بدأ الجسد فى تمرده على الإنسان منذ وقع الإنسان فى الخطية الأولى بمخالفة أوامر الله بعدم الأكل من شجرة معرفة الخير والشر ..

لقد كان جسد الإنسان متصالحاً معه ولا يسبب له أى متاعب .. كان آدم وحواء عريانان سلط ملط وهما لا يعلمان ولا يدريان لأنهما كانا فى حالة تصالح وتناغم وصفاء ونقاوة فى ما بينهما وما بين جسديهما .. لم تكن هناك مشكلة فى العلاقة بين الإنسان وجسده لم يكن جسد الإنسان قابلاً للمرض أو للتعب أو الموت .. لم يكن جسد الإنسان يشتهى ضد روح الإنسان .. ولكن بالسقوط فى الخطية الأولى فقد الإنسان هذا التناغم .

تكوين 2:
25 وكانا كلاهما عريانين آدم وامرأته وهما لا يخجلان

بدأت رحلة سقوط الإنسان أولاً عن طريق أذن حواء بإغواء الشيطان لها وتشكيكها فى الأمر الإلهى قائلاً : أحقاً قال الله لكما ألا تأكلا من تلك الشجرة ؟ وعندما أجابت حواء بالإيجاب وأن عقوبة المخالفة هى الموت قام الشيطان بالخطوة الثانية وهى نفى العقوبة عن فعل الخطية قائلاً : لن تموتا .. ثم يدخل الشيطان على الخطوة الثالثة وهى الإغواء بمكاسب من الخطية قائلاً : تكونان كالله عارفين الخير والشر .. وهكذا الشيطان يبدأ حربه دائماً مع الإنسان فى تشكيكه فى خطورة الخطية وعواقبها وفى الله ذات نفسه لكى يفقد الإنسان الدافع أو الرادع لعدم فعل الخطية .. ثم يدخل بعد ذلك على الإغواء والترغيب على الخطية بمكاسب مزعومة كاذبة .

تكوين 3:
1 وكانت الحيّة أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الاله.فقالت للمرأة أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة.
2 فقالت المرأة للحيّة من ثمر شجر الجنة نأكل.
3 واما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمسّاه لئلا تموتا.
4 فقالت الحيّة للمرأة لن تموتا.
5 بل الله عالم انه يوم تأكلان منه تنفتح اعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر.

ثم بعد أن شن الشيطان حربه ذات الحربات الثلاث (التشكيك فى الوصية - نفى العقوبة عن مخالفة الوصية - الإغراء بمكاسب وهمية من الخطية) بطريقة مكثفة متتالية خبيثة .. نجد أن تلك الحرب قد أثمرت ثمارها اللعينة فى نفس حواء وأمالت قلبها إلى محبة مخالفة الوصية (الخطية) .. فالسقوط إبتدأ عندما مال قلب حواء وراء محبة الخطية وليس عند الأكل .. ولذلك نجد حواء تنظر الى الشجرة المحرمة نظرة جديدة لم تكن لها من قبل .. نظرة شهوة بعد أن كانت نظرة بسيطة طاهرة .. فنجدها تجد الشجرة "جيدة للأكل" وأنها "بهجة للعيون" وأنها "شهية للنظر" .. وعندها كان السقوط الفعلى بالأكل من الشجرة حتمياً لأن القلب كان قد سقط قبلاً .

تكوين 3:
6 فرأت المرأة ان الشجرة جيدة للأكل وانها بهجة للعيون وان الشجرة شهيّة للنظر.فأخذت من ثمرها واكلت واعطت رجلها ايضا معها فأكل.


بعد سقوط القلب أولاً فقد الإنسان بساطته فى نظرته بطريقة نظر حواء الى الشجرة المحرمة وهذا كان أول تمرد لجسد الإنسان عليه .

بعد السقوط الفعلى بكسر الوصية والأكل من الشجرة ظهر الى العيان نتيجة تمرد الإنسان على خالقه .. بتمرد جسد الإنسان عليه .. فقد علم آدم وحواء لأول مرة أنهما عريانان وصار جسدهما لهما عاراً وخزياً وخجلاً .. كانت عقوبة التمرد على سيد الإنسان الله تمرداً من جسد الإنسان على سيده الإنسان .

تكوين 3:
7 فانفتحت اعينهما وعلما انهما عريانان.فخاطا اوراق تين وصنعا لانفسهما مآزر


ومن هنا بدأت مآساة الإنسان مع جسده .. وصار الجسد للإنسان فخاً وعثرة ومصدر قلق وتعب ومرض وخطية .. تمرد الجسد على الإنسان وصار سبب كآبة له وعار .. فصرنا نرى فضائح ومخازى لكثير من البشر الذين كرمهم الله بسبب مخازى أجسادهم وفجورهم . وصار الإنسان مخزياً وعارياً أمام الله :

تكوين 3:
9 فنادى الرب الاله آدم وقال له اين انت.
10 فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لاني عريان فاختبأت.
11 فقال من اعلمك انك عريان.هل اكلت من الشجرة التي اوصيتك ان لا تأكل منها.


ولكن هل الله لم يترك الإنسان فى خزيه وعاره وموته وتمرد جسده بل أعطى الحل والرجاء والفداء :

تكوين 3:
14 فقال الرب الاله للحيّة لانك فعلت هذا ملعونة انت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية.على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل ايام حياتك.
15 واضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها.هو يسحق راسك وانت تسحقين عقبه.

فالله أعطى الوعد بأن نسل المرأة يسحق رأس الحية .. ومن هو نسل المرأة إلا المسيح له المجد:

غلاطية 4:
3 هكذا نحن ايضا لما كنا قاصرين كنا مستعبدين تحت اركان العالم.
4 ولكن لما جاء ملء الزمان ارسل الله ابنه مولودا من امرأة مولودا تحت الناموس
5 ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني.
6 ثم بما انكم ابناء ارسل الله روح ابنه الى قلوبكم صارخا يا ابا الآب.
7 اذا لست بعد عبدا بل ابنا وان كنت ابنا فوارث للّه بالمسيح

المسيح إفتدانا بدمه من عار الجسد وخزيه صائراً بجسده عاراً وخزياً مائتاً موت العار حاملاً فى جسده الطاهر عار البشرية جمعاء لكى يظهر محبيه فى اليوم الأخير مطهرين غير ملومين مغسولين فى الدم الإلهى الثمين أمام عرش النعمة المهوب العادل .. ومن هو رأس الحية إلا إبليس اللعين الذى أغوى البشرية الى الخطية والهلاك والموت :

غلاطية 3:
13 المسيح افتدانا من لعنة الناموس اذ صار لعنة لاجلنا لانه مكتوب ملعون كل من علّق على خشبة.


ولن يستفيد من صلب المسيح وتحمله للخزى والعار إلا من كانوا للمسيح وقد صلبوا أجسادهم بمسامير الحب الإلهى :

غلاطية 5:
24 ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الاهواء والشهوات.

غلاطية 2:
20 مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا فيّ.فما احياه الآن في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي