السلام للجميع :

من جديد ومرة اخرى .. وآه يانبيل .... من القلب آه ..

((لعلها ليست المفارقة الوحيدة في الأمر، أن يخلو بيان جماعة (الإخوان المسلمين) من أي إشارة لما يسمى "المقاومة العراقية"، على الأقل احتراماً لروح الدبلوماسي المصري المغدور إيهاب الشريف، الذي ذبحته المقاومة المزعومة كما تذبح الشاة، بينما ورد في بيان الحركة المصرية من أجل التغيير، المعروفة باسم (كفاية) "إدانتها الشديدة لجريمة اختطافه ثم اغتياله، وتحمل الحركة المسؤولية لمن أرسلوه إلى بغداد المُحتلة"، ويمضي البيان قائلاً بلهجة صدمتني شخصياً : "تشدد الحركة على وقوفها قلبا وقالبا مع المقاومة العراقية الشريفة للاحتلال الأميركي، لكنها في نفس الوقت تدين اختطاف وقتل المدنيين، مُحذرة من أن من يقفون وراء جرائم اختطاف وقتل المدنيين يسيئون بشدة للقضية العراقية وللدين الإسلامي" .
انتهى البيان المختصر، الذي يشي اختزاله على هذه النحو بأن هناك خلافات حادة حول صياغته ربما جرت وراء الكواليس، وفي ما يبدو فقد نجح القادمون من دهاليز الأيديولوجيا في فرض أدبياتهم وذائقتهم على البيان، وقد جرى تمرير الخطاب الهاتف هذا بعبارات التأييد التي تقدمت وسبقت إدانة الذبح والخطف
وهنا يحق لي ـ كمصري تعاطف مع (كفاية) منذ يومها الأول ـ أن أتساءل ببساطة، ومن دون أن تنطلق بوجهي سهام التخوين والتكفير إياها التي اعتدناها في مصر، والتي استخدمت حتى ضد نشطاء كفاية من قبل ميليشيات الحزب الحاكم، حين كانوا يهتفون ضدهم ويتهمونهم بالعمالة والخيانة والكفر :
* هل أصبح مجرد الخلاف في الرأي والتقديرات السياسية حول إرسال السفير إلى العراق مبرراً للقتل ومسوغاً للتصفية الجسدية، كما يفعل الظواهري وبن لادن والزرقاوي؟
* وهل لا تزال لديكم أوهام بأن هناك ما يسمى "المقاومة الشريفة" في العراق ؟، وهل يتطوع أحد ممن صاغوا البيان ليرشدني عمن هي هذه المقاومة، وهل يمكن لأحدهم أن يضع يدي على اسم جماعة واحدة، أو حركة يتيمة، أو حتى مجرد شخص يمثل هذه المقاومة المزعومة التي تتخيلون وجودها في العراق ؟
* ثم هل استطلعتم رأي الشعب العراقي، بسطاء الناس، ممن عانوا تحت حكم صدام حسين، وانتهكت أعراضهم، وسحقت كرامتهم طيلة حكمه، إن كانوا بالفعل يؤيدون هذه المقاومة، ويعتبرونها "شريفة" كما ورد في بيانكم الأغر، أم أنكم عراقيون أكثر من العراقيين وهم أدرى بشعاب بغداد ؟
* ولماذا نكيل بمكيالين، فنتصور أن من يقتل رجال الشرطة العراقية، ويذبح المواطنين العراقيين الذين لا ناقة لهم ولا بعير، "مقاومة شريفة"، بينما من يقتل سفيرنا هم من المجرمين، رغم أن الفاعل واحد، ويعلن عن هويته في الحالتين بمحض إرادته، ويبث أفلاماً وثائقية لوقائع الذبح شبه اليومية بالعراق .
