ربما نظريا (أي ما يوجد في القرآن والأحاديث) كان هذا الكلام صحيح. لكن، في كل الأحوال، على أرض الواقع، فإن المسلمين عندهم نظرية أخرى تدعو للرحمة والتسامح والأخلاق الحميدة الخ. وهذا هو الاسلام في نظرهم. ونظرتهم إلى رسولهم مملوءة بالقدسية والانبهار فهو رمز لسمو الأخلاق ورفعة المنزلة وفيه من الصفات الحميدة ما لم يتصف به انسان من قبل ولا من بعد. إذن حتى لو كان الاسلام دين شرير وتاريخه مملوء بالاغتصاب والقتل والتعدي على الشعوب، فالمسلمون (أغلبهم على الاقل أي عامة الشعب البسطاء الجاهلين ربما بمحتوى دينهم) هم أناس طيبون ويحبون الخير (ربما فيما بينهم فقط وليس مع الكافرين) ويعملون الصالح من الأعمال، الخ. وهؤلاء طبعا من أهلي وأصدقائي وزملائي، الخ. (وإن كانوا يجهلون أني ملحد).
أعتقد أن التناقض أساسه ربما جهل المسلمين بمحتوى دينهم لكن في الغالب عدم رغبتهم في رؤية بعض الحقائق وتمييز بعض المفاهيم.
وسآخذ مثالا واحدا على هذا:
الجهاد
أعتقد أنه لو كان المسلمين على درجة كافية من الانصاف والبعد عن التعصب الأعمى لأدركوا أنه الجهاد (وأعتقد أنه ركن من الاسلام أو فريضة في بعض الحالات) في الحقيقة ليس إلا تعدي على حرية وأمن وحقوق الآخرين.
الجهاد عندما يكون دفاعا عن النفس فذلك يكون مشروع وعندها يكون مقاومة مشروعة بل وحق وواجب على كل من اعتدي عليه.
لكن الجهاد الاسلامي الذي أعنيه هو الذي تم بفضله نشر الاسلامي.
فالجهاد في سبيل الله يعني أن يقوم جند المسلمين بنشر الاسلام عبر الغزوات والعنف وبالتعدي على سلام وأمن وأرض الآخرين.
الاسلام بدأ في ما يعرف الآن بالسعودية فكيف وصل إلى ما مصر ثم ليبيا ثم تونس ثم الجزائر ثم المغرب ثم الاندلس الخ.؟؟؟
هل أرسل المسلمون دعاة ورجال علم، الخ. من أجل نشر الاسلام؟؟؟
طبعا لا بل عبر فيالق وجيوش وفي شكل غزوات؟؟؟
هذه هي النقطة التي يجب أن نوضحها للمسلم الذي يعتقد أن الاسلام دين رحمة وتسامح وانسانية...
طبعا تلك الصفات (الرحمة، التسامح، العدل، التواد، الخ.) موجودة في القرآن والأحاديث والاسلام يجشع عليها... لكن كيف نفسر هذا التناقض بين ما هو نظري وما هو مطبق في التاريخ وحتى اليوم؟؟؟
التاريخ يقول لنا أن المسلمون عندما دخلوا ما يعرف اليوم بتونس مثلا وجدوا مقاومة كبيرة من أصحاب الأرض الأصليين (البربر أو الأمازيغ). واستمرت المقاومة لـ6 سنوات. والتاريخ يحدثنا عن الكاهنة البربرية مثلا
http://www.edunet.tn/ressources/culture/jo...s/al_kahena.htm التي كانت أحدى أبرز المقاومة.
كما كان هناك أحد زعماء المقاومة في نفس الفترة وفي نفس البلد عانى المسلمون الويلات منه وعندما انتصروا عليه قطعوا رأسه وعلقوه في سور المدينة لارهاب أنصاره.
إذن فهؤلاء شعوب كانت تحيا لمئات السنين في سلام وأمان إلى أن جاء غرباء على خيولهم يطالبونهم وبكل بساطة بتغيير دينهم. ولا أعتقد أن هناك في العالم اليوم أو في الماضي وحتى في المستقبل من يقبل أن يغير دينه. وعندما رفض أصحاب الأرض الدين الجديد أخرج الفرسان حرابهم وسيوفهم ونادوا "الله أكبر" وبالطبع وكأي شعب تحت الاحتلال برزت حركات مقاومة. لكن الفرسان القادمين من بلاد الشرق كانوا أكثر مراسا وقوة وتم القضاء على المقاومة. وإن رفض الجيل الأول من أصحاب الأرض الاسلام بين قابل للجزية أو مخفي حقيقة تمسكه بدينه القديم فإن الجيل الثاني والثالث والرابع أي الأجيال التي لم تشهد حرب المسلمين على آبائهم وأجدادهم ستنسى أن حكامهم الحاليين هم في الحقيقة غرباء وغزاة. واليوم شعوب المغرب العربي كلها رسميا شعوب مسلمة ونسيت أن الاسلام دخل أرضها عبر الخيول والجيوش وأن أجدادهم قتلوا ومُثل بجثثهم.
وهذا ما سيحصل في العراق: اليوم مقاومة ثم ستنهار المقاومة وتنتصر أمريكا ثم ستعاني أمريكا حقد الجيل الأول الذي لا يزال يتذكر الموت والخراب لكن الجيل الثاني سيبدأ بالنسيان وبعدها ستتحول الاجيال الثالثة والرابعة إلى مواطنين يحملون صفات العدو الجديدة أكثر من صفات أجدادهم.
طبعا أردت أن أقول من هذا أن انتشار الاسلام لم يكن عاديا وربما أو بالتأكيد هو الدين الوحيد الذي انتشر عبر قوة الجيوش وعبر ما يسمى بالغزوات أو الجهاد.
وأعتقد أن هناك ذكاء كبيرا من طرف محمد في جعله للجهاد في سبيل الله والاستشهاد في سبيل الله أحد الامور الهامة والفروض التي يتوجب على المسلمين التقيد بها. لأنه لولا الحرب من أجل نشر دين الله لما كنا لنسمع بالدين الاسلامي أكثر مما نسمع بالزرادشتية.