بدأت مع بداية الثورة الخمينية بما عرف بتصدير الثورة، وكانت مطارقها تتعرض لدول الخليج، وحاولت مرارا أن تزعزع الأمن فيها خاصة في مواسم الحج ومظاهرات ما أسموه (البراءة من المشركين) في اليوم الثامن من ذي الحجة في كل عام وبرعاية ممثل مرشد الثورة شخصيا!

ورأيتها فيما بعد في السودان حين حاولوا استغلال حاجته بالتمكين لثورتهم فيه، غير أن السودانيين الذين كانوا يراهنون على المعونة الاقتصادية قطعوا حبال الوصل بعد أن تبين لهم أن مهمة حرس الثورة نشر الكتيبات التعريفية بالثورة الخمينية والتشيع أكثر من إرادتهم نجدة أخيهم المسلم في السودان!

وقد أخبرني حماي أنه في بعثة لرابطة العالم الإسلامي وجدهم في السنغال يبنون مسجدا ضخما للتبشير بتشيعهم في قارة أكلها الجوع والحروب والمرض، وما عرفت شيعيا واحدا قبل ثورة الخميني! فإذا هم الإخوة تشييع هؤلاء السنة لا معونتهم وإنقاذهم مما حل بهم!

وما كنت لأعتب لو أن إيران تسمح في جمهوريتها للنشاط السني كما تسمح لنفسها نشر مذهبها في بلاد سنية أعوزتها الفاقة فوجد المنصرون والشيعة غايتهم وإربهم فيها!

طبعا أن يقال بأن حزب الله في لبنان يسترشد بمرجعية دينية من خارج الحدود فلا مشاحة أبدا، أما أن يحتفل بثورة لغير وطنه، وأن يكون تمويل الحزب (اللبناني) من خمس مرشد (دولة أجنبية) مباشرة، وان تكون صور مراجع الثورة الإيرانية تحديدا هي المرفوعة دون بقية المراجع الدينية -ومنها مراجع لبنانية- فهذا يطرح تساؤلا ملحا حول الإشراف الإيراني المباشر على مثل هذا الإجراء.

هذا كله مجال تنازع في الأخذ والرد

لكن الذي لا يحتاج برهانا أن إيران وجدت أربها ومصالحها في أن تظل بكنفها مجموعات التشيع في العالم حتى تلك المجموعات التي لا تدين بالمذهب الجعفري...

فهي انطلقت من احتواء الجعفرية والمتوالين في لبنان إلى محاولة استيعاب علوية سورية مع أنهم يتمذهبون بمذهب كفري في نظر مراجع الشيعة أنفسهم!
وقد رأينا في الثمانينات كيف نشطت جمعية المرتضى برئاسة شقيق الرئيس(جميل الأسد) وكيف كانت أطروحاتها جعفرية محضة، في أفغانستان بسطت إيران ثوبها على قبائل تتمذهب بالإسماعيلية! كقبيلة إسماعيل خان، وكيف ضمتها لما عرف أثناء الجهاد مع الروس بتحالف الوحدة الشيعي، ثم جعلت لهم كيانهم في خاصرة حكومة طالبان، ثم رتبت أمورهم بشكل أجود في الحكومة الحالية! طبعا الإسماعيلية على خلاف تاريخي مع الجعفرية حتى ولو انتسبت إلى إسماعيل بن جعفر، وفجأة صارت إيران هي الحارس الأمين لهذه القبائل والناطق الرسمي باسمها حتى اضطرت أن تدخل معركة مع طالبان في سبيلهم بررتها بقتل جواسيس إيرانيين قالت أنهم مجرد موطفين في السفارة الإيرانية!

لذلك أرى أن موضوع الحوثي الذي تحرك في اليمن لا يخرج عن هذا الإطار بحال، وإن كانت بعض الأبعاد الجانبية قد تشوش على الموضوع!

فإيران كما فعلت مع العلوية النصيرية، وكما فعلت مع الشيعة الإسماعيلية ها هي تحاول أن تبسط بساطها لتوطأ عليه الشيعة الزيدية.

وحقيقة فهذه الاتجاهات كلها برغم قناعاتهم القديمة بالتباين الأصولي بينهم وبين الجعفرية، غير ان دولة غنية كإيران، تكفي لتحقيق أمنياتهم في النفوذ داخل أوساط سنية مسيطرة منذ فجر البعثة!

وبالتالي التقت الأطماع الإيرانية مع مصالح هذه الطوائف، وهذا أمر سترونه غدا في أكثر من منطقة!

ولا أقول أن إيران وحدها التي تدفع بهذا الاتجاه، بل هناك من يستحثها أحيانا من هذه الطوائف للقيام بهذا الدور رعاية لمصالحهم الطائفية كما أسلفت، وبالتالي فإيران ستهدد شئنا أم ابينا بلادا يتواجد فيها الشيعة، وستعتبر نفسها، ويعتبرونها هم -أو كثير منهم حتى لا أظلم البعض- ممثلا شرعيا لهم، يمنع عنهم ما يوصفونه من ضيم وظلم وتمييز!

أتمنى أن أكون مخطئا وأن تكذبني الفعال لا الأقوال

ودمتم (f)