* وهل يتخيل أحد منكم أن "أجندة المقاومة" المزعومة هي تحرير العراق، أم هي إقامة "دولة الخلافة"، وتعبيد الناس لربهم، ولماذا لم تصدر (كفاية) بياناً تشجب فيه ما حدث في لندن ؟، أم أن الأمر لا يستحق، وهل يتصور أحدكم أن الزرقاوي يمكنه أن يقبلكم، حتى لو قدمتم له (كفاية) قرباناً على مذبحه الدموي ؟
* وهل تدركون أن الزرقاوي وأبناء لادن وبنات آوى يعتبرون "القومية العربية" دعوة جاهلية كافرة، واليسار كفاراً ملاحدة، والإخوان مرجئة منافقين، وأنكم جميعاً ستكونون حصاد مشانق الزرقاوية المجاهدين منذ اليوم الأول، الذي يصفه مؤيدوه بأنه يحيي "سنة الذبح"، وأنه "الذبّاح الأول"، ولو شئتم الوثائق فهي متوفرة ومتاحة بكثافة، في العشرات من مواقع الأصوليين عبر الإنترنت ومحرك "جوجل" .
* وأخيراً هل قارنتم أيها السادة المحترمون بين بيانكم، وبيان جماعة دينية تاريخها ملطخ بالدم، وهي "الإخوان المسلمون"، ولاحظتم أن بيانهم يخلو من أي إشارة أو مجرد لفظ واحد لما يسمى "المقاومة"، بينما تورطتم وأنتم العلمانيون التنويريون في الإشادة بها "قلباً وقالباً"، وأسبغتم عليها صفة "الشرف" كأنكم تكافئون هؤلاء القتلة على ما فعلوه برجل هو في نهاية المطاف من خيرة أبناء الوطن، فالدبلوماسي، وضابط الجيش والقاضي وضابط الشرطة وغيره، هم جزء من "الدولة"، وليس من "النظام"، وأظن ـ وأنتم المثقفون ـ تدركون الفرق الشاسع بين الدولة المصرية الراسخة، والنظام الحاكم العابر الشائخ .
.....
آه أيها الأصدقاء، كم أنا حزين ومحبط من بيان (كفاية) الملون بأيديولوجيات طالما كبدتنا ثمنا فادحاً، ويبدو أنها سوف تلازم البعض حتى الرمق الأخير، لننسى قضيتنا ونتفرغ ـ مثل ابن لادن ـ لمحاربة طواحين الهواء المسماة أميركا تارة، والإمبريالية تارة، والصهيونية تارات، وما أطيب ذلك على قلب الحكم المستبد، أن يروكم وقد تفرغتم لمعارك طواحين الهواء العبثية، كما كنتم تفعلون من قبل لأعوام مضت، وكانت تتسامح معكم حينها، بل وتزايد عليكم بتسيير مظاهرات صفوت الشريف وجمال مبارك ضد التدخل الأميركي، ونسيتم الشأن الداخلي، الأكثر أهمية وإلحاحاً، ومفتاح أي تغيير حقيقي يعنينا مباشرة .
ثم تعالوا هنا لنتحدث بصراحة، ومن دون مكابرة وعنتريات لا معنى لها عن "الشعب الحي"، هل تراودكم أية شكوك بأنه لولا ما حدث في العراق، لما استطعتم الاجتماع على مقهى وإلا لاعتقلتم، ووجهت إليكم تهم التجمهر، والتظاهر دون ترخيص، وإثارة الجماهير وتحريضها، وربما محاولة قلب نظام الحكم أيضاً ؟
لماذا لا نتصارح ونتكاشف ونكون شجعاناً ولو لمرة واحدة، فنعترف بأن المناخ الدولي ـ وحده ـ هو الذي منح الجميع فرصة الحركة، وغلّ يد الأنظمة البوليسية المستبدة، وأن حديثاً عن التغيير من الداخل هو محض أوهام وخرافات، وكلمة حق يراد به الباطل، تروج لها الحكومات "الشر ـ أوسطية" لإبقاء الحال على ما هو عليه، والدوران في حلقة فارغة من النصب والاحتيال السياسي .
