أخي العزيز داعية السلام

أشكرك جزيل الشكر على ردّك، وأريد أن ألفت نظرك بأنني أنا أيضاً قد قررت ومنذ فترة طويلة عدم التعاطي مع ساحة الأديان، فلنشرب القهوة وندردش يا صديقي.
طبعاً أنا هنا لست بصدد إثبات شيء أو إقناع أحد بشيء، إنما أطرح وجهة نظري لا أكثر ولا أقل، ونعم يا صديقي فأنا لا ديني، ولكن حاشى ان أسفّه الأديان وأن لا أحترمها ومعتنقيها، وهذا هو الفرق الجوهري بيني وبين المتدينين، فالمتديّن يا صديقي يظن أنا الكون قد تمحور حول دينه وإلهه ونبيه وكتابه، وهذا حقه، لكن ما ليس من حقه هو أن يقصي الآخر ويظن بأنه هالك لا محالة وخاوي القلب والروح و.. و..

كوني لا دينياً لا يعني بالضرورة أنني أعاني من فراغ روحي، وكون الإنسان الغربي مرفّهاً معيشياً وماديّاً لا يعني أبداً أنه يعاني من فراغ فكري أو روحي أو ثقافي، ألا تدري أن الأديان حاضرة وبقوة في المجتمع الغربي؟؟ وأن بعض معتنقي هذه الأديان ينظرون إلينا بنفس نظرتك لهم؟؟

لقد دخلت كنائساً مسيحية في العالم العربي وفي أوروبا ودخلت معابد بوذية في الصين وراقبت "المؤمنين" وهم في قمة صفائهم الذهني والروحي والعقائدي، فقل لي بالله عليك أين هو الخواء الروحي هنا؟؟؟؟

نحن في الحقيقة نواسي أنفسنا بهذا الكلام (وهو في رأيي باطل) لأننا تعودنا أن نكون مستهلكين للحضارة لا منتجين لها...
ولنلاحظ أنا وأنت مدى تقدم العرب والمسلمون في شتى أصناف العلوم يوم كانت أوروبا ترزح تحت قيود الكنيسة والتكفير والحرق وصكوك الغفران، وانظر أين أصبحت أوروبا الآن بعد أن أقصت كنيستها وأرجعتها إلى دورها الأساسي وأين أصبحنا نحن الآن بعدما نصّبنا المسجد والشيخ مكان تلك الكنيسة.

المشكلة يا صديقي أن حكام الغرب قد استفادوا من تجربتهم مع كنيستهم وسخروها لخدمتهم بدفع أنظمتنا السياسية (التي يدّعي بعضها العمانية)، لكي يوصلونا إلى اوروبا القرن الثاني عشر، وقد نجحوا وللأسف نجاحاً باهراً في ذلك.

أودّ من كل هذا ان أوضح أننا قد تحوّلنا من مجتمع منتج ومصدّر للعلم متّكل على الله، إلى مجتمع مستهلك غير منتج متواكل على الله، وحجتنا في ذلك: الحكمة ضالة المؤمن....

إقرأ باسم ربّك الذي خلق * خلق الإنسان من علق

تمعن بالآيات صديقي العزيز، يخبرك ربك في اولها أنك يجب أن تقرأ.. تتعلّم..، ثم يخبرنا خبراً يتعلق مباشرةً بالعلم ويتحدث عن بداية مرحلة الجنين...
هذا هو العلم الذي أمر الله ان تتعلمه، أما علم الحديث وعلم الفقه وعلم عدد شعرات الرسول (ص)، فهي ليست من العلوم بشيء، وأنا أطلب منك أن تنظر لدولة مثل مصر لتكتشف كم يساوي عدد خريجي "العلوم" الدينية بالنسبة لعدد خريجي العلوم "الوضعية"، ثم قل لي أي الفريقين أنفع للأمة والمجتمع.

عندما تحثت عن فرج فودة "الشهيد" وعن نصر حامد أبو زيد ورفاقه المضطهدين، وعن الشعراوي والقرضاوي ورفاقهم المقدّسين، لم أقصد بأي حال من الأحوال فقر هؤلاء أو سعة هؤلاء، بل كنت اتحدث عن شيء آخر تماماً أرجو أن تعود لقراءة مداخلتي لتستوعبه تماماً.

وعندما تحدثت عن ذلك الشيخ الذي يعلّم شباب الأمة وشيبها بعلم عدد شعرات الرسول وكم يتساقط من شعر رأسه حين كان يسرّح شعره، فأنا كنت فعلاً أقصد السخرية، ليس سخرية بالرسول وبشعره لا سمح الله، ولكن السخرية من ما يسمى شيخاً عالماً يريد أن يعلّمنا مالا ينفعنا في ديننا أو دنيانا.

هذه علومنا.... وتلك علومهم....

مع كل الحب