هل المسيح " أبن الله " ؟ وما الفرق بينه وبين بقية من دعوا بأبناء الله ؟
الزميل الفاضل زيد جلال
تحية وسلام
اقول لك قبل الدخول في التعليق على مداخلاتك ما كررته سابقاً وهنا أضع نقاط مركز :
القديس بولس يضع أمام العبرانيين مقارنة بين المسيح والملائكة من جهة ، والمسيح وموسى النبي ، أعظم نبي بالنسبة لبني إسرائيل على الإطلاق، من جهة أخرى وهو يؤكد لهم هنا الآتي :
1 – المسيح هو ابن الله " ابنه " فمن هو ابنه هذا ؟
2 – الوارث لكل شيء ، كما يرث الابن أبيه. الابن إذاً يرث أبيه ، لأنه من صلبه .
3 – هذا الابن هو الذي عمل ، خلق ، العالمين.
فالابن إذا هو الخالق مثل أبيه. وقد قال هو نفسه له المجد عن ذلك " أبي يعمل حتى الآن وأنا اعمل. فمن اجل هذا كان اليهود يطلبون اكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضا أن الله أبوه معادلا نفسه بالله فأجاب يسوع وقال لهم الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب يعمل. لان مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك. لان الآب يحب الابن ويريه جميع ما هو يعمله. وسيريه أعمالا اعظم من هذه لتتعجبوا انتم. لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضا يحيي من يشاء " (يو5 : 17 – 21).
أو كما قال عنه الكتاب " فانه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق. الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل " (كو1 :15و16).
أرأيت يا عزيزي الابن هو الموجود قبل كل شيء وخالق كل شيء وهو قوام ، مدبر ، كل شيء ، وكل شيء مخلوق .
وهنا يكمن معنى الوارث، فهو الابن الوارث لكل شيء لأنه خالق كل شيء وكل شيء فيه يقوم .
4 – الابن هو بهاء مجد الله ورسم جوهره .
وكلمة بهاء مجده هنا " ος ων απαυγασμα της δοξης " و " رسم جوهره – και χαρακτηρ της υποστασεως "
وتترجم في الإنجليزية :
His Son is the reflection of God's glory and the exact likeness of God's being
انعكاس مجد الله والصورة المتطابقة لجوهره ، و
He is the radiance of His glory, the exact expression of His nature
إشعاع مجده ، الإشعاع الخارج منه ، أو الإشعاع المنعكس عنه، و:
His Son is the radiance of his glory, the very image of his substance
إشعاع والصورة الحقيقية لجوهره ، و:
Who being the brightness of his glory, and the express image of his person
بهاء مجده والصورة المعبرة لشخصه .
كما أن عبارة " ورسم جوهره – και χαρακτηρ της υποστασεως " ، خاصة كلمة χαρακτηρ وردت في اللاتينية القديمة image وفي الفولجاتا Rigura ، صورة ، أي صورة جوهره .
كما تعني بالسريانية صورة جوهره " Image of his essence"
وتعني التعبير عن الملامح العامة للشخص .
كما أن كلمة " υποστασεως " هيبوستاس ، Hypostasews ، كانت مستخدمة في اليونانية وتعني الجوهر العاقل المدرك غير المتغير.
أي أن الابن من ذات الآب ؛ انعكاس مجده، بهاء مجده ، الصورة الحقيقة لجوهر الله ، أو الصورة التي تعبر عن جوهر الله وطبيعته بكل دقة .
5 – الابن هو حامل كل شيء. وكلمة كل شيء هنا " τα παντα " وهي تساوي ما جاء في قوله " كل شيء (παντα) به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان " (يو1 :2)، وفي قوله " فأنه فيه خلق الكل (τα παντα) ". فالابن هو خالق كل شيء والحامل لكل شيء في الكون .
6 – والابن هو الجالس عن يمين العظمة في الأعالي .
تقول :
___________________
يا سيدي الفاضل، الكلمة لا تقاس بعدد استخدامها وإلا جعلنا كلمة ben تعني البنوة الحقيقية لكثرة العدد الدال على ذلك، ولضربنا بمعناها الآخر وهو البنوة المجازية عرض الحائط. ولذلك سيادتكم اعترفت أن الفقرة (مز 2: 7) دالة على البنوة المجازية:
.............................
ب - وخاطب الله داود الملك والنبي وأبنه سليمان الحكيم علي أساس سلطتهما الملوكية الممنوحة لهما من الله لحكم شعبه كأبناء الله " أَنْتَ ابْنِي. أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ " (مز2 :7)، داود، " أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناًً " (2صم7 :13)، سليمان. وذلك بمعنى مجازى (ص 1 مداخلة 3)
.............................
