بخصوص مداخلتك الثانية أخي "حارس السراب"، فهي جميلة جدا ولكنها للأسف تصب في غير الاتجاه الذي يسير نحوه الكتاب المقدس.
فالكتاب المقدس ينص بوضوح:
اقتباس:"وباركهم الله وقال لهم اثمروا واكثروا واملأوا الارض"
أما أنت، فتقول:
اقتباس:بالطبع طبيعة آدم (البريئة خالصة) لم تكن تسمح أبداً بوجود نسل بشرى من الأصل.. فشخص كان من البراءة المطلقة لا يعرف أنه عريان.. فكيف له أن يعرف حواء كزوجة؟؟ كيف "يثمر ويتكاثر ويملأ الأرض" ؟؟
وهنا أتساءل: من أين أتيت بالدلائل والبراهين التي تحملك على قول:
بالطبع في بداية جملتك الاستنتاجية؟!
الأحرى بنا القول: بالطبع كان آدم وحواء سينجبان البنين والبنات في "الجنة" لو لم يقعا في الخطيئة ويتم طردهما منها، وذلك لأن الكتاب يقول: "باركهم الله وقال لهم اثمروا واكثروا".
فهل كانت الأشجار والحيوانات تملك القدرة على "الإثمار" أما الإنسان فكان محتاجا إلى المعصية والخطيئة لينجب؟!
حقا، إن "طبعا" خاصتك، والاستنتاج التالي لها لهما غريبان جدا ولا يتوافقان بتاتا مع معطيات الكتاب المقدس.
برأيي الشخصي، لو استطعنا للحظات تجاوز بولس الرسول، أو بالأحرى، تجاوز القديس أغسطينس وعقيدة الخطيئة الأصلية التي بناها على أساس ترجمة خاطئة لما ورد في رسالة بولس الرسول، لكنا أقدر على فهم روح سفر التكوين ورسالته بشكل أفضل وأوضح منا الآن.
اقتباس:إجابة هذا السؤال فى أن الله كلى العلم (بعلمه المسبق) كان يعلم أن آدم سيعصيه وسيأكل من الشجرة..
بل الجملة الأدق من هذه أن الله سمح لآدم أن يأكل..
بل يمكننا الوصول فى التخيلات أن الله دبر لآدم قصة السقوط
أتعلم يا صديقي وأخي العزيز، أن أقوالا مثل هذه هي التي حملت الكثيرين على الإلحاد ورفض الكتاب والدين؟!
هل ترضى بأن يكون الله ممثلا بارعا يلعب أدوارا مسرحية أمام الإنسان ثم يصدقها ويتصرف كأنها واقع تاريخي؟!
فما تقوله هو: الله خلق آدم كاملا، وجعله يخطئ لكي يستحق العقاب ثم يستحق الخلاص.
يا لها من مسرحية سخيفة.
ولماذا كل هذا اللف والدوران؟!
لكي نرضي عقليتنا القديمة بأن الكتاب المقدس تاريخ واقعي وحقيقي، وخشية وخوفا وفزعا من اكتشاف أننا كنا مخطئين.
يا صديقي، الكتاب المقدس، كتب بعد عام 1000 قبل الميلاد.
هل تتوقع أن يكتب الكاتب تاريخا جرى قبل 5000 سنة، أو كما يقول العلم قبل خمسة بلايين أو مليارات سنة أو أكثر؟!؟!
هل تعتقد أننا سنستفيد شيئا من كتاب يرسله الله ليخبرنا كيف جرت الأمور في السابق؟!
أبدا. بل سنستفيد من كتاب يخبرنا كيف هي الحياة اليوم! وما معناها! وكيف ننجح في قطع مشوار العمر والعيش في رضى الله ورفقته وصحبته!
هذا هو الكتاب الذي يليق بأن يسمى مقدس.
اقتباس:بالعقل نستنتج أن الله (كلى القدرة) لو كان يريد لآدم ألا يسقط لما وضع الشجرة ولما ترك الحية تغوى حواء.. أليس كذلك
مشكلة هذا التساؤل تقوم على حقيقة أن قائله يتخيل بالفعل شجرة حقيقية (من خشب وجذور وأوراق وثمار) ولذلك من المستحيل على صاحبها أن يفهم المعنى الحقيقي للأمور.
اقتباس:إذن فالله رسم لآدم طريقه لكى يكتسب معرفة الخير والشر.. الله يريد هذا فعلا.. يريد أن يكتسب الغرائز وتنفتح أعينه ويعرف حواء كزوجة وبالتالى يثمر ويكثر ويملأ الأرض..
الأمر ليس فقط معرفة الخير والشر. فنعمة التمييز موجودة. ولكن الأمر، كل الأمر، هي رغبة الإنسان في أن يصبح هو نفسه المشرع الذي يقرر ما هو خير وما هو شر. أن يصبح هو سيد نفسه وسيد الحياة والموت.
هذه هي خطيئة الإنسان، أنه يحرف الحياة عن المسار الذي وضعه لها الله، ولذلك حصل رتق في العلاقة بين الإنسان والله.
هذا الرتق أصلحه المسيح "بطاعته العمياء" لله واضعا خوفه وقلقه جانبا وملقيا نفسه بين يدي أبيه "لتكن لا مشيئتي بل مشيئتك" فكانت له الحياة، ومن خلاله الحياة لنا أجمعين.
ولكن علينا نحن أيضا أن نلقي أنفسنا بثقة في يدي نظام الحياة الذي رسمه الله لأنه الطريق الوحيد لنحيا بسعادة فنعقل جوهر الحياة ونمتلكه.
أعتقد أنني أطلت.
تحياتي القلبية وشكرا مرة أخرى لدخولك الحوار