'البعث' هيكل فارغ وغطاء


- 20 -

عن المعارضة السورية تحدث المسؤول المهم الذي يتعاطى ديبلوماسيا مع سوريا في الموضوع اللبناني السوري في مؤسسة ثالثة من مؤسسات الادارة الاميركية، قال: "المعارضة السورية في الخارج ليست قوية. هل يعود "الاخوان المسلمون" السوريون المقيمون في المنفى الى بلادهم؟ قيل كثيراً ان الرئيس بشار الاسد سمح لهم بالعودة. لكن ذلك لم يحصل. [SIZE=6]هل صحيح ان "الاخوان المسلمين" السوريين لم يعودوا اقوياء؟" اجبت: لا اعتقد ذلك. انهم يعملون تحت الارض اذا جاز التعبير (Underground). وقد يكونون الاقوى في سوريا. لكنهم اذكياء. اذ يتركون الليبراليين يتحركون ويعارضون ويدعمونهم. وذلك يجنبهم مواجهة مع النظام لا يريدونها الآن قد تكون بالغة السلبية بالنسبة اليهم. رد: "طبعا يمكن ان تتخذ القيادة السورية خيار اللجوء الى القوة في الداخل. وقد يساعدها ذلك في الامساك بالوضع من جديد. لكن الى ماذا سيؤدي ذلك مستقبلا وفي ظل الظروف الاقليمية والدولية المعروفة فضلا عن الداخلية؟ والى متى يستمر هذا الامساك بالوضع؟ الاجهزة الامنية والجيش ضعفاء ولا يملكون امكانات فعلية. الا انهم رغم ذلك قادرون على الاقل الآن على ترتيب الوضع على الحدود السورية العراقية وعلى مواجهة الاوضاع في الداخل. يقولون لنا في القيادة السورية وعلى كل مستوياتها ان التخلي عن حزب البعث حزبا قائدا في سوريا يعني انهاء النظام السوري. عمليا صار هذا الحزب هيكلا فارغا او نوعا من الهيكل الفارغ. فالسلطة الفعلية في سوريا ليست له رغم الكلام الرسمي والمادة في الدستور التي تنص على كونه الحزب القائد. بل هي للاجهزة. وكل ما يطلبه منه النظام هو الشرعية القومية العربية والوطنية وذلك كي ينجح في تجاوز عقدة استناده الى قاعدة شعبية صغيرة او اقلوية". اضاف المسؤول المهم نفسه: "يقال لنا ان الرئيس بشار الاسد سيعمل انقلابا على الذات في المؤتمر القطري الذي سيعقده حزب البعث في النصف الاول من حزيران المقبل. لست واثقا من ذلك. في اي حال اي تعاون حالي او مستقبلي قد ينشأ بين سوريا واميركا في حال قرره الرئيس بشار ويكون اساسه التجاوب الكامل مع المطالب الاميركية المتنوعة والتي ورد بعضها في القرار الدولي 1559 لن يكون على حساب لبنان وسيادته واستقلاله. الشعب اللبناني قام بما عليه. واميركا والمجتمع الدولي قاما بما عليهما (اصدرا القرار 1559 والقرار 1595 المتعلقين بانسحاب سوريا من لبنان جيشا ومخابرات ونزع سلاح الميليشيات فيه والتحقيق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري). لكن على اللبنانيين ان يتابعوا دورهم وعملهم. هذه مهمتهم كي نستطيع الاستمرار في تقديم المساعدة لهم. من هنا ضرورة بقاء المعارضة موحدة وضرورة اجتذاب الشيعة اللبنانيين او قسم مهمّ منهم الى صفوفها. وعلى سوريا التجاوب مع لجنة التحقيق الدولية. واذا كان رئيسها بشار الاسد ذكيا وبريئا فان عليه واجب مساعدة هذه اللجنة وتسهيل مهمتها، ذلك ان الانطباع السائد عندنا وعند غيرنا ان اللجنة المذكورة لن تستطيع انجاز اي شيء اذا لم تتعاون معها وعلى نحو تام السلطة والاجهزة اللبنانية وسوريا. ان التفاهم الاميركي السوري اذا حصل قد يؤدي الى خطوات اصلاحية صغيرة داخل سوريا. لكنه لن يدفع سوريا الى تغيير سياستها وممارساتها المعروفة في لبنان حتى بعد انسحابها العسكري والامني والرسمي منه وذلك نظرا الى تشابك المصالح واهمها على الاطلاق المصالح الاقتصادية والمالية والفساد والمافيات المشتركة".

