أخي الحبيب رحيم بارك الله فيك على ردودك القيمة

والواقع أن هذا الموضوع على طوله يدور على فكرة رئيسة قابلة للتفرع سنحاول هنا لملمتها وفروعها من خضم هذا الموضوع الطويل بلا حاجة أو قل لعجز عن الإيجاز المعبر – وهو مما يثير العجب عند انتقاد أبلغ نص عرفه الوجود - ثم الإجابة عنها إن شاء الله

· فهو أولا يأخذ من اختلاف المفسرين حول تفسير النص دليلا على غموضه وعدم تحديده ومن ثم فلا بلاغة له فهو أشبه بتفسير المبهم أو ما أسماه هو الغامض.
· ويأخذ ثانيا من احتمال اللفظ لعدة معان دليلا على نفس الإبهام المشار إليه في الفقرة السابقة ليصل الكاتب إلى ذات النتيجة التي بالطبع هي مقررة عنده سلفا وحاول إقناعنا بها عن طريق ما أسماه دراسة نقدية لسورة العاديات

أعتقد أن المقال في فكرته الرئيسة يدور على هذين الفرعين ولربما يزول هذا الاستغراب من النفوس إذا ما وقفنا على أسباب اختلاف المفسرين وعرفنا كذلك طبيعة اللفظ العربي الذي عرف الاشتراك والترادف والحقيقة والمجاز ..............
أما بالنسبة لاختلاف المفسرين فهو إما أن يكون في التفسير المأثور – أي المنقول رواية - أو في التفسير بالرأي – وهو المعتمد على الآليات والمقومات الواجب توافرها في المفسر وهي عبارة عن علوم ومعارف عديدة نص عليها في كتب علوم القرآن الأصول كالإتقان في علوم القرآن للسيوطي – لا يتسع المقام لذكرها

· أما بالنسبة للتفسير الأثري فالخلاف فيه راجع في أغلبه إلى ما يعرف بخلاف التنوع وليس خلاف التضاد وهذا النوع من الخلاف يثري ولا يضر حيث تتسع دائرته لتشمل الكثير من الأنواع المندرجة تحت أصل واحد أو قل: هناك رابط يربطها أو جامع يجمعها أو وجه شبه يتجاذب أطرافها جميعا ويدخل فيه أيضا ذكر العام ببعض أفراده على سبيل التمثيل وغير ذلك مما يعرفه أهل التخصص
·
وأما بالنسبة للتفسير الاجتهادي والذي يعبر عنه بـ " التفسير بالرأي " فالخلاف فيه قد يكون راجعا إلى المفسر ذاته واعتقاده رأيا يحاول أن يطوع آيات القرآن لتؤيده وللوصل إلى هذه الغاية لابد من التكلف في لي عنق النص لينطاع لهواه ، أو يكون راجعا إلى اللفظ ذاته من جهة كونه مشتركا لفظيا أو مترددا بين الحقيقة والمجاز ، أو بين الإظهار والإضمار ، أو التقديم والتأخير وغير ذلك مما لا أرى مناسبة لتفصيله ، أو يكون راجعا إلى عدم الفهم السليم ممن يتصدى للتفسير ، وما أكثر هؤلاء خصوصا في عصرنا الحاضر الذي انحدرت فيه الألسنة عن صحيح اللغة فلم تعد تتذوق الكلمة ولم تعد تعرف لها بلاغة ولذلك تعجبني كثيرا مقولة الغزالي أبو حامد : لو سكت من لا يعرف لقل الاختلاف.

وأما ما يتعلق باحتمال اللفظ لعدة معان والذي أخذ الكاتب منه دليلا على نفس الإبهام المشار إليه سلفا فاعذرني لو قلت: إن القول بهذا نتيجة عدم الوعي بطبيعة اللغة العربية ولربما لو قرأت عن دلالات الألفاظ وقفت على إجابة أسئلتك وغيرت وجهة نظرك ولولا أن ذلك لا يمكن اختصاره لأوجزت لك الكثير مما يتعلق بالموضوع والإحالة في ذلك تغني.