الأخ الكريم "العميد"، تحية طيبة.
وبعد،
لا عليك يا أخي الكريم من الإلتباس حول لفظة: "سليم"، فما هو إلا قراءة مبنية علي تصوّر مسبق حول أجساد قديسي النصارى، فحدث الإلتباس، وهو أمر شائع نسقط فيه جميعاً فلا تثريب عليك.
لم يعد خفياً على أحد، أني أهوى التأمّل، والمقارنة، والتحليل، ومن ثمَّ الإستقراء. فلتكن إذن دعوة لكل من يتحاور أمامي أن يفكر - كثيراً - في داخل نفسه، وفي مدى عمق رأيه، وعلام بُنىَ هذا الرأي قبل أن يسطر مداخلته. إذ أن مداخلتي الثانية مع المحاور، غالباً ما تكون تحليل وإستقراء ذات المحاور نفسه، من واقع مداخلته.
لديَّ هنا، أمرين لمقارنتهما:
1- نظرتك للموضوع كمتأمل من فوق الجبل ( موضوعي، يعرض الموضوع بنظرة محايدة )، مقارنة بنظرتك للموضوع ضمن أحد أفراد القطيع ( لا موضوعي، يعرض الموضوع بنظرة متحيّزة )
2- نظرتي أنا للموضوع، هل أنا محايد أم متحيز بنفس الوتيرة السابقة.
هذان العنصران، هما هدفي من طرح هذه المداخلة. وهما موجهان للقاري الذي يريد أن يعرف كيف يكون التقييم الصحيح لموضوع ما، سواء له، أم عليه.
والقصة أراها هكذا:
الأخ المحترم "العميد" يتجول في مواقع الشبكة العنكبوتية، فوجد أمراً دُهشَ له، فنقل ما شاهده، وطرح إستغرابه ( أو بطريقة أدق الأمر المبني على ما يراه - هو - غريباً ). فأتيت له بالقصة كاملة وملابساتها، ( أعتقد أني فاجأتك بأن للأمر جذور إسلامية )
فلم يُعر الأخ الكريم أي إنتباها للوجود الإسلامي في الأطروحة، ومرَّ عليه كأنه لم يكن، وإستمر مستغرباً للموقف المسيحي تاركاً الموقف الإسلامي - الواضح - بلا تعليق. لذا، فأنا أيضاً أقول: "لا تعليق على نظرتكم، فهي: واضحة"
مازلتم حتى الآن يا أخي الكريم نظرتكم للمسيحية أن بها قاعدة تقول: "أجساد القديسين لا تتحلل"؟ هذا ما لم يقله مسيحي. بل ولا يجرؤ مسيحي أن يقول هذا أمامي
"لانك تراب و الى تراب تعود" (تك 3 : 19)
"من احصى تراب يعقوب وربع اسرائيل بعدد، لتمت نفسي موت الابرار، ولتكن اخرتي كاخرتهم" (عد 23 : 10)
"عظامه ملانة شبيبة، ومعه في التراب تضطجع" (اي 20 : 11)
"كلاهما يضطجعان معا في التراب والدود يغشاهما" (اي 21 : 26)
"يبست مثل شقفة قوتي، ولصق لساني بحنكي، والى تراب الموت تضعني" (مز 22 : 15)
"اكل و سجد كل سميني الارض، قدامه يجثو كل من ينحدر الى التراب و من لم يحي نفسه" (مز 22 : 29)
"ما الفائدة من دمي اذا نزلت الى الحفرة، هل يحمدك التراب، هل يخبر بحقك" (مز 30 : 9)
"تحجب وجهك فترتاع، تنزع ارواحها فتموت، والى ترابها تعود" (مز 104 : 29)
"يذهب كلاهما الى مكان واحد، كان كلاهما من التراب والى التراب يعود كلاهما" (جا 3 : 20)
"فيرجع التراب الى الارض كما كان، وترجع الروح الى الله الذي اعطاها" (جا 12 : 7)
"اليوم يرتفع، وغدا لا وجود له، لانه يعود الى ترابه وتضمحل افكاره" (1مكابين 2 : 63)
"فاني انا الان اسكب سكيبا، ووقت انحلالي قد حضر" (2تي 4 : 6)
فمن الذي قال بأن هناك إعتقاد مسيحي في أن أجساد القديسين لا تتحلل؟ يبدو أنه إختلط عليك الأمر، فالإعتقاد المسيحي ( لدي الكنائس التقليدية ) يقول أنها: "لا ترى فساداً" ( بمعنى لا تتعفن، لكنها - لا محالة - تتحلل وتذوى كغيرها ) وهذا الإعتقاد، سائد نتيجة إستقراء لحالات شهيرة، لكنه غير مبني على نص كتابي، أو تسليم ديني.
قرأت شريط القديسة "بيرندت" بعناية، ولم أجد من المسيحيين من يقول أن هذا أمر طبيعي لديهم، بل أساساً عنوان الشريط هو: "معجزة بالصور"، أي أنه أمر إعجازي لديهم وليس قاعدة خاصة بجميع قديسيهم.
كما أنه لا توجد قاعدة أن الأقدس هو الأولى، فالمعجزة منسوبة لله وليس للقديسين، فهي إذن مكرمة من الله يمني بها على من يشاء، للحكمة التي يرتأيها. ويكرّم ثانياً بطريقة أخرى بالحكمة التي يرتأيها. بل ولا يكرّم آخراً إيضاً لحكمة يرتأيها. لا توجد قواعد.
اقتباس:ثم عزيزي المحترم أوريجانوس ، حتى وإن كان جسده مجرد عظام بالية ، فهل ترى تقسيم عظامه عمل حسن ؟؟؟
عمل حسن من وجهة نظر من؟ وجهة نظرك؟ أم وجهة نظري؟ أم وجهة نظر النصارى؟ هذا هو لبّ القضية.
فالقول الشائع: "إكرام الميت، دفنه" هو قول إسلامي متأثر بقصة هابيل وقابيل والغراب الذي دفن الغراب. ولا يمكنني أن أفكر بنفس الطريقة عندما أتعامل على سبيل المثال، مع قوم من اليونانيين أو حتى الهنود السيخ الذين يحرقون جثث موتاهم إكراماً لها. وينظر لطريقة "الدفن الكريمة" على إنها إهانة للمتوفى، فأنت تترك جسده ليتعفن فكيف تكرمه؟ وفى الوقت ذاته، فأنت تنظر لطريقة "الحرق النظيفة" على أنها تشويه للجثمان لا يليق بالمتوفى. فمن منكما الذي على صواب؟ فلكل له منطقه وحجته.
الخطأ، يحدث عندما لا أتقبّل وجهة نظر الطرف الآخر، وأحاول فرض مسلماتي عليه. ففي كل الأحوال: "لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها" والعبرة بمكنون المشاعر لهذا الجسد، والذي يدفعك لتكريمه بطريقة ( س )، بينما غيرك، وبنفس المشاعر، يكرمه بطريقة تتعارض معك وتبدو أنها أمر: "غير حسن"، لكن هكذا بالنسبة لك، ولك وحدك.
فمفهوم: "الذخيرة" بالنسبة للمسيحي ( والذي وضّحته، فلا حجة لمن لا يقرأ ) هو بالأصل، إكرام وإحترام للمتوفى، فيقيمون بيوت عبادتهم على جزء من رفاته. لذا، فلا يمكنني أن أفرض مسلّمات العرب، على اليونانيين والهنود، ولا مسلّمات المسلمين على النصارى، وهكذا.
بناء النصارى لكنيسة على إسم القديس، يجعلني أراهم يكرّمونه. ( وهدمها من قبل المسلمين، وسرقة ثياب من على شخص متوفى، تجعلني أراى الفَعَلة المسلمين في أحط مرتبة يمكن تصورها من العنف، والتهجم، إنتهاءاً بلصوصية القبر ).
دمتم بخير، واتمنى سماع رأيك فيما أهملته من مداخلتي السابقة، وها أنا أكرره الآن:
اقتباس:يا أخي الكريم "العميد"، أتأخذ على النصارى إرتضاهم بتقسيم الرفات بينهم بدافع أن كل فريق يعتز بهذه الرفات ويريدها عنده، ولا تأخذ على المسلمين حرق "عمرو بن العاص" للكنائس وهدمها لدرجة أن يدخل أحدهم ليجد رأس "مار مرقس" ملقاة خارج تابوته؟
أتسأل "كيف طاوعتهم" - للنصارى - وهم ما فعلوا هذا إلا مضطرين بدافع التراضي، ولا تسأل عن "كيف طاوعتهم" - للمسلمين - الذين فتحوا التابوت معتقدينه ثمينا، ولما لم يجدوا سوى جثة. أخذو ثيابها ( ثياب الجثة )وألقوا الرأس خارج التابوت بإهمال؟ وماذا يكون نبش القبور إن لم يكن هذا؟
يا أخي الكريم أنت حتى لم تعلق على السلطان الذى أخذ الرخام من مقبرة القديس وأعمدة الكنائس ليبني لنفسه قصراً، وتأتي على النصارى باللوم !
إن خروج الجسد من خارج مصر، لم يكن الأقباط ليوافقوا عليه بالأصل لو إستطاعوا منع المسلمين من نبش قبور قديسيهم وسرقتها داخل أرضهم وفي قلب كنائسهم ! فتركوها لتجار البندقية كي تحظي الرفات المقدسة بإحترام حتى ولو لم تكن بين أيديهم وفارقتهم.
هل تتخيل أن تعطي قوم ما، جثمان أبيك، لأن الرعاع ينبشون في قبره الموضوع بمسكنك، وأنت غير قادر على المواجهة؟ وهل تتخيل شعورك بمفارقتك لجثمان أباك بين أيديهم لأنك تعلم أن هذا أفضل وأكثر وقاراً لجثمانه؟
كنت أتمنى منك، مزيد من الموضوعية والحياد.
الأخ الكريم "دانيال"، تحية طيبة.
وبعد،
كنا نتجاذب أطراف الحديث مع أخي "العميد" حول مدى الموضوعية. فهل تمانع أن نتجاذب أطراف الحديث عن مدى اللاموضوعية عندما تشتد فتصير: "إزدواجية دينية"؟
فلنفشي السلام بيننا، ثم علم السعودية ذو السيف؟ عموماً هى عناوين وصور شخصية، غير قابلة للمناقشة وأحسب نفسي متطفلاً إن زدت عن الإشارة بالحسنى. ( مؤكد تقصد إفشاء السلام، بينكم، وبينكم وحدكم )
[QUOTE]
رأس الحسين رضي الله عنه .. لم يقطع بتراضي الطرفين ( إن قطع فعلا ) .. بل طرأ عليه ما يطرأ على كل جسد أثناء الحرب من تقتيل وتقطيع وتمثيل بالجثث .. ولديك حمزة رضي الله عنه .. وكيف بقرت بطنه .. وكذلك أحد الصحابة الذي مزق كل ممزق ولم يعرف .. إلا ببنانه من أحد أهله ..
ولكن الأمر يختلف عندما .. يتبرك بالرفات والعظام .. وهي رميم .. ثم ينشأ خلاف وهمي .. على بركه وإستشفاع مزعوم .. ينتهى بكسر وتكسير العظام
أوريجانوس: هل قرأت يا أخي أسباب قطع الرأس؟ إنها طريقة إعدامه.
دانيال: نعم، ومعذرة على الخلط. فهمت ذلك عندما نبهني NEW_MAN .
أوريجانوس: لا عليك، فقط إنتبه وأنت تقرأ في المرة القادمة. وما موضوع: "نشوء خلاف على بركة وإستشفاع" إنتهى بـ"كسر وتكسير العظام" هذا أيضاً؟ هل أنت متأكد أنك قرأت؟
دانيال: .............. ( من فضلك، ضع مكان النقاط في المداخلة القادمة فأنا لا أعرف كيف ستكون إجابتك )
أوريجانوس: في كل الأحوال، لا يصح أن تصف معتقدات غيرك في التبرّك بأنها "وهمية" أو "مزعومة"، فهي لها أساس بمنطقه هو، يجب علينا إحترامه، خاصة إذا كان نفس الأمر حادث بين المسلمين.
دانيال: لا يؤخذ بأفعال العوام، فأي مسلمين تقصد؟ الشيعة فقط من يعتقدون بهذا، وهذه بدعة بنظري لا يتبعها إلا جهّال المسلمين.
أوريجانوس: هل أنت متأكد؟ إنني أرى التبرّك حادث في قلب السنة، وفي أمهات كتبهم !
دانيال: أتحداك أن تجد شيئاً، كلها بدع يحاربها الفقهاء في المساجد، وعلى شاشات الفضائيات. وكل من يتبرّك ببشر، فهو مشرك بالله عزَّ وجلَّ.
أوريجانوس: هل ستتضايق إن قلت لك أنك لا تقرأ فعلاً، لا في الموضوع، ولا في كتب المسلمين ! أنظر ما الذي وجدته حينما قرأت في المستدرك على الصحيحين، المجلد الرابع، باب: "معرفة الصحابة":
أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حدثنا عبد الله بن روح المدايني، حدثنا شبابة، حدثنا أبو مالك النخعي، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن أم أيمن -رضي الله تعالى عنها- قالت:
قام النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- من الليل إلى فخارة من جانب البيت، فبال فيها، فقمت من الليل وأنا عطشى، فشربت من في الفخارة وأنا لا أشعر.
