الزميل العزيز ابراهيم عرفات،

لا يقاس الخالق بالمخلوقين ولا العكس.

لله أن يصنع ما يريد، وليس لي ولا لك أن نضع له قوانين تحكمه أو تحد من إرادته، وإن أردنا ولا بد فتذكر أننا لا نستطيع أن نضع قوانين تحكم نظام الكون الذي هو من صنع الجبار، فمن باب أولى الجبار جل في علاه.
نحن حين نقيس الله تعالى على ذواتنا، ظانين أننا مركز الوجود، فإننا ننسى أننا نعيش على قشرة أرض تشكل أقل من 5% منها، أرض تعتبر أحد الكواكب الصغيرة في مجموعة شمسية، والتي بدورها تقع في زاوية نائية من مجرة متواضعة في مكان ما من مجموعة عنقودية كبيرة في كون فسيح لا نستطيع أن نجزم بالضرورة أن الفيزياء(قوانين الكون) التي نعرفها تطبق في كل مكان منه.
ثم نأتي بعد ذلك نضع من هو بكل هذا الوجود محيط تحت ناموسنا وضمن مقياسنا؟ سبحان الله.

زميلي العزيز،
لله أن يستهزئ بمن يريد، وله في نفس الوقت أن يمنع غيره من الاستهزاء، فهو رب أولا وأخيرا، ولن نستطيع أن ندرك لم هو يستهزئ، أو طبيعة استهزاؤه، وليس لعبد خاضع جبرا لناموس الكون واختيارا للناموس الذي أنزله الله، أن يقرر للرب ماذا يريد وكيف يريد، وكيف يصنع مع العبيد.
وقد منحنا تفضلا منه ومنا علينا القدرة على أن نعترض بلساننا وقلبنا على ما يريده هو. إلا أن اعتراضنا هذا لن يتجاوز حناجرنا، وسنكون كنملة ظنت أنها تزعج شجرة توت كبيرة بمشيها عليها، ولله المثل الأعلى.

الله بالغ أمره، ولن يغير ما يريد لمجرد أنه لا يرضيني أو لا يرضيك أو لا يرضي غيرنا من البشر، وقد علمنا أنه (لو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن).

أما عن استهزاء المولى بمن يريد من البشر، فهو عقوبة لهم على ما اقترفوه من استهزاء بمن آمن بالله تعالى، إذ قد حرم تعالى الظلم على نفسه، ولا يعاقب الناس جزافا، وله أن يغقب الناس بما يريد، وسواء سر الناس بهذه العقوبة أم استاؤوا منها، فلن يغير الله أمره، وسيصنع ما يريد هو لا ما تريد أنت أو ما أريد أنا، ولن يكون لأمنياتنا دور في قراره العادل الحكيم الرحيم(لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا).

شكرا لحبيبنا عبدالرحمن ويصا، ولكل الأحباء الذين شاركونا هنا.