الأخت الكريمة مسلمة تحية طيبة.

وبعد،
علم الإقتصاد، هو علم كتبت فيه كتب ومجلدات ضخمة، ومجموعها في العقود الأخيرة، يتفوق كمياً ووصفياً على علوم القرآن منذ 14 قرناً. لكن لا بأس بإعادة النظر.

غصة فى حلقومي، تؤرقنى لدرجة الإشمئزاز وأنا أكتب.
كنت أتوقع وجود نظريات إقتصادية تشرح لما يتم التبادل مثل قوانين "المنفعة الحدية"، ونظريات تشرح معيار القيمة مثل قوانين "الندرة النسبية"، ونظريات تشرح السوق مثل "العرض والطلب"، ونظريات تحدد ظروف السوق من "تضخم / كساد".
كنت أتوقع نظريات تحدد نمط المستهلك ودوافعه النفسية للإقبال على سلعة والنفور من أخرى، كنت أتوقع تقسيماً إقتصادياً مثل "منفعة إستبدال" و"منفعة الإستعمال" و"سلع التظاهر" و"السلع الدنيا"، وأسباب شذوذ هذا وتلك.
كنت أتوقع "منحنيات سواء" و"رسوم بيانية" و"مخططات" و"دراسة جدوى" و"معايير المخاطرة" و"أساليب التخطيط" و"خطط تنمية" وأشياء عدة أضعت عدة أعوام في دراسة سطحية بسيطة لها ولا أدعي سوى معرفتي بقشور الإقتصاد.

فما علاقة قائمة المحرمات والأحكام البدائية والركيكة التي أراها في هذا الشريط، بعلم الإقتصاد!

حرمة الربا:
ما هو الربا؟ وما شروط ثبوت كونه ربا؟ (كناحية دينية أود فهمها)
وما علاقة الربا بالفوائد إذا كانت برضا وإقبال بل وإستفادة الطرفين؟
وهل يمنع الإسلام الإيجار المحدد المدة؟
لو كان يمنع الإيجار، فلماذا نري المسلمين يستأجرون المنازل أو السيارات ويدفعون قيمة تأجيرهم للعين أو للسلعة؟
ولو كان لا يمنع، فلماذا نرى هذا التناقض فى حالة إيجار النقود بإعتبارها سلعة، ترد مضافاً إليها قيمة إستخدامها كحال أى سلعة أخرى؟
وأخيراً، ما علاقة كل هذا اللغط بعلم الإقتصاد؟

للذكر مثل حظ الأنثيين:
ماذا؟ يا لها من قاعدة إقتصادية محكمة!
قاعدة تضرب عدالة التوزيع وتنسفه نسفاً.
ما علاقة هذا التعسف بعلم الإقتصاد؟

حرمة دم ومال المسلم:
!!!!!!!!!
هل نفهم من هذا أن الأصل هو إستباحة الدم والمال، والمحرم هو دم ومال المسلم؟
المسلم فقط؟ والبقية الباقية من البشر، حلال!؟
تباً، كيف أتتكم لحظة الجنون التي دعتكم لكتابة هذا العداء للجميع!!
هل الأصل في الإسلام هو القتل والسرقة؟ ألف لعنة!
ما علاقة هذه العنصرية بعلم الإقتصاد؟

اقتباس:وتمتاز هذه الأحكام بأنها:لا تتغير ولا تتبدل مهما تغيرت الأزمنة والأمكنة

هذا الفشل لا يتغير ولا يتبدل مهما تغير الزمان والمكان، إذن هذا الفشل دائم في كل زمان ومكان. مجانين يعيشون بيننا! أودعوا المجانين المصحة! أدخلوهم عنبر الخطرين! إنّ ترك مثل هؤلاء بهذا الفكر المتجمد، لهو خطر على الكون بمجمله!
ما علاقة هذا الهرف بعلم الإقتصاد؟

اقتباس:- إيقاف عمر صرف سهم المؤلفة قلوبهم من الزكاة معللاً ذلك بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما كان يعطيهم ليتألف قلوبهم و الإسلام ضعيف، أما وقد أعزّ الله دينه فلا حاجة لتأليفهم ، وقد أقرّه الصحابة على ذلك فكان إجماعاً . .

أليس سهم المؤلفة قلوبهم هذا هو "رشوة"؟
ما معنى أن يسمح الله بدفع مبالغ نقدية أو أراضي لأشخاص ذوي نفوذ لتهدئتهم سوى أنها رشوة؟
ثم بأى حق يجتهد عمر في إلغاء حكم شرعي من نص قرآني؟
هل الإجتهاد يفوق القرآن قطعي الثبوت والدلالة، والمصدر الأول للتشريع الإسلامي؟ إذن ما معني "لا إجتهاد مع وجود نص"؟
ثم هل نعود لتفعيل النص القرآني الآمر بالرشوة لو عادت الظروف وأصبح الإسلام ضعيفاً؟
ثم ما علاقة كل هذا بعلم الإقتصاد؟

الكارثة، أن بعد هذه الأشياء، نري الكاتب يقارن بين ما سبق والنظام الإشتراكي والرأسمالي!
فما معايير دخولك أصلاً وسط هؤلاء العمالقة يا سيدي؟ لنرى.

