غيوم أميركية فوق سوريا

في الأفق السوري غير البعيد تتجمع، بل تتسارع على التجمع، غيوم أميركية تنذر بإعصار، أو على الأقل تختزن قوة الإعصار. المؤشرات تتوالى من أكثر من زاوية ومصدر. وقد تعاملت معها عواصم عربية بقلق ملحوظ، حملها إلى التداول فيما بينها بشأنه.









وإذا ما تم وضع هذه الإشارات في سياقها ونصابها الصحيحين، فإنها لا تبرز فقط مثل هذا القلق، بل لابد وأن تحفّز المجتمع الدولي، وبخاصة أوروبا وبلدان المنطقة، للتحرك الفعّال من أجل تطويق التأزيم للحيلولة دون المزيد من الاحتقان المحكوم بالوصول إلى نقطة الانفجار، لو ترك ليأخذ مجراه من غير اعتراض.









أخطر هذه المنبّهات أن سوريا أبلغت مصر والسعودية بوجود حشود أميركية على حدودها مع العراق. وكانت بعض التقارير قد ذكرت، قبل أيام، نقلاً عن مصادر عليمة ان [SIZE=6]القوات الأميركية «قد توغلت في عمق حوالي عشرة كيلومترات داخل الأراضي السورية، الموازية للحدود مع العراق».









وتتواتر هذه المعلومات الإخبارية عشية زيارة الوزيرة كوندوليزا رايس إلى المنطقة والتي لن تقتصر جولتها على إسرائيل ورام الله، كالمرة السابقة، كما ان الحديث عن التأزيم ترافق مع عودة وزير الدفاع رامسفيلد، إلى تجديد الاتهامات ضد سوريا وإيران وتحميلهما أوزار ما يجري في العراق، مع حرصه على التنويه بأن الدور السوري أمني هناك، فيما الدور الإيراني سياسي.









ويأتي الغمز ضد دمشق في امتداد خطاب تصعيدي أميركي جديد ومتسارع الوتيرة، بدأه الرئيس بوش قبل أيام ثم تلاه مساعد وزير الخارجية الأميركية د. والتش، الأمر الذي حمل السفير السوري في واشنطن، ليس فقط على نفي مثل هذه العودة، بل أيضاً على الذهاب إلى أبعد من ذلك، ملمحاً إلى نوايا عسكرية أميركية.









وذلك عندما قال: «لن نعطي واشنطن ذريعة (لمهاجمتنا)! مثل هذا الكلام، معطوف على الحديث عن (حشود) على الحدود، يؤشر إلى أن التوتر بين واشنطن ودمشق يسير وفق منحى بياني متصاعد، غير مسبوق، والتجارب، خاصة في المنطقة، تقول ان هامش الاستدراك يضيق في مثل هذه الحالات.









وتحرك سوريا ومسارعتها إلى دق ناقوس الخطر، خير دليل، وبشكل خاص تحركها باتجاه القاهرة والرياض، وربما الجامعة العربية، فالعلاقات بين دمشق وواشنطن تبدو سائرة نحو المزيد من التردي، ما لم تبذل الجهود اللازمة لوقف التدهور، ومن مصلحة المنطقة، وليس واجبها فقط، أن تنهض بمثل هذه الجهود».