الزميل العزيز فارس العصور .. تحية طيبة .
ما أوردته من دراسات عن رسائل بولس الرسول لم ينفى عن المسيح الإلوهية على الإطلاق ولم يخالف المعتقد المسيحى على الإطلاق .. فبولس الرسول كسائر باقى الرسل وباقى العهد الجديد يقولون عن السيد المسيح أنه هو كلمة الله الأزلى الذى تجسد وصار بشراً .. الله ظهر فى الجسد آخذاً صورة العبد لكى يحررنا من العبودية .
الآية التى أوردتها لك كيف لم تستوعب أن عندما يُجمع كل شئ ما فى السماوات وما على الأرض فى شخص المسيح فمما لا شك فيه ان المسيح هو الله لأن الله هو الكل فى الكل ومنه وله كل الأشياء ... كيف لم تستوعب هذه الحقيقة ؟
أخيراً أحب أن أوضح أن وصف القديس بولس الرسول للسيد المسيح أوصافاً إنسانية لا يمنع عنه الإلوهية وهذه هى الحقيقة إذ أن المسيح هو إتحاد الإنسان مع الله = عمانوئيل = الله معنا ... وقد قال السيد المسيح عن نفسه أنه "إبن الإنسان" .. وفى نفس الوقت قال عن نفسه "إبن الله" .. وإتفق القديس بولس مع سائر الكتاب المقدس فى وصف المسيح بـ "الإنسانية" و "الإلهية" فى نفس الوقت .
أخيراً أقول أن سر التجسد الإلهى كان ولا يزال وسيستمر سبب عثرة للكثيرين .. ومع أنه كان سبب خلاص كثيرين إلا أنه كان وسيكون سبب هلاك كثيرين أيضاً لأنهم لم يتواضعوا أمام تواضع الخالق ولم يصدقوا أنه يحبهم لدرجة التجسد والموت بالجسد عنهم .
وأخيراً وليس آخراً أتحدى من يأتى لى بقول من رسائل القديس بولس الرسول تفيد أن المسيح مخلوق .. وها نحن نفند قولك بأن بولس قد قال أن المسيح مخلوق .
اقتباس:ثالثـاً : أقوال بولـس الصريحة الواضحة في أن اللهَ تعالى إلـهُ المسـيحِ و خالقُهُ و سيدُهُ و أن المسيحَ عبدٌ مخلوقٌ خاضعٌ لسلطان الله :
1 ـ أما أن المسيح عليه السلام مخلوق لله فقد جاء واضحا في رسالة بولس إلى أهل قولسي (أو كولوسي ) (1 /15 ) حيث قال يصف المسيح:
" هو صورة الله الذي لا يرى و بكر كل خليقة "
قلت : أما عبارة صورة الله الذي لا يرى، فسأتكلم عنها مفصلا عندما سنتعرض بعد قليل لتفنيد الشبهات التي يتمسك بها المؤلهون للمسيح من كلمات بولس، أما مرادنا من العبارة فهو وصف المسيح بأنه " بكر كل خليقة " التي تصرح بأن المسيح هو باكورة خليقة الله أي أول مخلوقات الله المتصدر لعالم الخلق، و بديهي أن المخلوق عبد لخالقه و لا يكون إلـها أبدا.
قال المعترض الغير مؤمن: جاء في كولوسي 1: 15 أن المسيح بكر كل خليقة وهذا يعني أن المسيح مخلوق، وهو أول من خُلق ,
وللرد نقول بنعمة الله : نورد الآية التالية: مكتوب عن المسيح أنه بكر كل خليقة، فإنه فيه خُلق الكل، ما في السماوات وما على الأرض (كولوسي 1: 15 و16), ومن هذا يتضح أن المسيح لم يُدْعَ بكر كل خليقة لأنه أول شخص خلقه الله، كما يقول المعترض بل لأن كل الخليقة خُلقت فيه, وكلمة بكر هنا لا تُستعمل بالمعنى الحرفي، بل بالمعنى المجازي, والمعنى المجازي للبكورية هو الرياسة أو الأفضلية والأولوية, فقد وردت كلمة بكر في الكتاب المقدس بمعنى رئيس أو أول , لأن الناموس قد جرى على أن تكون الرياسة للبكر, فقد قال الله عن داود النبي: وأنا أيضاً أجعله بكراً أعلى من ملوك الأرض (مزمور 89: 27) مع أن داود كان الابن الثامن لأبيه، وكان بالنسبة إلى الملوك المعاصرين له من أصغرهم سناً, فضلًا عن ذلك فإن كلمة بكر هذه استُعملت في موضع آخر عن المسيح نفسه، بمعنى رئيس, فقد قال الله عنه: ليكون بكراً بين إخوة كثيرين (رومية 8: 29), ويُقصد بالإخوة هنا المؤمنون الحقيقيون بالمسيح، ويُعتبر المسيح بكراً بينهم أو رئيساً لهم، بوصفه ابن الإنسان الذي مجَّد الله على الأرض وتمم مشيئته، مثالًا لما يجب أن يعملوه, ويُعتبَرون هم إخوته، بوصفهم قد آمنوا به إيماناً حقيقياً والتصقوا به التصاقاً روحياً، وعقدوا النية على السير وراءه,
ولذلك لا غرابة إذا كان المسيح قد دُعي بكر كل خليقة بمعنى أنه رئيسها وسيدها، لأنه هو الذي أبدعها وأنشأها, واليهود أيضاً يعرفون أن البكورية تعني الرياسة أو السيادة، وأنها عندما تُسند إلى الله يُراد بها السيادة المطلقة والرياسة العامة, فقد ورد في التلمود اليهودي: الله القدوس يُدعى بكر العالم، للدلالة على سلطته على كل الكائنات , فإذا أضفنا إلى ذلك كلمة بكر عندما يُشار بها إلى المسيح، لا تسبقها البتة كلمة ابن فلا يُقال عنه أبداً الابن البكر وأنه لا يشار البتة إلى المسيح كمخلوق أو منبثق من الله، لا يبقى مجال للشك في أن المراد ببكورية المسيح، ليس ولادته قبل غيره، بل رياسته وسيادته,