عندما وقف الانسان منذ آلاف السنين عاجزا عن تفسير طبيعة المطر ولاحظ دوره في انماء زرعه وبالتالي في توفير الغذاء له انطلق يسأل نفسه مجموعة من التساؤلات الكبيرة (الكبيرة على ما يستطيع إدراكه آنذاك) وفي النهاية لم يجد من حل يريحه إلا أن يؤمن بإلاه (سماه إلاه الخصب) وضع فيه كل إجاباته عن ماهية المطر وكيفية وسبب تساقطها. وعندما وقف الانسان حائرا أمام الموت وضع إلاه للموت (نزلت رتبته فيما بعد من إلاه إلى ملك = ملك الموت: عزرائيل). وإلاه للفن ثم إلاه للبرق وإلاه للجبال وربما في ألسكا قديما وضعوا إلاه للجليد وهلم جرا.

من حق كل انسان أن يسأل عندما يقف أمام ظاهرة محيرة.
لكن . فالانسان بعقله يعي العالم من حوله وليس أبغض لديه من أن يقف عقله عاجزا عن تقديم الإجابات.

باختصار عندما نقف اليوم أمام ظاهرة لا يمكن أن نفهمها ونفهم طبيعتها أو آليات عملها لا يجب أن نتعسف عن حقيقة تلك الظاهرة بتقديم حلول وإجابات من العالم الآخر وربط تلك الظاهرة بإرادة كائنات عليا أو شياطين أو سحر، الخ.

لو أرجأ الانسان قديما حكمه على المطر وانتظر بضع آلاف من السنين لما التجأ لاختلاق الاه له. كذلك إن لم نستطع اليوم أن نفهم (لغز) الزهرة والنحلة فهذا لا يعني أنه يجب علينا أن نتجه في سعينا للاجابة إلى العوالم الميتافيزيقية لكي نجد الجواب ونستريح.

أفضل جواب هو "لا أدري" لكن أفضل من ذلك أن يسعى الانسان أن يحل تلك الألغاز لا أن يكتفي بالاكذوبة التي اختلقها وصدقها. ويكون سعي الانسان في محاولة الاجابة عن هذه الالغاز بالبحث في العالم من حوله أي العالم المادي.

داروين وأمثاله قدموا محاولات علمية للاجابة عن مثل هذه الالغاز وسوى كانت محاولاتهم كاملة أو تنقصها بعض الجزئيات فهي بالتأكيد أفضل من أي محاولة تتخلى في سعيها للاجابة عن مثل هذه التساؤلات عن العالم المادي (الذي هو أصل تلك الأسئلة) وتفضل بدل عنه عالم ما وراء المادة. داروين قام برحلات (بل أمضى عمره كله في تلك الرحلات) عديدة أشهرها إلى استراليا في محاولته البحث والاجابة عن مثل تلك الأسرار الغامضة. وكلود ليفي ستراوس أمضى عشرات السنين بين القبائل البدائية من أجل أن يكتب بعد أن أصبح عجوزا هرما كتابا في الانثروبولوجيا.

هؤلاء هم حقا الجديرون بالاحترام والتقدير من طرف العالم لأنهم يحاولون تقديم اجابات موضوعية للعالم الذي نعيش فيه وتقديم إجابات وأدلة مادية (إن توصلوا لذلك) عن تلك الأسرار.

بينما نرى المؤمن بالتأكيد من أكثر الناس راحة في هذا العالم فكل الاجابات لديه جاهزة (في الحقيقة هي إجابة واحدة على كل التساؤلات)

- من خلق الكون؟
- الله.

- ما اصل الانسان؟
- الله.

ما هي الحياة؟
- الحياة من عند الله.

- ما هو المطر؟
- المطر من عند الله.

- ماذا عن الزلازل والبراكين والكوارث الطبيعية؟
- عقاب من عند الله.

- والزهرة التي تتشبه بالنحلة؟
- من خلق الله.

- 1 + 1 لماذا يساوي 2 ؟
- مشيئة الله.

- و من ابتكر الـMicrosoft Windows XP
- بيل غيتس لكن بفضل الله.