{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الاكراد تشكيل قومى ام تشكيل غير متمايز ؟
فضل غير متصل
لو راح المغنى بتضل الاغانى
*****

المشاركات: 3,386
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #8
الاكراد تشكيل قومى ام تشكيل غير متمايز ؟
ديمقراطية أم طائفية؟! النظام الجديد في العراق (حقائق وأفكار)(2)
2005/07/29

عقلاء الاكراد يدركون حدود طموحهم ويعرفون انهم حصلوا علي حقوق وامتيازات لم يحصلوا عليها في اي مكان
مواطنون طيبون مررت بقراهم اثناء قتال البارزاني قوات الحكومة.. مخلصون لوطنهم الام بدون تحيز عرقي
أ. د. سامي الصقارہ
الاكراد في عهد البعث
اما في عهد البعث فقد حظي الاكراد بكسب عظيم لم يحظوا بمثله في تاريخهم ولا في اي بلد (غير العراق) يستوطنونه، اذ قررت الحكومة العراقية منحهم الحكم الذاتي في عدد من المحافظات الشمالية والشرقية، واعترفت بأربيل عاصمة للحكم الذاتي، في 1974/3/11 (وفقا لما نشرته الصحف البريطانية الصادرة يوم 1974/3/13) وهذا امتياز لا يحلم بمثله اكراد تركيا وايران (رغم ان عددهم اضعاف مضاعفة بالنسبة لعددهم في العراق) وذلك الي جانب تمثيلهم في المجلس الوطني ببغداد، بعدد من النواب يتناسب ونسبتهم العددية من مجموع السكان، علاوة علي وجود نائب كردي لرئيس الجمهورية (سبقت الاشارة اليه).
ويتضح مما تقدم بأن اكراد العراق كانوا علي الدوام موضع عناية حكومة بغداد، وانهم حظوا ومناطقهم، برعاية لم تحظ بمثلها اية بقعة اخري من ارض العراق. ولذلك فان الزعم بأنهم كانوا مضطهدين ومناطقهم مهملة، وما الي ذلك من أكاذيب فهي امور يكذبها الواقع، كما ينبغي ان لا ننسي بأن القوات العراقية انسحبت بمحض اختيار الحكومة المركزية من المناطق الكردية (عقب فرض المعتدين عام 1991 منطقة حظر الطيران في الشمال) ودليل ذلك انها لم تنسحب من المنطقة الجنوبية التي فرضت عليها حظر الطيران ايضا. وكان هدفها من الانسحاب هو احباط المؤامرات التي كان المعتدون يدبرونها لخلق ظروف من شأنها الاحتكاك بين بعض العناصر الكردية التي يدسها المعتدون، وبين القوات الحكومية. ودليل قدرتها علي البقاء هناك لو ارادت، انها استجابت لطلب مسعود البارزاني وارسلت قواتها (عندما حاول الطالباني خلق الاضطرابات في اربيل لاجل السيطرة علي الحكم)، فأبعد اتباع الطالباني، ثم انسحبت بعد ان عادت الامور الي مجراها الطبيعي.
هذا وانني لا انكر وقوع بعض التوترات، بل وقوع حركات مسلحة كردية ضد الحكم في العراق، من امثال حركة (الشيخ محمود حفيد زاده) والملا مصطفي البارازني وذهب ضحيتها الكثير من الابرياء فالشيخ محمود مثلا لم يرض بقرار عصبة الامم بادخال اكراد ولاية الموصل (العثمانية) ضمن العراق، فاثار بعض الاضطرابات في السليمانية ولكن القوات الحكومية تمكنت من طرد مؤيديه من السليمانية التي انتخب اهلها خمسة نواب يمثلونهم في المجلس التأسيس العراقي، كما خصصت الحكومة العراقية مبالغ للاصلاحات الضرورية المستعجلة ونظمت الامور الادارية اللازمة فيها. (تاريخ الوزارات ج 1/224). وفي سنة 7291 انتدب الشيخ محمود موفدا عنه زار بغداد للاتفاق علي شروط تقضي بأن يعيش هو واسرته خارج العراق، ويمتنع عن التدخل في الشؤون السياسية، وان يرسل احد اولاده الي بغداد لتلقي العلم (وكان ذلك الولد هو بابا علي الذي تعلم فعلا وصار شخصية بارزة وتولي الوزارة في بغداد اكثر من مرة) وتعهدت الحكومة برد املاكه اليه، وسمحت له بتعيين وكيل لادارتها، كما انه زار بغداد بنفسه في تلك السنة وصارت السليمانية تشترك في جميع انتخابات مجلس النواب (المصدر السابق ج1/225). ولكنه عاد الي العصيان في السنة نفسها، وانتهي الامر الي مثل ما حصل فيما سبق، بأن يمنع من العودة الي العراق هو وبعض اقاربه، ويتعهد بعدم التدخل في شؤون الحكومة ويرسل ابنه للدراسة في بغداد، وان تعيد له الحكومة املاكه، وهكذا كان فزار بغداد مرة اخري (المصدر السابق ج2/114 ـ 117).