لنقرأ دليلًا قاطعًا آخر:
لأَنَّهُ لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: «أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ»؟ وَأَيْضاً: «أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً»؟ (عب 1: 5)
هنا يحاول القديس بولس أن يطبق "أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً" على المسيح. وهو هنا يقتبس:
أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً. (2 صم 7: 14)
يقول المفسر ماتيو هنري:
2Sa 7:14 - I will be his father, and he shall be my son,.... That is, I will be as kind unto him, and careful of him, as a father of a son; or he shall be, and appear to be my son, by adopting grace, as no doubt Solomon was, notwithstanding all his failings. This is applied to Christ, the antitypical Solomon, who was, in an higher sense, the Son of God, even by natural and eternal generation; see Heb_1:5,
أكون رحيمًا به وأرعاه كما يرعى الأب ابنه وسيكون ابني بنعمتي وفضلي كما كان سليمان بلا ريب في ذلك ........ هذه تنطبق على المسيح وهو نظير وصورة لسليمان هنا........
ولكن ما هو المعنى الدقيق للصفة antitypical هنا؟ لنقرأ معنى الاسم منها:
Antitype: person or thing represented or foreshadowed by a type or symbol; especially a figure in the Old Testament having a counterpart in the New Testament. (WordWeb Dic)
__________________________
وأقول لك:
أولاً : طالما أن الكلمة مستخدمة ، في جميع اللغات لتعني البنوة الحقيقية والبنوة المجازية ، فالذي يحدد لنا المقصود بالبنوة في حالة المسيح هي حقيقية أم مجازية هو تطبيق بقية الصفات على الابن وما ينسب للابن من أعمال.
وقد أوضحت أعلاه من خلال الصفات والأعمال المنسوبة له أنه ابن الله بنوة حقيقية ، فهو الوارث والخالق لكل شيء وهو الصورة المعبرة لذات الله في حقيقتها وجوهرها .
ثانياً : أن ما جاء في العهد القديم عن داود أو سليمان يقصد به بنوة مجازية لأنهم كانوا ، كما نقلت أنت عن متى هنري ظلالاً ورموزاًً للابن الحقيقي الذي سيأتي من نسلهما والذي هو المسيح له المجد .
فالمسيح كما بينت لك أعلاه يملك كل صفات الآب ويعمل كل أعمال الآب وله نفس الكرامة التي للآب ، فهو ابن حقيقي لله من ذاته ، أما الآخران فقد كانوا ظلالاً ورموزاً له .
________________
وتقول :
.............................
والكلمة كان عند الله.
.............................
ليست دليلًا على بنوة المسيح الغير مجازية، فالعندية هنا لا تدل على المكان وإنما تدل على المصدر وعلى حكم الله:
اي 37:22 من الشمال يأتي ذهب.عند الله جلال مرهب.
رو 2:13 لان ليس الذين يسمعون الناموس هم ابرار عند الله بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون.
رؤ 20:9 فصعدوا على عرض الارض واحاطوا بمعسكر القديسين وبالمدينة المحبوبة فنزلت نار من عند الله من السماء واكلتهم.
___________
وأقول لك لماذا تركز على هذه العبارة فقط وتترك بقية الآية التي تقول " في البدء كان الكلمة وكان الكلمة هند الله وكان الكلمة الله " .
فالآية هنا تؤكد على ثلاث حقائق وهي :
1 - أن الكلمة كان في البدء " εν αρχη ην ο λογος "، ويذكر وجود الكلمة قبل ذكر الله ليؤكد على أزلية الكلمة ، ويسخدم الفعل اليوناني " εν " في الماضي الناقص ، غير التام والذي يعني القدم السحيق .
2 – ثم يقول وكان الكلمة عند الله " لتمييز الكلمة في ذات الله .
3 – ثم يؤكد أن الكلمة هو الله " وكان الكلمة الله ، أو وكان الله الكلمة και θεος ην ο λογος " .
إذا فعبارة عند الله هنا تعني بالارتباط مع بقية الآية أن الكلمة من ذات الله ، في ذات الله ، لأنه كان منذ الأزل مع الله وكان الكلمة هو الله ، وكان الله هو الكلمة.
__________________
وتقول :
" الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبر " (يو1: 18)
.............................
G5207
υἱός
uihos
hwee-os'
Apparently a primary word; a “son” (sometimes of animals), used very widely of immediate, remote or figurative kinship: - child, foal, son.
ابن uihos: تستخدم على نطاق واسع للغاية للقرابة القريبة أو البعيدة أو المجازية.
ومن ثم فالفقرة بحاجة لإثبات أولًا. بحاجة لإثبات أن البنوة ليست مجازية، وهو المعنى الذي يؤكده العهد القديم.
_______________
وأقول لك هنا لماذا تعزل الكلمة عن بقية الآية فالآية تقول " الابن الوحيد الذي في حضن الآب ".
