نتابع بعون الله ما سطره الكاتب المحايد محمد حسنين هيكل .


.....
و باعتبار الخمينى فقيها فقد كانت له اسهاماته الخاصة فى علم الفقه .
فقد قام بتاليف عدة كتب من اهمها (تحرير الوسيلة) و (الحكومة الاسلامية).
و الخمينى صاحب عقلية جيدة كما ان افكاره تتسم بالبساطة .
فهو يرى الاسلام ككل و كوحدة .
و غالبا ما يتحدث عنه كما لو انه قوة دولية .
و يهاجم اى حكومة فى العالم الاسلامى تحيد عن تعاليم القران و يصفها بالشرك و يعتبر حاكمها طاغوتيا .
و يرى الخمينى ان الصلوات و المناسك تمثل ثمن الاسلام اما السبعة اثمان فهى مسالة مبادئ و تنظيم الغرض منها ان تهدى الناس لفهم العدالة .
و يعتقد ان عودة المسلم للاسلام لابد و ان تتضمن مرحلتين :
اولا :
التخلية :و تعنى التخلص من الافكار و الممارسات البالية .
ثانيا :
التحلية :و هى عملية يبدو من اسمها اضافة المذاق الحلو او الاشياء الجديدة .
و من بين الافكار التى كان من الواجب طرحها جانبا فى عملية التخلية , كانت فكرة التقية
(عملية التخفى و المخادعة التى كانت اسلوبا ضروريا يدافع به الشيعة عن انفسهم ازاء الاضطهاد ايام حكم الامويين لكنها لااصبحت عادة سيئة لم يعد لها مبرر كما يصر الخمينى ).
و يتحدث الخمينى لمريديه عن المرحلة الثانية التحلية من انها ستكون اشق من المرحلة الاولى لانها تتضمن التغيير و التجديد .
لكن هذه الاشياء المستحدثة و الاجابة على المواقف الجديدة لا يمكن التوصل اليها الا عن طريق الاجتهاد و هو ما ياتى به الفقهاء.
و يعتقد الخمينى ان الائمة يخلقون من نور الله و لهم مكانة لا يستطيع الحكام الدنيويون و لا حتى الملائكة الوصول اليها .
و الفقهاء هم ممثلوا الائمة ز طالما انهم يعرفون عن الشريعة اكثر من اى شخص اخر فهم وحدهم القادرون على ان ينوبوا عن الامام فى غيبته و يمكنهم ان يقوموا بتفسير الشريعة و تنفيذها :
ان مداد اقلام الفقهاء مقدس كدماء الشهداء .
على ان المشاكل التى تواجه الحاكم فى ايامنا هذه متشعبة بدرجة كبيرة بحيث تتخطى المشاكل التى كان يواجهها الحاكم منذ الف و ثلاثمائة عام مضت بحيث يبدو من السذاجة بمكان ان يترك كل شئ للفقهاء .
و عندما قابلت الخمينى فى باريس سالته كيف يمكن لفقيه ان يتعامل و لنقل مع مشكلة تتعلق بالاقتصاد او الفضاء .
و كانت اجابته لاذعة تماما
قال :
و ماذا يعرف الملوك و الرؤساء عن الفضاء ؟و ماذا يعرف هؤلاء العسكريون الذين استولوا على السلطة عن الاقتصاد ؟
فالفقيه على الاقل يفهم شريعة الله اما هؤلاء فلا يفهمون شريعة الانسان و لا شريعة الله
...
و يرفض الخمينى راى النقاد الذى يقول بان رجال الدين ينبغى ان يبقوا بعيدا عن السياسة ثم يقول :
هل ابتعد الرسول عليه الصلاة و السلام عن السياسة ؟؟؟
و لو كان هو مجرد رسول من الله فقط لسلم القران للناس و اختفى بعد ذلك .
لكن الله امره بالجهاد فى سبيله .فقام بتنظيم المجتمع , و كان بمثابة الحاكم للجماعة .
فقاد الجيوش فى المعارك , و ارسل السفراء و وقع المعاهدات .
ان القول بامكانية فصل الدين عن شؤون الدولة هو محض هراء .و هذا هو ما يريده الامبرياليون على حد قول الخمينى .
يريدون اقناعنا بان الدين مسالة لاهوت لا اكثر .
و يدعى الخمينى ان البريطانيين عندما دخلوا العراق خلال الحرب العالمية الاولى و ضعوا حظرا على المظاهرات .
و ذات يوم قدم الى القائد العام تقرير يقول بان الناس يصيحون من فوق احدى المذائن .
فقال القائد :
اذا كان ذلك كل ما يفعلونه فليستمروا فيه حتى نهاية العالم و ليمكثوا فى مساجدهم و ليصيحوا من الماذن .
و يدعى الخمينى ايضا , كما قال لى فى احدى مناقشاتى معه , انه بعد القبض عليه 1963, جاءه شخص من القصر و ساله :
لماذا يشغل نفسه بالسياسة و قال :
ان السياسة كلها غدر و اكاذيب و نفاق و من الافضل ان تتركها لنا
و كانت اجابة الخمينى بان هذا الوصف قد يكون صادقا بالنسبة للسياسة التى يمارسونها لكنه لا ينطبق على السياسة الاسلامية .
و بعد هذه المقابلة قال الخمينى ان مبعوث القصر ارسل بيانا للصحف يدعى فيه موافقة الخمينى على الفصل بين الدين و السياسة و ان تترك السياسة للسياسيين .
و عندما وصل الى النجف استنكر الخمينى هذا البيان و وصفه بانه اكذوبة :
ان الرجل الذى اذاع هذا البيان كان احق منى بالنفى .

يتبع ان شاء الله
اللهم صل على محمد و ال محمد
لا فتى الا على لا سيف الا ذو الفقار