هذا نموذج للحركات التي قامت في بعض انحاء كردستان، فهي موضعية محدودة النطاق ولم تتسم بالشمولية، فقد اقتصرت علي السليمانية (في حين حركة البارزاني تركزت علي المنطقة التي تقع الي الشمال ولا سيما في منطقة اربيل). اما غالبية الشعب الكردي وزعماؤه وعقلاء القوم، فقد اثروا السلام والتمسك بالولاء للوطن العراقي الكبير، لانهم يدركون ان اي حركة انفصالية لن يكتب لها النجاح، لسبب بسيط هو ان تركيا وايران لن يسمحا بوجود دولة كردية علي حدودهما، تكون مأوي للمتمردين من اكرادهما، ومركزا لاستقطاب كل من يحلم باقامة دولة كردية موحدة تشمل اكراد القطرين، ودليل ذلك ما شهدناه في السنين الاخيرة من توغلات متوالية للقوات التركية في المناطق الكردية الواقعة (شمال الموصل) بحجة تعقب مقاتلين من حزب العمال الكردستاني المؤلف من اكراد تركيا حتي بعد اعتقال رئيسه عبد الله اوجلان بعد قتال شرس استمر عشرات السنين تكبدت خلالها القوات التركية خسائر جسيمة.

دولة مهاباد

كما ان عقلاء الاكراد يتذكرون جيدا دولة (مهاباد) التي اقامها القاضي محمد في منطقة اكراد ايران، وجارتها جمهورية اذربيجان الايرانية التي اقامها بيشواري عندما احتل الروس مناطق ايران الشمالية خلال الحرب العالمية الثانية وكيف انهارت هاتان الدولتان بمجرد انسحاب القوات السوفييتية، اذ لم تلق اي منهما الدعم من الامريكيين او البريطانيين الذين كانوا يشغلون المناطق الجنوبية من ايران، كما يتذكرون كيف تخلي الشاه عن الملا مصطفي البارزاني عندما عقدت اتفاقية الجزائر بينه وبين الرئيس العراقي صدام حسين.
وعلاوة علي ذلك فان قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق (حتي لو سمح لها الاتراك والايرانيون بالوجود بسلام) ستكون (مخنوقة) بالحصار من جانب دول معادية ثلاث هي العراق وتركيا وايران، ودولة في مثل هذه الحالة لن يكون بوسعها ان تحيا وتدوم، خاصة وهي محدودة الموارد (حتي لو تملكت نفط كركوك)، اذ لن يكون بامكانها تصديره، او تصدير اي مادة اخري تتوفر لديها، وهذه امور يدركها العقلاء من اخواننا الاكراد، وهم يرون بثاقب بصيرتهم ان لا غني لهم عن رابطة الاخوة التي تجمهم بالعرب، سواء احبوا ذلك ام كرهوا! كما ان العرب (ليس عرب العراق فقط وانما جميع العرب) يرون ان من مصالحهم الاساسية، بل من واجبهم تعزيز تلك الرابطة، اذ ليس من مصلحتهم ان يروا دويلة كردية ضعيفة تقوم علي حدودهم الشمالية ــ الشرقية ويمكن ان تقع في اي لحظة فريسة للطامعين مما يدمر التوازن القائم حاليا في منطقة الشرق الاوسط، وان اختلال ذلك التوازن لن يكون الا لمصلحة اسرائيل ومن وراءها. وفوق ذلك كله فان ما يتمتع به اكراد العراق (في مختلف العهود) من امتيازات وحقوق، لم يحصل علي جزء صغير منها اخوانهم في تركيا وايران.
