الجميع محبة و سلام

بعد ضربة بيرل هاربور في الحرب العالمية الثانية و بعد إعلان أميركا الحرب على اليابان بدأت أميركا تعامل اليابنيين الموجودين على أرضها بأسلوب مختلف بل أنها قد وضعتهم في معسكرات خاصة و إحتجزتهم و صادرت حرياتهم.
و مع أن العملية التي قامت بها اليابان وقتها كانت عملية عسكرية و لا يمكن تصنيفها كعملية إرهابية بأي حال فمن قاموا بها عسكريين و طيارين من الجيش الإمبراطوري و ليسوا مدنيين ... و مع ذلك فإن المدنيين الموجودين على الأرض الأميريكية هم من طالتهم الحكومة وقتها.
و بالمقارنة فإن أميركا لم تفعل نصف مع فعلته مع اليابانيين مع العرب و المسلمون مع أن كل مدني فيهم من الممكن أن يكون إرهابيا متنكرا.

بعد الحرب العالمية الثانية و بزوغ نجم الأيدلوجية الماركسية جاءت حقبة ماكرثي في أمريكا حيث أن هذا النائب قد ضيق و حاصر كل الصحفيين و المثقفين و الفنانين الشيوعيين في أمريكا .. و مع أن الشيوعيون كانوا متحالفين معهم من وقت قريب و أنهم لم يقوموا بعملية مستفزة للشعب الأمريكي مثل بيرل هاربور فإن أيدلوجيتهم حوصرت حتى بعد إنتهاء الحقبة الماكرثية.

أتصور أن العرب أضروا الأمريكان كثيرا و العمليات الإرهابية التي قاموا بها كانت مروعة للمدنيين أساسا و بدوافع غريبة و همجية و مع ذلك كانت أميركل رفيقة بهم لأن العالم تغير و وعي الناس قد زاد و الحريات قد ترسخت في الوجدان الأميركي بأكثر من أيام الفصل العنصري ..
و مع أن الأيدلوجية الإسلامية الجهادية التي تحرك العرب و المسلمين هي أسوأ و أعنف و أشرس و أكثر همجية من الماركسية بما لا يقاس فإن أمريكا و في أحلك أوقاتها لم تمنع كتبهم بل بالعكس كانت العمليات الإرهابية هي دعاية مجانية للفكر الإسلامي و لوحظ إزدياد المبيعات للقرآن و الكتب الشارحة للإسلام في أمريكا بعدها ..
و هو أيضا لأن العالم تغير و قيم حرية الفكر و العقيدة مترسخة في أمريكا ..
أمريكا واجهت اليابنيين و أنتصرت
و واجهت الشيوعيون و أنتصرت
و أتصور أنها ستنتصر في حربها ضد الإرهاب الإسلام (لم أقل الإسلام) بقيمها و نفوذها العسكري و الإقتصادي و الإعلامي ..

ما علاقة هذا بالموضوع ؟
ردة الفعل البريطانية مختلفة كليا عن ردة الفعل الأمريكية مع حدث مشابه ..
أولا أميركا دولة مهاجرين وجود كيانات غريبة على أرضها أمر معتاد أما بريطانيا كمعظم الدول الأوربية لم يتوافد إليها أحد (من خارج القارة الأوربية) إلا بعد الحرب العالمية الثانية بل لنقل في السبعينات (بأعداد كبيرة ما أعنيه ) ..
الآن لندن مجمع لغات أو برج بابل كما يقولون ..
و لكني اتصور أن البريطانيين يتسمون بضبط النفس بأكثر من الأمريكان, الأوربيون في الأغلب كذلك .
و أنا لا أظن ان العرب و المسلمون من الممكن أن يشعروا بتضييق أو حصار مثلما شعروا في أمريكا .. أتكلم عن تضييقات فردية من الناس العاديين لأن الحكومتين في البلدين يحترمون الحريات على أرضهم جدا.
البريطانيون شعب محترم جدا و العنف الوحيد الذي يمارسه يكون أثناء تشجيع كرة القدم هناك ..
معدل الجرائم هناك منخفض و الناس هناك آمنون, و جريمة بشعة مثل تلك الإنفجارات التي حدثت هو حدث غير إعتيادي و يقسم وسطهم و أنا أنتظر كيف سيتعاملون مع مخابراتهم و سكوتلانديارد.
الغريب أن يأتي بلير و يتكلم كلاما مثل قضية الشرق الوسط و ما إلي ذلك .. غريب حقا.
هل يظن بلير أن من الممكن أن يكون لتلك العمليات مطالب محددة ؟
هل يمكن أن يكون بلير يقارن بين العمليات التي كان يقوم بها الأيرلنديون من عمليات على الأراضي البريطانية دفاعا عن قضيتهم و هؤلاء الهمج الرعاع الذين فجروا أنفسهم ... لو كان هذا ما يفكر فأظنه قد أخطأ, فلو كان للأيرلنديون قضية تحررية فإن العرب الو المسلمون المنفذون لتلك العمليات هم همج بلا عقيدة سوى نسوان الجنة أو الإسلام الجهادي في قول آخر.
على يبدو لي أن هؤلاء القوم محترمون ربما أكثر من اللازم .. على العموم ما الذي من الممكن أن يفعله البريطانيون و نلومهم عليه في مثل حالتهم, هل لو فجروا أنفسهم في الأحياء العربية عندهم نلومهم ؟
أو لو فجروا أنفسهم في وسائل مواصلاتنا هنا نلومهم ؟