سؤال وضيع هو ذلك الذي يسأل من استنكر الاعتداء على "حق صدام حسين الإنساني".. أين كنت عندما كان صدام يخالف حقوق الإنسان؟

وضيع لأنه لا ينظر إلى "القضية بنفسها" ولكنه ينظر إليه من خلال "قضية أخرى" ...

"القضية" إذاً هي أن "حقوق صدام حسين الإنسان السجين" اعتدي عليها. أما مسألة أن صدام - إبان فترة حكمه - اعتدى على "حقوق الإنسان" عند آخرين، فهي مسألة أخرى لا علاقة لها بقضيتنا. لماذا؟
لأن من يتشكى من اختراق حقوق الانسان في حالة ثم تجده معرضاً عنها في حالة أخرى لا مصداقية له.
لأن من يقول بفظاعة ما فعله "هتلر" ثم تجده يفعل فعل النازيين فلا مصداقية له.
لأن من يتشدق بالحرية ثم تجده جاداً في استعباد الناس ، لا مصداقية له. كذلك لا مصداقية لمن يدين الاعتداء على حقوق الانسان هنا ولا يدينها هناك، مع أن الحالة واحدة ولكن الأطراف فقط تغيروا.

اقتباس:لذلك فإن رؤية صدام حسين أمام "طشت الغسيل" بالنسبة للعربان فيه إهانة لآلهتنا جميعا وليس مجرد إهانة لصدام ، ونحن لا نريد التحرر من عبودية الفرد ، لذلك فإن صورة الإله يغسل ملابسه هى صورة مرفوضة تماما فى الضمير العربى ، لأنه ما يصحش ياجماعة ، ده مهما كان رئيس ، "وأرحموا عزيز قوم ذل" ، وردا عليهم أقول قولة (نجيب الريحانى) المشهورة :"ده مش عزيز قوم : ده نصاب قوم ، مهزوم قوم ، سفاح قوم ، إلخ) .

الكل يعلم بأن "صدام حسين" انتهى، وأصبح "سجيناً" في "غرفة ضيقة" برسم المحاكمة ولربما الشنق غداً. والمطلوب التعامل معه كسجين ينتظر المحاكمة ويتمتع "بحقوق الإنسان". لذلك فليس هناك من علاقة بين هذه القضية وقضية "التحرر من عبودية الفرد". ولكنها تتعلق بحميمية بنظام القيم و"الكود الأخلاقي" الذي عرفناه في معظم الحضارات.

إنه نفس "الكود الأخلاقي" الذي تقول به الآية القرآنية "اللهم لا شماتة".

إنه نفس سلم القيم الذي يجعل "الحلم عند القدرة" من مميزات السيد الشريف المحترم في عالم العرب الأقدمين.

إنه نفس المنهج الذي يقول جملة مشهورة مفادها "أذكروا محاسن موتاكم".

ولكن كاتب الموضوع يعمى عن هذه النظرة، ولا يجد في منظر صدام حسين غير بعض الصور التي تضحكه هو وتضحكنا عليه.

واسلموا لي
العلماني