الموضوع الآخر الذي سأطرحه هو التحريف.
لكي يكون هنالك تحريف يعني وجود نص أصلي يملك قدسية معينة، ثم جاء بعض الناس و غيروا فيه من دون دراية.

أي التحريف يشمل شيئين، أولا وجود نص أصلي تم تغيره.
الشخص الذي قام بالتحريف هو دون الكاتب الأصلي من ناحية القدسية أو المصداقية.

لكي نقول أن الكتاب المقدس محرف سنجد أن الشيئين لا يتحققا
فمن كتب الكتاب المقدس عشرات الأشخاص و خلال فترة طويلة من الزمن فأين هو النص الأصلي؟
إن كاتب أي سفر في الكتاب المقدس هو إنسان كتب بوحي إلهي، فإذا جاء وإنسان آخر أضاف ( بوحي إلهي ) أيضاً تعليق أو هامش على النص الأصلي فهل يعتبر ذلك تحريف؟

ثم إن بعض قصص الكتاب المقدس مقتبسة ( من ناحية اللغة و التصاوير و التشابيه ) من قصص تعود لشعوب وثنية و قد قام الكاتب بوحي إلهي بالإبقاء على القالب الأدبي بعد أن أزال من القصة كل العناصر و العقائد الوثنية المرفوضة فهل هذا تحريف؟

مثلا يشير بعض العلماء ( و أنا شخصياً أحترم العلم و العلماء كثيراً ) إلى أن قصيدة الخلق في ستة أيام مأخوذة عن ملحمة ( إنيوما إيليش ) البابلية، لكن الملحمة البابلية أطول من قصيدة الخلق بعشرة مرات تقريباً و فيها قصص عن آلهة متعددة يتقاتلون فيما بينهم و يتزاوجون و يسخرون الإنسان في خدمتهم، بينما في قصيدة الخلق تعطى صورة تنزيهية مدهشة و جميلة عن الخالق، الذي خلق الإنسان على صورته كمثاله.

مالذي أرشد الكاتب إلى حذف التعاليم الوثنية المغلوطة؟ إنه الوحي الإلهي. فهل نعتبر مثلاً أن قصيدة الخلق محرفة عن ملحمة "إنيوما إيليش" ؟