هذه المواضيع مستهلكة جدًا و بخاصة لمن اعتادوا الجلوس على الإنترنت و أدمنوا الحوارات الانترنتية البيزنطية. في هذه المطارحات لا أحد صادق مع نفسه يا زياد! لن تجد مثلا مسيحي يقول لك إنه عنده اعتراض على كتابه المقدس و لكن سيسرع ليعد لك ملايين العيوب في قرآن المسلمين و لأني مسيحي أعيب على المسيحيين هذا فأجد كمية زيف فظيعة و ليس الهدف هو الرغبة في الوصول إلى "الحقيقة" و إنما إثبات للآخر المسلم أننا "الأعلون" و ليس هو كما قال قرآنه. لا أحد فينا صادق مع نفسه يا زياد. الشكوك تساورنا و مع ذلك نتكلم بلسان حال المطلق و كأننا أطبقنا تماما على الحقيقة و أحطنا بكل شيء علما.
هناك مسألة أخرى في قضايا الإيمان يا زياد.. في البحث الإيماني جميعنا يريد أن ينتصر لما يكون عليه ولاءه أولا و أخيرا. أنا مثلا مسيحي و بالتالي أريد بكافة الطرق أن أنتصر للمسيح لأن ولائي الأول و الأخير هو المسيح و "فاديّ" و هو "وليي الحيّ" و أنا "تلميذ" له و أتبعه و بالتالي لن أتحدث بلغة الحوار المنهجي المحايد و لكن سأتحدث من منطلق ولاءاتي. و إنْ كانت ولاءاتي تحكمني بالدرجة الأولى، من أنا حتى أقول للمسلم عندك في دينك كيت و كيت؟! كلنا لدينا ولاء لأمنا بصرف النظر عن ما فيها من قبح و حتى لو كانت سيدة العاهرات. هذا الولاء يتحكم تماما في نظرتنا و يلغي أي مجال للحوار الموضوعي.
يا زياد: أهم شيء عندي جمال الإنسان داخليا بصرف النظر عما يعتقد. و رأيت كثير من إخواني المسيحيين يفقدون جمالهم و يتحولون لوحوش بشعة المنظر و الخلقة و الخلق و لم أكن أتصور أن الحوار الإسلامي المسيحي ليخلق منهم كائنات بهذه الدمامة. و لكن لما العجب؟! المرارة قاتلة مهما حاولنا تزيينها و تدنس النفس و تشوهها. رأيت الكثيرين و أنا واحد منهم ننحدر تدريجيا إلى القبح لمجرد أننا نريد أن نثبت للمسلم أنه بدينه "كيت و كيت" و كأن الإنسان يرفس مناخس فعلا. و لأني أتذكر ما قالته لي واحدة مسلمة على النت في البال توك عندما حدثتها عن شرب بركة الحبشية لبول محمد: هو سيدنا محمد و عاجبني. عندها أيقنت أني مغفل كبير لأني أبدد طاقاتي على الفاضي و أننا لا نتحاور و لا يحزنون و إنما الولاء هو من يحركنا في حسم أمور الفكر العقائدي و ليس الدراسة الأكاديمية الموضوعية.