الأخ الكريم "خالد"، تحية طيبة.

"كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"

لذا، لا أري الأمر يستحق كل هذا التعوّذ الذي قمت به، فما أنت إلا من خيار بني آدم. وموقفك هذا - أعني شجاعة الحق - ليس بالجديد علينا.

ثمّ أنك لم تخطئ تماماً، فبالفعل لا يجوز إستخدام المصدر كاسم الفاعل. الفكرة أن لفظة الجلالة لها معاملة خاصة في اللغة بإعتبار الله ذاته "مصدراً" لكل شيئ، فجاز للمؤمن تسمية الله بالسلام كمصدر للسلام، وبالحق كمصدر للحق، وبالنور كمصدر للنور. وربما الخلاف ( الفلسفي ) بين المسيحية والإسلام في هذا الموضوع أن المسيحية ترى الله مصدراً للحب فقالت: "الله محبة" ( بصيغة المصدر ) بينما لا يوجد مقابل لذلك في الإسلام لأن image الله قد تم تصويرها في الإسلام بنوع من القوة والجبروت والقدرة لا تستقيم معها تصويره بمصدرية المحبة.
لكل دين التصوّر الخاص حول الله، ومن الخطأ أساساً أن نلزم ديناً ما بتصوّرات الآخر.

بخصوص الأسماء الحسنى،
هل تعلم هذه الأسماء مصدرها حديث للترمذي عن طريق الوليد بن مسلم، وهذا الحديث ليس من كلام محمد، بل هو محض إجتهاد لتعيين الأسماء ال99.
وهو ليس الإجتهاد الوحيد على فكرة، فهناك إجتهاد "عبد الملك الصنعاني" في رواية ابن ماجة، وأيضاً إجتهاد "عبد العزيز بن الحصين" في رواية الحاكم، لكن أشهرهم في التاريخ الإسلامي هو الوليد بن مسلم لانتشار جمعه وإحصائه.

قال ابن تيمية:
"لم يرد في تعيينها حديث صحيح عن النبي (ص) وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم عن شعيب عن أبي حمزة ، وحفاظ أهل الحديث يقولون هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث"
(الفتاوى1/217)

وقال ابن حجر:
"والتحقيق أن سردها من إدراج الرواة"
(بلوغ المرام 346)

فهذا حال الأسماء الحسنى التي حفظها الناس لأكثر منذ قرون، وأنشدها كل عابد، وزينت بها أغلب المساجد، ليست نصاً من كلام رسول الإسلام، وإنما هي مدرجة في الأحاديث. ولقد قرأت مؤخراً بحثاً مؤخراً بحثاً للدكتور "محمود عبد الرازق الرضواني" ( أستاذ قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة،
كلية الشريعة وأصول الدين، جامعة الملك خالد ) إستخدم فيه الحاسب الآلي لتعيين الأسماء الحسنى من القرآن والسنّة الصحيحة، فخرج بنتائج مختلفة في تعيين ال99 إسماً. فلم يرد 29 اسماً من الأسماء الحسنى المعروفة في حديث الترمذي لعدم مطابقتها للمواصفات. وإن كان بالنهاية قد أتي من القرآن والسنّة بـ99 إسماً منهم 70 من الذين نعرفهم.
سأحاول أن أبحث لك عن وصلة عنكبوتية إن كنت مهتماً.

تحياتي. وخالص إحترامي لموقفكم الذي آثر الحق على الجدل.



لطالما إنزلقت أقدامنا في هذا الموضوع، فلنكمل إذن.

الأخ الكريم Georgioss، تحية طيبة.

اقتباس:لذلك وبكل تحفظ وأمانة بعيدا ً عن الجدل أو التعصب الديني , أطرح على الأخوة هذا السؤال ؟

لماذا لا يتصف الله بالمحبة بين أسماء الله الحسنى ؟؟

هناك ألفاظ متقاربة، ومتسقة أكثر مع التصور الإسلامي عن الله لو راعينا العظمة والجبروت والقوة التي يظهر بها في الإسلام. فإن لفظة "محبة" الخالصة هذه، لا تستقيم مع بقية الصفات والتعاليم الإسلامية.

الألفاظ المتقاربة هي: الودود، كما أشار الأخوة المسلمين.
وأيضاً يوجد الحنّان ، لو أخذنا بالأسماء الحسنى كما ذكرت في المستدرك للنيسابوري

وقد جاء اسم "الحنّان" في مسند الإمام أحمد عن طريق "خلف بن خليفة" من حديث أنس:

كُنْتُ جَالِساً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الْحَلْقَةِ وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّى ، فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ دَعَا فَقَالَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْحَنَّانُ بَدِيعَ السَّماَوَاتِ وَالأَرْضِ ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ..... )

لكن في الوقت ذاته، فهذه الرواية لم تثبت.

قال الخطابي:
"ومما يدعو به الناس خاصهم وعامهم وإن لم تثبت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحنان"

وقال السقاف:
"والخلاصة، أن عد بعضهم الحنان من أسماء الله تعالى فيه نظر لعدم ثبوته"


وبشكل عام، فالله في القرآن لا يحب الجميع كما في التصوّر المسيحي، فهو يحب الذين تتوافر فيهم بعض الخصال الحسنة، ولا يحب الذين تتوافر فيهم الخصال السيئة.

هو يحب:

الذي يحسن (البقرة195) - (آل عمران134) - (آل عمران148) - (المائدة13) - (المائدة93) - (الأعراف55)
الذي يتواب (البقرة222)
الذي يتطهّر (البقرة222) - (التوبة108)
الذي يتّقي (آل عمران76) - (التوبة4) - (التوبة7)
الذي يصبر (آل عمران146)
الذي يتوكّل عليه (آل عمران159)
الذي يقسط (المائدة42) - (الحجرات9) - (الممتحنة9)
الذي يقاتل في سبيله (الصف4)

ولا يحب:

الذي يعتدي (البقرة190) - (المائدة67)
الذي يكفر (البقرة276) - (آل عمران32) - (الحج38) - (الروم45)
الذي يأثم (البقرة276) - (النساء107)
الذي يظلم (آل عمران57) - (آل عمران140) - (الشورى40)
الذي يختال (النساء36) - (لقمان18) - (الحديد23)
الذي يفخر (النساء36) - (لقمان18) - (الحديد23)
الذي يجهر بقولٍ سيئ (النساء148)
الذي يفسد (المائدة64) - (القصص77)
الذي يسرف (الأنعام141) - (الأعراف31)
الذي يخون (الأنفال58) - (الحج38)
الذي يستكبر (النحل23)
الذي يفرح؟ (القصص76)


لذا بالنهاية، نري الـ image الإلهي في الإسلام على نمط: أحب أتباعي وله الخير الوفير، ولا أحب من لا يتبعني وسأدق عنقه. إنها ثنائية ( الترغيب والترهيب ) المعتادة في الفكر العشائري.