اقتباس:الركن الأول : الملكية المزدوجة :
ونقصد بها:الملكية الخاصة التي يختص الفرد بتملكها دون غيره،والملكية العامة هي الملك المشاع لأفراد المجتمع.والاقتصاد الإسلامي يقوم على تلك الملكيتين في آن واحد.ويحقق التوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة ويعترف بهاتين المصلحتين طالما لم يكن ثمة تعارض بينهما؛وكان التوفيق بينهما ممكناً.أما لو حصل التعارض فإن الإسلام يقدم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد.

ما هي معايير الممتلكات الفردية؟ وما هي معايير الملكية العامة؟ وعلى أي أساس يتم ذلك؟
عدم وجود آليات محددة وواضحة تحكم الملكية الفردية أو العامة، فهذه إرتجالية وعدم نظام. وهذا واضح من إستطراد الكاتب وقوله: "إذا كان التوفيق ممكناً، أما لو حصل التعارض فـ....." فعن أي توفيق وتعارض يتكلم إذا كان الأمر ليس له ضابط واضح يميز بين الملكية الفردية والمشاع؟

اقتباس:1- قوله صلى الله عليه وسلم (( لا يبيع حاضر لباد )) ( ) يعني أن يكون له سمساراً فيرفع السعر على الناس بأعلى مما لو باع البادي بنفسه .
2- قوله صلى الله عليه وسلم : (( لا تلقوا الركبان )) ( )فالمتلقي سيشتري بسعر أقل وسيبيع الناس بسعر أعلى ،وهو فرد قد حرم الناس من الشراء من الركبان أنفسهم بسعر أقل .

ماذا؟
إذا كان علم الإقتصاد أساساً قائم على التبادل المستمر لخلق فرص عمل. فما معنى إلغاء الوسيط السلعي؟
هذا نظام بدائي قبلي يصلح للقري ذات الأفراد المحدودة والتى يمكن لزارع القمح بيع القمح للراعي مباشرة. ويمكن للراعي بيع الشاه للمستهلك مباشرة.
أما في نظام مدني عالي التخصص غزير الإنتاج وتجمع سكاني ضخم (دولة مثلاً، ونحن بالأصل نناقش إقتصاد دولة)، فلا صاحب المزارع يستطيع اللف والدوران على كل منزل ليبيع له أم لا، ولا يستوعب سوق ما كل نتاج مزارعه، ويستلزم الأمر بائع جملة، وبائع تجزئة، ومضاربة، ووسطاء عدة حتى يتم وصول القمح لمستهلكيه. وكل هؤلاء سماسرة.
ولا يستطيع صاحب مجزر نفس الأمر، فلابد من وسطاء وسماسرة. ولا تستطيع شركة الأدوية البيع بدون صيدلية، ولا الباحث عن عقار للسكني بدون "سمسار عقاري"، ولا الباحث عن سيارة بدون "سمسار سيارات" (صالح لكل زمان ومكان؟)

اقتباس:3- أجاز بعض الفقهاء إخراج الطعام من يد محتكره قهراً وبيعه على الناس ( ).

فليسمح لي الكاتب بإعادة الصياغة بطريقة صحيحة:
أجاز بعض الفقهاء البلطجة والإستيلاء على الملكية الخاصة وبيعه (الإرتزاق منه؟) إذا كان محتكراً
هذا بسبب التضارب والعشوائية بين الملكية الخاصة والعامة، فلا توجد قوانين معالجة الإحتكار أساساً لتجنب وقوعه، وبالتالي فلا يوجد حل سوى العنف والإستيلاء على ملكية خاصة لمصلحة الجماعة.
وجود إحتكار من الأساس، هو فشل في النظام الإقتصادي، رحم الله الإقتصاد الحقيقي فلم نراه منذ عقود لأن الحكام العظام (أولى الأمر منا) يطبقون أبشع إستغلال لإقتصاد الشعوب بينما نحن نتجادل في سياسة الراعي والرعية تاركينهم فى الغرب يقومون بأحدث الأبحاث والنظريات بينما نحن نردد: صالح لكل زمان ومكان، حتى صرنا في قاع القيعان.

يكفي هذا الآن، فما عدت قادر على المضي قدماً.
شكراً لصبر القارئ

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني