جاء في مشاركة للزميل ( زوربا ) في موقع آخر حول الموضوع هذا الكلام والجدير بالاهتمام، علما بأنني لم أجد مهتما في نادي الفكر على عكس ما أعهده دائما. فأرجو ممن يدب برأسه حماس المشاركة أن يفيدنا برأيه.

لست أدعي معرفة كافية بالشأن الداخلي اللبناني، اليوم، لكنني أقرأ فوز التيار الذي يتزعمه عون في المناطق المسيحية، وعلى ضوء التناحر الطائفي ، ما ظهر منه وما خفي، كما يلي:

1- تشرذم القيادات السياسية المسيحية، بين جعجع والجميل وشمعون وإده وبقردوني وحرب ولحود1 ولحود 2 .. الخ. وفي أحزاب ضعيفة عف عليها الزمن من مثل: قوات لبنانية وكتائب 1 وكتائب 2 ووطنيين وأحرار ووعد وأرمن 1 وأرمن 2 .. انتهاء بقرنة شهوان التي جمعت خليطا غير متجانس من طبقة سياسية قديمة تحت مظلة بطريرك عجوز مضطر لمسايرة الجميع حفاظا على مصالح الكنيسة التي يرأسها.
2- في الوقت نفسه كانت الطوائف الأخرى قد وحدت زعاماتها؛ السنة للحريري، والدروز لجنبلاط، والشيعة لبري وحسن نصر الله.
3- عودة عون، بما له وبما عليه، حولت أنظار المسيحيين إليه كزعيم وحيد للطائفة يمكنه أن يكون ندا لزعماء الطوائف الآخرى التي سبقت بتوحيد زعاماتها.

ساعد عون، على طرح نفسه بديلا عن بقية زعماء الطائفة، خطابه السياسي "العلماني" وبرنامجه الإصلاحي الداعي إلى نبذ الطبقة السياسية القديمة "الفاسدة"، ومحاسبة المسؤولين عن الهدر الشنيع في المال العام، والذي تسبب بدين يزيد عن 40 مليار دولار. وهذا ما جمع حوله قسما كبيرا من الشباب المسيحي، بل وحتى بعضا من الشباب العلماني الدرزي والشيعي والسني نظرا لطرحه السياسي البعيد عن الطائفية .

ساعده كذلك وقوف زعماء بقية الطوائف إلى جانب الزعامات المسيحية التقليدية التي زاحمته على أصوات المسيحيين (الحريري ونصر الله وجنبلاط تحالفوا ضده مع القوات والكتائب وقرنة شهوان.. )، وهذا جعل غالبية الناخبين المسيحيين يقفون في صفه حين شعروا بأنه مستهدف من بقية زعماء هذه الطوائف.

ساعده كذلك ذكاؤه السياسي، والذي اعترف به سعد الحريري وخصومه السياسيون، وذلك بتحالفه مع بعض "الأقوياء" من الارثوكس والكاثوليك، الذين سينجحون رغما عن الجميع لما لهم من نفوذ مالي واجتماعي في مناطقهم ، أمثال ميشال المر في المتن والياس سكاف في زحلة، رغم ما قيل عن ارتباطهم بالحكم في سوريا، فأعطاهم القليل الذي كانوا سينالونه شاء أم أبى، لينال الكثير.

إلى جانب هذا فهو وضع الجميع في "خانة اليك" كما يقولون، بما فيهم خصومه السياسيين من مسيحيين ومسلمين، وذلك حين أعلن عن برنامجه السياسي مما جعل المسؤول الثاني في حزب الله يصرح علنا إن الحزب يتفق مع 90% مما جاء في هذا البرنامج !

وإذا انتهت انتخابات الشمال، الأحد القادم، بفوز اللائحة التي يدعمها، ضد لائحة تيار المستقبل (الحريري) وحزب الله وقرنة شهوان، فليس مستبعدا أن يتراجع عن دعمه للقرار 1559 ليشكل الحكومة القادمة بتحالف مع حزب الله وحركة أمل. ذلك أن التحالفات الانتخابية تنتهي في اللحظة التي ينتهي فيها فرز الأصوات وإعلان النتائج، فيعود كل طرف إلى وزن قوته في تحالفات "نيابية" لا يتدخل فيها رهان على فوز أو خسارة محتملين، كما في الانتخابات.

أما إن لم يفز في انتخابات الشمال، أو لم يتراجع، في حال فوزه فيها، عن موقفه من القرار 1559، فمن المرجح أنه سيقود معارضة برلمانية للحكومة القادمة.

زوربا

محبتي ومودتي(f)
محمد الدرة