[SIZE=6]حسني مبارك مصر، بشار الأسد سورية


كتب " أحمد أبو مطر
فعلا كفاية وألف كفاية!!!
كلما تفاءلنا لعدة ساعات، أن هذه الأنظمة العربية قد قررت الإستجابة لمطالب شعوبها في الإصلاح والحرية والديمقراطية، وأن هؤلاء الحكام قد قرروا العودة للصراط المستقيم الذي يسلكه قادة الدول الديمقراطية، وأنهم سيكتفوا بالعشرين

والثلاثين والأربعين عاما من التمسك بكرسي الحكم عبر القمع والإضطهاد والقتل والسجون والمقابر، حتى يفاجؤنا هؤلاء الحكام الطغاة بأن أملنا في الإصلاح والديمقراطية من خلالهم، فعلا كأمل إبليس في الجنة، فهم يثبتون كل يوم أنهم في السلطة من يوم إستيلائهم عليها حتى القبر، ومسيرة نصف القرن الماضي من تاريخ الشعوب العربية، تثبت أنها ما تخلصت من حاكم إلا من خلال الرفيق عزرائيل كما أكرمنا الله تعالى بمغادرة جمال عبد الناصر وحافظ الأسد والحبيب بورقيبة وياسر عرفات وغيرهم، أو من خلال الرئيس جورج بوش الإبن كما أكرمنا بسقوط الطاغية صدام حسين.
وتأتي الساعات الماضية لتزيد الصورة قتامة والحياة ظلمة، خاصة الأخبار الواردة من مصر و سورية، وهما القطران اللذان في أدبيات القوميين العرب، أقوى قوتين عربيتين، ورغم ذلك فلم تستعيد مصر سيناءها المحتلة بعد خمسة عشر عاما من الإحتلال الإسرائيلي إلا عبر إتفاقية كامب ديفيد، أما جولان الرفاق البعثيين الأشاوس فهي ما زالت محتلة من عام 1967 أي منذ ثمانية وثلاثين عاما!!! وهم مشغولون بإقامة التوازن الإستراتيجي مع العدو الإسرائيلي، الذي يحاورونه سرا و علنا في العديد من العواصم، وربما يسألونه عن كيفية إقامة التوازن الإستراتيجي!!!ما الذي جاءت به أخبار القطرين الشقيقين ؟؟؟. في سورية الرفاق العظام، بدأت حملة إعتقالات واسعة تعلن عن عودة سياسة القمع علنا وهي التي ما توقفت ولكنها كانت تجري في الخفاء، فبعد خطف وإخفاء القيادي الكردي الشيخ محمد معشوق الخزنوي في العاشر من مايو الحالي، قامت السلطات البعثية بإعتقال كافة أعضاء منتدى جمال الأتاسي، بما فيهم رئيسة المنتدى السيدة سهير الأتاسي و عضوة المنتدى السيدة ناهد بدوية، وكذلك الناشط حسين العودات، ومن بعده الكاتب والناشط علي العبدالله بعد تلاوته رسالة من المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في المنتدى نفسه، وكذلك إعتقال المحامي محمد رعدون رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية...هذا وقد قامت قوات الأمن البعثية في الأسابيع الماضية بالعديد من حالات قمع المعتصمين والمضربين بشكل علني، وأحيانا أرسلوا عناصرهم من طلاب الجامعات ليضربوا المعتصمين، والعديد من حالات القمع والإعتقال في المناطق الكردية في القامشلي وضواحيها والأحياء التي تسكنها غالبية كردية في دمشق و مدن أخرى...كل هذا القمع الهمجي، وما إنفك النظام يتغنى بالحريات القادمة مع مؤتمر البعث في حزيران القادم، فإذا كان كل هذا الإستبداد هو مقدمة خطاب المؤتمر، فأعان الله الشعب السوري على المضمون الذي سيسفر عنه!!!.
أما في الشقيقة الكبرى مصر، فحدث عن الوعود الإصلاحية دون حرج، ولكن الواقع أكثر من مأساوي، خاصة التعديات اللاأخلاقية من رجال الأمن التي أعلنت عنها نقابة الصحفيين المصرية، التي حدثت في وأمام مقرها، و وصلت حد التحرش الجنسي ببعض الصحافيات، وضربهن وتعريتهن وملامسة أجسادهن بتوجيه من حزب حسني مبارك الحاكم وعلى مرأى من شرطته وأمنه. أما نتائج الإستفتاء المسخرة، فقد كانت لطمة لمبارك وحزبه رغم أنها أجريت حسب المواصفات التي وضعها، فبعد مقاطعة غالبية الأحزاب والقوى السياسية، جاء إعلان وزير الداخلية الرسمي، أن نسبة الذين شاركوا فيها كانت ثلاثة وخمسين بالمائة!!. فهل يستنتج حسني مبارك وحزبه الدرس من هذه النتيجة، ولا يتعللون بأن غالبية المشاركين وافقت على التعديل الدستوري، الذي أساسا تم تفصيله وفق شروط تعجيزية، لا تسمح لغير حسني مبارك بالفوز برئاسة خامسة!!!. إن ما يغيظ كل القوى السياسية المصرية، هو هذا التشبث بالحكم بعد خمسة و عشرين عاما، من يفسر هذا الطغيان ؟. ماذا يريد بعد ربع قرن من الحكم القمعي ؟؟. أعتقد أنه لابد من أن يتداعى علماء النفس المصريين والعرب لدراسة هذه الحالة العربية، حالة الغرام بالكرسي ولو من خلال القتل والسجون والمعتقلات!!!. لماذا العرب دون غيرهم على هذه الشاكلة ؟؟. حتى في دول فقيرة مثل سيريلانكا وبينجلادش، يتداولون السلطة بشكل ديمقراطي، ومنذ أكثر من ربع قرن، وصلت المرأة عندهم للرئاسة..لماذا العرب فقط، بما فيهم مصر أم الدنيا و أقدم الحضارات ؟؟. ليت الرئيس حسني مبارك نفسه يشرح لنا لماذا يصرّ على الكرسي والسلطة بعد ربع قرن ؟؟.
لقد طفح الكيل كثيرا بالشعوب العربية، ولا أمل في هؤلاء الحكام، وليس أمام هذه الشعوب إلا خيار من ثلاثة :
1- نزع الخوف والجبن من النفوس والعقول، والخروج إلى الشوارع بالملايين، لإسقاط هؤلاء الطغاة، وبهذا الإسلوب أسقط الشعب الإيراني أعتى الطغاة شاه إيران، والشعب الروماني أسقط الديكتاتور تشاوسيسكو، والشعب الجورجي أسقط الطاغية شيفارنادزة...فلماذا العرب لا يتحركون ؟؟.
2- الدعاء ليل نهار في المساجد والحسينيات والكنائس لله تعالى أن يرسل لهؤلاء الحكام المستبدين الطغاة ملاك الموت الرفيق عزرائيل!!
3- وهو الخيار الذي لا أتمنى أن نكون من العجز كي نلجأ إليه، وهو دعوة الرفاق جورج بوش وتوني بلير، لتخليصنا من هؤلاء الطغاة، ولكن بإتفاق متفاهم عليه، على أن يعودوا لبلادهم بعد إنجاز هذه المهمة.....
وأنا من أنصار ودعاة الخيار الأول، فلماذا نحن العرب فقط، أصبح غرامنا بالمستبدين وكأنه حب تاريخي...فلنتحرك كي يرحلوا عنّا، ونبدأ حياة حرة كريمة كشعوب العالم الحر....لأنه فعلا : من يهن يسهل الهوان عليه!!!.



كاتب المقال أكاديمي فلسطيني، مقيم في أوسلو