هنا سأل المسؤول الاميركي المهتم نفسه: "من يستطيع الآن ان ينتدب نفسه للتصحيح من داخل النظام السوري؟ العم رفعت (شقيق الرئيس الراحل حافظ الاسد ونائبه لمدة طويلة) سمعته غير جيدة في الداخل والخارج. ولا يوجد، على حد علمي، تنسيق بينه وبين واشنطن. ربما هناك اقوياء آخرون داخل النظام قادرون على التصحيح. لكن في الحقيقة لا املك المعلومات عن امور كهذه. الشعب السوري يهمه تحسين الوضع الاقتصادي وتأمين وظائف للعاطلين عن العمل وابقاء الدعم على السلع الحيوية. ولذلك فانه قد لا يتحرك من اجل مطالب سياسية على الاقل الآن". علقت: في سوريا ولبنان كما في غيرهما من الدول المتخلفة نادرا ما حركت القضايا المطلبية الناس. لكن الدين واحيانا المذهب كان دائما يحركهم وبقوة. وهو لا يزال المحرك الاول لهم. فهو قبل الاقتصاد والانتماء الوطني او القومي واحيانا قبل الامني. وأكمل المسؤول نفسه كلامه عن سوريا قال: "التقيت وزير خارجية سوريا فاروق الشرع حوالى 12 مرة. والتقيت نائبه السفير وليد المعلم مرات كثيرة. لكن لا نتائج عملية تحققت من هذه اللقاءات. حاولت القيادة السورية العليا توسيع دور المعلم بحيث يشمل لبنان. لكن كان واضحا لي ولاميركا وللجميع ان مهمته اللبنانية كانت تغطية لما يحصل فيه او كان يحصل فيه والذي شكا منه اللبنانيون وليس تغييره. لهذا السبب لم ينجح المعلم. بل ان ذلك تسبب بفشله. وفي اي حال قد ينجح المعلم في اماكن عدة معروفة لكنه قطعا لن ينجح في لبنان. احيانا اعتقد ان الرئيس بشار الاسد لا يريد تسوية مع اسرائيل. لا يرى مصلحة له في ذلك. انطلاقا من اقتناع بان الاقلية لا تستطيع ان تصالح اسرائيل او تتوصل الى سلام معها بخلاف مصر والاردن حيث "اكثرية" النظام في كل منهما غير السياسية طبعا مكنتهما من "التصالح" مع اسرائيل. قد يكون ذلك صحيحا. لكن عليه في النهاية ان يقدم على هذا الامر. علما انه لم يقدم شيئا جديدا اثناء اقتراحه معاودة المفاوضات بين بلاده سوريا واسرائيل. قال نحن مستعدون ان نحكي معها. وهدفه من ذلك كان ربما اجتذاب اسرائيل اولا واميركا لاحقا فتخفف ضغطها عليه. وعليه اذا كان جادا في هذا الامر وراغبا فعلا في سلام مع اسرائيل وعلاقة جيدة مع اميركا ان يظهر جدية في معالجة موضوعات عدة مثل "حزب الله" اللبناني و"حماس" و"الجهاد" الفلسطينيين. اذذاك ربما يقتنع الاميركيون انه جدي. طبعا ليس هناك في واشنطن او اسرائيل او في غيرهما من يظن للحظة انه قد يزور القدس او اسرائيل كما فعل الرئيس المصري الراحل انور السادات". قلت: كان الرئيس الراحل حافظ الاسد جادا في موضوع التسوية السلمية مع اسرائيل قبل اشتداد المرض عليه الذي ادى الى وفاته. لكن اسحق رابين ولاحقا ايهود باراك رئيسي وزراء اسرائيل لم يساعداه. رد المسؤول الاميركي المهم نفسه: "الثلاثة اخطأوا بمن فيهم حافظ الاسد ومعهم الادارة الاميركية. اما الرئيس جورج بوش فانه لم يكن بعد انتخابه قبل الاعتداء الارهابي في 11 أيلول 2001 الذي تعرضت له اميركا مهتما كثيرا بلبنان وحتى بسوريا او بوجودها العسكري والامني والسياسي فيه. لكن بعد 11 ايلول صار في حال حرب مع الارهاب وصار اكثر اهتماما بهذين البلدين او اكثر تركيزا عليهما. وتعاونت سوريا معه في هذه الحرب بعض الشيء وتعاونت جزئيا لاحقا في الموضوع العراقي. لكن التعاون او المساعدة لم يكونا كما يجب. سلمت سوريا سبعاوي شقيق صدام وعددا من رفاقه. لكن هناك آخرين مثله لا يزالون طليقين في دمشق. ونحن نعرفهم. ولهذا فان موقف بوش في ولايته الثانية من بشار وسوريا حازم وجازم ولا يقبل انصاف الحلول. وسيبقى كذلك".

ماذا قال مسؤول معني مباشرة بسوريا عنها وعن لبنان في المؤسسة الثالثة من مؤسسات الادارة الاميركية؟


سركيس نعوم