فلما أصبح النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: (يا أم أيمن، قومي إلى تلك الفخارة فأهريقي ما فيها).
قلت: قد والله شربت ما فيها.
فضحك رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- حتى بدت نواجذه.ثم قال: (أما إنك لا يفجع بطنك بعده أبدا).
دانيال: وهل هذا تبرّك؟ لقد شربت في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ونحن نتحدث عن الموتى. بل إنها شربت بوله صلى الله عليه وسلم وهي عطشى بالخطأ دون أن تشعر.
أوريجانوس: نعم يا أخي، كل هذا أوافقك عليه، فهي لم تقصد شيئاً بالفعل. لكن محمداً بذلك، قد شرع لها التبرك ببوله عندما قال: "لا يفجع بطنك بعده أبداً"، فهي لن تفجع ببركة بول محمد.
دانيال: هل أنت مجادل بالباطل يا أخ "أوريجانوس"؟ لقد كان يضحك صلى الله عليه وسلم مع أم أيمن حتي بدت نواجذه ! إنه يقصد صلى الله عليه وسلم أن هذا الموقف ( شرب البول ) عندما تتذكره، فستقرف ويسد نفسها فلا تصاب بالـ"فجع" بعدها أبداً، إنه يهزر صلى الله عليه وسلم يا أخي، هل هناك مشكلة في أن يهزر صلى الله عليه وسلم مع "ام أيمن"؟
أوريجانوس: نعم، هناك مشاكل عديدة في أن يمزح وهو الذي لا ينطق عن الهوى. وهناك أحاديث كثيرة تمنع هذا النوع من المزاح ( خاصة مع ام أيمن ). وهناك مشكلة أخرى، فالمسلمون لا يعتقدون بأن بول محمد كريه الرائحة، لا بوله، ولا نخامته، ولا حتى البصق الذي يبصقه، بل حتي فضلاته الأخرى ( البراز ! ) فهم يتبركون بكل هذا.
دانيال: ما كل هذا الهراء المقرف الذي تقوله !! لا تلقي الكلام على عواهنه حول بول ونخامة وبصاق وفضلات الرسول صلى الله عليه وسلم. أنت تهرف بشبهات لا أصل لها لكراهيتك للإسلام والمسلمين. أطالبك فوراً بدليل على ما تزعم وتدّعي !
أوريجانوس: صدقني، أنت تصفني بصفات ليست من شيمي، أنها مشكلة وحيدة التي نتجادل بسببها الآن وهي: "أنك لا تقرأ"، . فلو فتحت "تهذيب الأسماء" في الجزء الأول، صفحة 65، لوجدت هذه الجملة صراحة:
"وكان بوله ودمه يتبرك بهما. واختلف الصحابة في طهارة دمه وبوله وسائر الفضلات."
أى أن موضوع التبّرك، كان مثار خلاف بين الصحابة أنفسهم. وربما كانت المشكلة ههنا مع "قرف" هذا النوع من التبرك وليست في التبرّك ذاته ! فلو فتحنا "تحفة الأحوذي" للمباركفوري، الجزء الخامس، صفحة 474 لوجدنا الفقرة التالية:
ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتقذره أحد، بل يتبركون باثاره صلى الله عليه وسلم، فقد كانوا يتبركون ببصاقه صلى الله عليه وسلم، ونخامته، ويدلكون بذلك وجوههم، وشرب بعضهم بوله، وبعضهم دمه، وغير ذلك مما هو معروف من عظيم اعتنائهم باثاره صلى الله عليه وسلم التي يخالفه فيها غيره.
قوله: هذا حديث حسن صحيح وأخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي
أى أن أقصى ما يمكننا الوصول إليه، هو أن هذا الأمر خاص بمحمد وحده على أقل تقدير. لكنه، في كل أحواله، تبرّك ببشر، شرك كما حكمت على النصارى الذين لم يفعلوا أكثر من إقامة بيوت عبادتهم على اسم قديسيهم لتخليد ذكراهم.
دانيال: .@#$@*&^*&%............. ( من فضلك، ضع مكان النقاط في المداخلة القادمة فأنا لا أعرف كيف ستكون إجابتك )
مسلمون ينبشون القبور المقدسة للنصاري، ويسرقون ثياب الجثث المسجاه، ويتبركون ببوله محمد وبرازه وبصاقه. ثم يجادلونهم. ياللمهزلة.
مع فائق تحياتي، للموضوعيين المحايدين. وفائق إشمئزازي، لفريق الـ"بنيان المرصوص" الذى يكتب متأثراً بموروثه الديني - بلا علم. [/COLOR]