الأخ الكريم "العميد"، تحية طيبة.
وبعد،
هناك خطأ غير مقصود في قراءتك، فالتبس عليك الأمر في لفظة: "سليم" وهو الذي دعاك للتساؤل، دعني أقوم بالتوضيح.
اقتباس:بقية المقال الذي يصف عودة الرفات سليم
لفظة: "سليم" في سياقها، أعني بها المقال ذاته. أي المعني العام يقول: "بقيةُ المقالِ سليمٌ" ( مشكّلة لمزيد من التوضيح )
ولو أردت قصد المعنى الذي تبادر لذهنك، لقلت: "بقيةُ المقالِ الذي يصفُ عودةَ الرفاتِ سليماً"
ولأصبحت السياق يستدعي إكمالاً. فكل الأمر هكذا وصف فقط. "بقية المقال الذي كذا كذا"، ماذا به؟
[QUOTE]عزيزي أوريجانوس
الذي يثير الغرابة فعلاً ، هو كيف رضي البابا كيرلس والبابا بولس والمؤمنون المسيحيون بهذا الحل ؟؟؟
في الحقيقة إنه نوع من التمثيل بالجثث ، وخصوصاً أنه القديس مرقس، فكيف طاوعتهم أنفسهم بذلك ؟؟
لا يوجد جثة يا أخي الكريم، هذه "رُفاتٌ" وليست جثماناً. هل تتوقع وجود جثة بعد مئات السنين؟ أعتقد أن الأمر يحتاج لشرح "الأنبوب" / "الذخيرة" كمصطلحات كَنسية.
هل تعرف مجموعة العظام التي ينظفها الـ"ترَبي" من المدافن بعد تحلل الجسد ويضمها في مكان خاص؟ هذه هي الرفات.
رُفات، تعني بقايا عظام، وهى بالطبع ليست هيكلاً عظمياً متشابكاً، بل مجموعة عظام يمكن وضعها في حقيبة عادية. تؤخذ هذه الرفات، وتطيّب بالطيب والحنوط والعطور، لتغلف الرفات وتصنع شكلاً بيضاوياً يسمى: "أنبوب". وهذا الأنبوب قد تقام "بيعة" ( كنيسة ) على اسم القديس صاحبها، فيتم تدشين الأنبوب بزيت الميرون ويطلق عليه البعض: "ذخيرة الكنيسة". ويمكن أن يستخدم جزء من هذا الأنبوب كذخيرة في بناء كنيسة أخرى، إذ أن الأمر ليس جثة لشخص مسجى تنطبق عليها وصف:"نبش القبور". بل هي ما تبقى من عظام، والتي تعامل معاملة خاصة وكلٍ يسعى إليها إحتراماً وفخراً بسيرة صاحبها وإيمانه.
لذا، فما تم بين البابوات، هو عملية تصالح مع الزمن عندما أصبح المسيحيون عدة طوائف. فأخذ الرفات من الأسكندرية، كان قبل الإنقسام الطائفي لكاثوليك / أرثوذكس. ولم تكن هناك إنقسامات وقتها سوي خلقدونيين / لاخلقدونيين. بعد الإنقسام، أصبحت كل طائفة محرومة من الطائفة الأخرى. ونظرت كل طائفة للأخرى على أنها "شخص غريب". والقبط عموماً ينظرون للقديس مرقس أنه كاروزهم واستشهد على أرضهم وهم أحق الناس برفاته وأن خروج الجسد أساساً كان نتيجة إضطهاد إسلامى وتحسنت الأمور ولم تعد هناك حاجة للإستمرار. بينما في الوقت نفسه، صار الأسد المرقسي رمزاً للبندقية، فكيف يحملون رمزاً لما لا يمتلكون؟ فالحل كان بترك جزء من الرفات بكل كنيسة. وهو ما تم.
على هامش الموضوع، أود التساؤل عن مدى الحياد والموضوعية فيما نناقشه هنا.
يا أخي الكريم "العميد"، أتأخذ على النصارى إرتضاهم بتقسيم الرفات بينهم بدافع أن كل فريق يعتز بهذه الرفات ويريدها عنده، وتعتبر هذا:ولا تأخذ على المسلمين حرق "عمرو بن العاص" للكنائس وهدمها لدرجة أن يدخل أحدهم ليجد رأس "مار مرقس" ملقاة خارج تابوته؟
أتسأل "كيف طاوعتهم" - للنصارى - وهم ما فعلوا هذا إلا مضطرين بدافع التراضي، ولا تسأل عن "كيف طاوعتهم" - للمسلمين - الذين فتحوا التابوت معتقدينه ثمينا، ولما لم يجدوا سوى جثة. أخذو ثيابها ( ثياب الجثة )وألقوا الرأس خارج التابوت بإهمال؟ وماذا يكون نبش القبور إن لم يكن هذا؟
يا أخي الكريم أنت حتى لم تعلق على السلطان الذى أخذ الرخام من مقبرة القديس وأعمدة الكنائس ليبني لنفسه قصراً، وتأتي على النصارى باللوم !
إن خروج الجسد من خارج مصر، لم يكن الأقباط ليوافقوا عليه بالأصل لو إستطاعوا منع المسلمين من نبش قبور قديسيهم وسرقتها داخل أرضهم وفي قلب كنائسهم ! فتركوها لتجار البندقية كي تحظي الرفات المقدسة بإحترام حتى ولو لم تكن بين أيديهم وفارقتهم.
هل تتخيل أن تعطي قوم ما، جثمان أبيك، لأن الرعاع ينبشون في قبره الموضوع بمسكنك، وأنت غير قادر على المواجهة؟ وهل تتخيل شعورك بمفارقتك لجثمان أباك بين أيديهم لأنك تعلم أن هذا أفضل وأكثر وقاراً لجثمانه؟
يا أخي الكريم، رفقاً بالأقباط، فما ثورتهم التي نشاهدها على الإنترنت إلا حصيلة مشاعر مكبوتة عانوها بأعماقهم منذ مئات السنين.
كنت أتمنى منك، مزيد من الموضوعية والحياد.
وشكراً لك.[/COLOR]