الزميل العزيز اوريجانوس،
جزيل الشكر لك لما ابديته من اهتمام ووقت سمح لك بقراءة كافة ما كتبت إلى الآن من طريق النهضة.
اسمح لي زميلي الكريم أن أغض الطرف صفحا عن كل ما ذكرت من فقرات تتناول توجهي أو تتعرض له، وللنتقل راسا إلى ما يهمنا من البحث.
قد اعترضت حبيبنا على جعل الأصل العالماني هو "فصل الدين عن الحياة" على اساس أن زعمي هذا يؤلب القلوب النافرة، ويشق الجروح الغائرة.
واعترضت أن تعريفي هذا لم يكن أبدا تعريف القوم الذي قد ارتضوه لأنفسهم، ضاربا لنا مثالا عن ما سطرناه في
طريق النهضة (استطلاع رأي).
فقط للتذكير، فقد قلت في تفسيري أن:
أما عن التعريفات المذكورة في الاستطلاع، فهي حقيقة الأمر مجرد أوصاف قد يطلقها من يعتنق ذاك الرأي عليه، وهي ليست تعريفات منضبطة. ولهذا السبب وضعت بين قوسين للأمانة.
نعود إلى موضوعنا،
فكوننا نتناول التعاريف في البحث هنا، وليس مجرد أوصاف كل قوم على ما يرغبون، فلزم أن يكون التعريف
جامعا لغيرها عن الدخول بها.
وحين يستنبط التعريف، أرتكز على منطق الإحساس لإدراك عناصر المعرّف، وهو الأمر على ما هو عليه فعلا، لا كما أريده أنا أن يكون، ولا كما يرده السماع أو الكاتب الأصلي.
بالنظر في العالمانية البحتة، وجدت أنها ترتكز على فصل العلاقة بين الإله والعالم، بمعنى أن الإله أيا كان لا يجب أن يكون طرفا في تنظيم الحياة العامة والمجتمع والدولة، مع تركه شأنا خاصا للأفراد ليعالجوا ما يرتؤون من علاقات بين الإله وسلوكهم الشخصي الخاص، دون تدخل من الدولة أو المجتمع في هذا، ودون تأثير منهم على الدولة والمجتمع وفق هذا.
ووجدت أن أقصر التعبيرات عن هذا المفهوم هو "فصل الدين عن الحياة وعن الدولة".
الآن، أنتم لم ترضوا بتعريفنا على اساسين مقبولين للنظر عندي:
1- هذا التعريف ليس جامعا مانعا، وهو لا ينطبق على واقع العالمانية فعلا.
2- هذا التعريف يغاير ما أراده اصحاب النظرية العالمانية من مفاهيم.
لذا، أدعوكم زميلنا الفاضل، أن تشرح لنا بتفصيل أكبر، وفق ما قد درست في شأن العالمانية أو عنها، أن تضع لنا ما هي الأسباب الذي جعلت تعريفي للعالمانية يغاير واقعها، ومن ثم تضع لنا ما هي التعاريف التي وضعها اصحاب النظرية للتعبير عنها.
أما أنا فسأعكف بعض الشيء للبحث في التعريفات الجاهزة للمفهوم، والتي وضعها القوم أنفسهم عن العالمانية.
وهناك، قد يكون جهدنا المشترك سويا ذا اثر مثمر وفعال يفيد قارئنا، ويفيد كلينا معا. وحبذا لو أعطيتنا تعليقات ناقدة وبنيوية في الحلقات الأخريات، ذلك أن تعليقك الأخير قد حقزني أن أبخث في اتجاه، ومن يدري ربما يكون آخر البحث غير أوله.
ودمتم سالمين وشكرا!