وهل تدركون بأنه مرّ أكثر من نصف قرن دون أن نرى أو نسمع بأي تغيير ينبع من الداخل، سوى ما رأيتموه على شاكلة تغييرات قيادات الصحافة الحكومية الأخيرة، أو أن نستبدل يوسف والي بصفوت الشريف، وأنه لا حرج مطلقاً في استغلال المناخ الدولي لدحر الاستبداد وغلّ يد الأنظمة الفاشية .
وهل أثبط همتكم، أو أبالغ، أم تراني أنطلق من قراءة صحيحة للواقع، إذا قلت ببساطة إن النظام في مصر يستطيع قمع كافة الحركات والتيارات في غضون أربع وعشرين ساعة فقط، لو أطلقت يده المغلولة بفعل الضغوط الدولية الهائلة، وإن تصريحاً واحداً من الغرب يتوقف أمامه النظام ويراجع حساباته طويلاً ؟
.....
الأعزاء في (كفاية) الأمل : وأنا كنموذج للمواطن المصري المنسحق، والمنسحب من مشهد الصخب اليومي، الذي يعول عليكم كثيراً، لم اعتد يوماً خداع نفسي، ولعل هذا كلفني الكثير مما لا مجال للخوض فيه هنا، وقد تكبدته صامتاً عن رضا وراحة ضمير، لأني أعرف خياراتي وأرتضي نتائجها عن طيب خاطر، لهذا لا أخفيكم سراً أنني قد بدأت أراجع نفسي إزاء التعاطف معكم، فما زالت ذهنية (الدوغما) تحكم القائمين على الحركة التي طالما اعتبرناها مظلة من لا مظلة له، وملاذاً آمناً لكل الحالمين بغد أجمل وأكثر عدلاً وأرحب صدراً .. إذن لا تدفعوننا لأن نقول كفاية لـ (كفاية)، التي بدا خطابها الأخير كأنها "استنساخ" لتجارب الحركات القومية الفاشية، والمتأسلمة الإرهابية الحمقاء، والتي طالما كانت دوماً تشكل "فزاعات" تمنح النظام القائم مسوغات البقاء والاستمرار، وتوفر له الدعم الشعبي والخارجي باعتباره أهون الشرور
بالطبع لا أدعوكم إلى تأييد أميركا، ولا للتطبيع مع إسرائيل، فلا يعنيني هذا، لتذهب أميركا ومعها إسرائيل إلى الدرك الأسفل من الجحيم، لست مكترثاً بأمرهما من قريب ولا من بعيد، لكن أدعوكم صادقاً إلى تجاوز هذه "الشماعات"، واستبعادها من المعادلة ـ ولو مرحلياً ـ لأن معركتنا الحقيقية مع نظام مستبد، ووجهه الآخر ممثلاً في حركات الإرهاب الديني وجماعات الذبح وتكريس التخلف، خاصة وأن تبرير الإرهاب أسوأ من ممارسته، لذا أرجوكم صادقاً ألا تخذلوا البسطاء الذين أحبوكم وناصروكم، ولا تسمحوا باختطاف حركتكم النبيلة من قبل "أجندات" أخرى، مكانها الصحيح هو الأحزاب الشائخة المنعزلة المسماة بالمعارضة والتي فروا منها ليقينهم بعجزها وأنها في نهاية المطاف "جزء نظام فاسد"، وإن بدت ظاهرياً مناوئة له .
حسناً .. أكاد أرى الكثيرين منكم متململين وغير مقتنعين، إذن واصلوا أيها الأصدقاء الهتاف ضد بوش وشارون، فمعارضتهما مأمونة العواقب، وتكفل "زعامة مجانية" وانتشاراً إعلامياً، وتمثل "صكاً للوطنية"، كما أنها لن تكلفكم مشقة أي مخاطرة، وانسوا جمال مبارك والشريف والشاذلي وسرور، وحينئذ أبشركم برضا الحكومة، وتسامحها وسعة صدرها، وربما دعمها أيضاً لو شئتم، وحقاً "كما نكون يولى علينا" . ))
سلاماً


منقول


والى لقاء قريب.....