرر بأن هذا ليس دفاعا عن فضيلة الشيخ الشعراوي، والذي أرى وفاء لذكراه العاطرة رحمة الله عليه ألا يجرمنا شنآنه على أن نعدل فيه، ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها، فقد كان داعية فضيلة وعفاف ونور، لم يقبع كغيره في أبراج عاجية لينظر على الأمة قراءاته المعاصرة للكتاب والسنة، ولكنه نزل إليهم وخاطبهم بما يعقلون، فكان له أثره على الجميع، وهيهات أن تكدر بحر علمه بعض الدلاء، وماء الفضيلة والعلم إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث فكيف بواسع عطاءاته رحمه الله دون أن أبرر له ما ورد من كلامه في هذا المقال

واسلموا لود واحترام(f)