اقتباس:  كرداس   كتب/كتبت  
طيب أتمنى لو تخبرنا بردة فعلك إذا عاملك بعض الامريكان اللذين لا بأس بعددهم معاملة خاصة أونظروا إليك  نظرة خاصة لا تحبذها بسبب لون جلدك ؟؟

أنا مع ما تقول لو أن العدالة سائدة ولو أن لإمريكا نظرة إنسانية شاملة .

لكن الواقع أن امريكا ليست حق محض ولا العرب شر محض ....  

لكل أمر وجهان يا كرداس، النظرية و التطبيق. برأيي، النظرية وراء المنظومة الامريكية أكثر من رائعة، أما التطبيق، ففيه الكثير من العيوب. أنا شخصيا أعتنق النظرية وراء المنظومة الامريكية (اي الدستور و القيم الخ)، و أحاول أن يكون التطبيق أكثر ما يكون قربا للنظرية. و السياسة الامريكية هي جدل لا ينتهي حول محاولة تطبيق هذه المبادئ بالطريقة الاكثر كمالا و التعامل مع مستجدات العصر طبقا لهذه القيم.

أما في حالة العرب و الإسلام يا حسرة، فإن النظرية أسوأ (بالعامية أسخم) من التطبيق.

الدستور الامريكي هو أقدم دستور حي، و هو يقوم على أساس اعلان الاستقلال الاميركي. أحلى عبارة موجودة في وثيقة الاستقلال، و التي تُعتبر مبدأ من مبادئ المواطنة، هي أن لكل مواطن الحق المطلق في الحياة، الحرية، و السعي وراء السعادة Life, Liberty, and the Pursuit of Happiness.

"حرية الدين" و "حرية التعبير" مضمونتان لكل مواطن في أول قسم من أقسام الحقوق العشرة في الدستور. هذه المبادئ أعتبرها مقدسة.

الان، ستناقشني فيما اذا كان النظام الاميركي فعلا يطبق كل هذه المبادئ بكاملها على الجميع، و أنا لن أجادل في حدوث الكثير من التجاوزات. و لكن في الغالب فإنها مبادئ مطبقة.

يا سيدي أنا أعيش في دولة تقوم فيها امرأة واحدة (اسمها مادلين اوهير) برفع دعوى قضائية ضد النظام الاميركي بأسره، و تنظر المحكمة في شكاويها و تكسب أوهير القضية! هذا الأمر لن يحدث في الدول العربية في المائة عام المقبلة و ربما أبدا. دولة يقبع رؤساؤها تحت المناظير و يسقطون عن الحكم اذا زلوا. في ولاية كاليفورنيا في العام الماضي، قام السكان بانتخاب حاكم للولاية، و بعد فترة لم يعجبهم أداؤه، فقام بعضهم بمطالبة المحكمة باجراء تصويت ثان لازالته، فصوتوا ضده و أزالوه عن الحكم.

هل تريد مقارنة هذه الامور بالدول العربية؟ لا داعي.

أنا لا أشك مطلقا ان هناك الملايين من الامريكيين الذين لا يؤمنون بهذه المبادئ، فمنهم من يود قتلي على أساس العرق، و منهم من يود التخلص مني على أساس الدين. هذا جزء من التطبيق الناقص و الذي لن يكون أبدا كاملا، و لكن النظرية بقيت و تبقى صامدة، و هي الهوية التي اتخذتها لنفسي و طالما آمنت بها.

و على فكرة، أنا لا أعتبر هذه المبادئ امريكية، بل هي قيم انسانية بحتة و موجودة في ميثاق الامم المتحدة لحقوق الانسان و قوانين الكثير من الدول (خاصة الاوروبية). الموضوع و ما فيه ان الدول العربية لم تكتشفها بعد، بل البعض منها يعتبرها كفرا و هرطقة. ربما يصل العرب لمرحلة يكتشفون بها هذه القيم بعد مائة عام. على مهلكم يا عرب. خذوا وقتكم.