والابن هنا هو الابن الوحيد " ο μονογενης υιος " الذي في " حضن الآب " ، أي الابن الوحيد الذي من الآب، كما أنه الابن الوحيد ، وكونه الابن الوحيد يعني تميزه على جميع من وصفوا بلقب ابناء الله ، فهو " الابن الوحيد " لله وما يؤكد ذلك أن هذه العبارة وجدت أقدم المخطوطات هكذا؛ " الإله الوحيد الذي في حضن الآب " ، وابن الله الوحيد الذي في حضن الآب ": " ο μονογενης Aθεος υιος ο " وقد استخدمها الغالبية العظمى آباء الكنيسة في عصورها الأولى بهذا المعني " الإله الوحيد الذي في حضن الآب "، أي ابن الله الوحيد الذي من ذاته وله نفس جوهره .
______________________
..............................
في حضن الآب.
............................
أَعْطُوا تُعْطَوْا كَيْلاً جَيِّداً مُلَبَّداً مَهْزُوزاً فَائِضاً يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ». (لو 6: 38)
فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضاً وَدُفِنَ
فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الْهَاوِيَةِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ (لو 16: 22، 23)
وَكَانَ مُتَّكِئاً فِي حِضْنِ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنْ تلاَمِيذِهِ كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ. (يو 13: 23)
يقول المفسر جون جيل مؤكدًا على أن ذلك يعني القرب من المسيح لا الارتماء الفعلي في حضنه:
Not pressing upon that part of Christ's body, which would have been irreverent in John, and troublesome to Christ; but leaning at table upon his bed or couch, on which he lay; and which was next to, and just before Christ; so that he was very near unto, and seemed to lie in the bosom of Christ; as such are said to do, who sit next at table to another.
والكلمة اليونانية المستخدمة هنا في الفقرات السابقة هي kolpos وتدل على القرب.
______________
وأقول لك :
أنت دائما تفصل كلمات الآيات عن بعضها وتأتي بكل كلمة أو عبارة منفردة بعيدة عن قرينتها وسياقها في الكلام ، والتفسير السليم هو أن الكلمة لا تفسر منعزلة بل مع سياق الجملة والكلام ومع قرينتها ، وعبارة حضن هنا يجب أن تفسر أيضاً بحسب بقية نص ومضمون الآية ، والآية تقول " الابن الوحيد الذي في حضن الآب " ، والابن الوحيد هو الذي له نفس وجوهر وطبيعة الله الآب.
___________________
وتقول :
............................
" أنا أعرفه (أي الآب) لأني منه " (يو7 :29)
............................
أَنَا أَعْرِفُهُ لأَنِّي مِنْهُ وَهُوَ أَرْسَلَنِي».
But I know him: for I am from him, and he hath sent me. (KJV
أي جئت من عنده أي بتكليف منه لأنني رسوله:
I know him because I have come from him and he sent me. (ISV
But I know the one who sent me, because I came from him (CEV
فالكلمة para اليونانية تعني "عند، بالقرب من، لدى، بشهادة الله البصير":
لأَنْ لَيْسَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ النَّامُوسَ هُمْ أَبْرَارٌ عِنْدَ اللهِ بَلِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِالنَّامُوسِ هُمْ يُبَرَّرُونَ. (رو 2: 13)
حَيْثُ مَلاَئِكَةٌ، وَهُمْ أَعْظَمُ قُوَّةً وَقُدْرَةً - لاَ يُقَدِّمُونَ عَلَيْهِمْ لَدَى الرَّبِّ حُكْمَ افْتِرَاءٍ. 2بط 2: 11)
وَلَكِنْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَتَبَرَّرُ بِالنَّامُوسِ عِنْدَ اللهِ فَظَاهِرٌ، لأَنَّ «الْبَارَّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا». (غل 3: 11)
عِنْدَ اللهِ: بمشهد من الله. يقول جون جيل:
in the sight of God; who sees the heart, knows the spring of actions
فيكون المعنى أن المسيح جاء بأمر من الله له أن يكون رسولًا لبني إسرائيل. فقد جاء من عند الله كإخوانه من الأنبياء والمرسلين والله يشهد على ذلك (بمشهد من الله). فكلمة "منه" ليست مقتصرة على المسيح كما نرى.
_________________
وأقول لك وأكرر أنت تفصل العبارة أو الكلمة عن سياقها وقرينتها لتعطيها معنى غير معناها الحقيقي الذي لا يعرف إلا من خلال سياق الآية وقرينتها !!!
كما أن المعنى لا يفسر بمعزل عن الشخص الذي تتكلم عنه إنما يفسرها ويوضحها عدد آخر من الآيات عن نفس الشخص ، وهو يقول " لأني قد نزلت من السماء " (يو6 :62).
فهو النازل من السماء والآتي من فوق والذي سيصعد إلى السماء حيث كان موجوداً فيها أولاً قبل أن ينزل منها، فهو ليس من هذا العالم ، إذا فقوله " أنا أعرفه لأني منه وهو أرسلني " تعني أنه من ذاته ، أما عبارة أرسلني وهي ما يعرف في اللاهوت المسيحي بإرسالية الآب للابن من ذاته وفي ذاته ، وهذا أمر في جوهر الله ذاته ، فالله غير محدود سواء بكلمته أو بروحه .
000 يتبع
تحياتي
الراعي / عمانوئيل
|