وفي ختام هذه اللمحة، اود ان اوجه انظار القراء الي بعض الايضاحات:
1 ـ ان مدينة السليمانية اكبر المدن الكردية في العراق، قد بناها ابراهيم باشا بابان سنة 1871 عندما ولاه الامارة البابانية سليمان باشا والي بغداد العثماني، اذ كان من المنسوبين اليه. فشيدها ابراهيم ولكنه سماها باسم الوالي المذكور، وهذا يؤكد تبعيتها الي ولاية بغداد، وليس لولاية الموصل التي كان اكرادها يطمحون عقب الحرب العالمية الاولي بالحصول علي حكم ذاتي فيها (انظر تاريخ الوزارات العراقةي ج1/66).
2 ـ بالنسبة لكركوك ومطالبة الاكراد بضمها الي منطقتهم فهو امر قبل كل شيء يرفضه التركمان، وهم اغلبية سكانها، لان العداوة متأصلة بين الفريقين التي زادتها الايام شدة. فلا يزال عدد غير قليل من التركمان احياء يتذكرون المجزرة التي قام بها الاكراد بالتحالف مع الشيوعيين لسكان كركوك عام 1960 مما سماه عبد الكريم قاسم آنذاك بأفظع من مجازر هولاكو.
اما مطالبة الاكراد بالضم، بحجة ان اكثرية سكانها هم من القومية الكردية، فهذه الحجة غير صحيحة، تكذبها الحقائق، من ذلك ان لجنة الاستفتاء التابعة لعصبة الامم التي اجرت عام 1925 احصاء لسكان الالوية (المحافظات) التي يقطنها الاكراد، وجدت حصيلة الاحصاء علي الوجه الآتي:
مجموع الاكراد في السليمانية: 189.900 نسمة
مجموع الاكراد في اربيل: 170.650
مجموع الاكراد في الموصل 83.000
مجموع الاكراد في كركوك: 47.500 (اي ما مجموعه 491.050 نسمة).
وهكذا فان الاكراد في كركوك وهي اكبر بكثير من السليمانية واربيل يقل عدد نفوسهم عما في تينك المدينتين، اذ يقارب الربع في كل منهما. ولا يخفي ان نمو كركوك كان سببه ان الدولة العثمانية اتخذتها قاعدة للقوات المكلفة بحماية حدود العراق الشرقية من اي تدخل ايراني. ومما يؤكد هذه الحقيقة، اي ان الاكراد لم يكونوا اغلبية فيها، ما يلاحظ من ان عدد نوابها من الاكراد في العهد الملكي كان دون النصف. من ذلك مثلا ان نواب كركوك في آخر مجلس نواب في العهد الملكي (سنة 1958) كانوا (9) اربعة منهم من التركمان و3 من الاكراد و2 من العرب، احدهما مسلم والثاني نصراني (تاريخ الوزارات العراقية ج01/315). ولذلك فليس من حق ممثلي الاكراد المطالبة بضم كركوك الي منطقة الحكم الذاتي لان اغلبية السكان ينتمون الي قوميات اخري، ومكانها الصحيح هي الدولة الام، اي حكومة بغداد.
2 ـ هناك نقطة اخري تستحق الانتباه، وهي ان محمد امين زكي (مؤلف تاريخ الكرد وكردستان) يشكك في صحة الارقام عن عدد سكان المحافظات التي اشرت اليها في الفقرة السابقة ويري ان الرقم الذي يقبله علي انه الاقرب الي الصحة لمجموع الاكراد فيها عندما احصتهم اللجنة الدولية هو 006 الف نسمة، بدلا من 491.050 اقول حتي في حالة تقبل هذا الرقم التخميني، تصبح نسبة المواطنين الاكراد الي مجموع نفوس سكان العراق قاطبة هي (13% بدلا من 11%) وليس (26%) كما يزعم السيد بوش ومن والاه!
3 ـ ونقطة ثالثة تلفت النظر هي ما ذكره محمد امين زكي في تاريخه سالف الذكر (ص 28) عن تعداد للنفوس اجرته الحكومة العراقية سنة 1931 وان ذلك (التعداد اسفر بالنسبة لنفوس الالوية (المحافظات) الاربعة آنفة الذكر، بأن مجموعهم هو 1.041.513 نسمة، ويشمل بطبيعة الحال، الاكراد وغيرهم من سكانها، وبمقارنة هذا الرقم بالرقم الذي سجلته لجنة عصبة الامم للمواطنين الاكراد وهو 491 الفا يتضح بأن الاكراد لم يتجاوز عددهم نسبة النصف بين السكان في المحافظات الاربع. والامر الذي لا شك فيه فان الاغلبية الساحقة منهم تقطن السليمانية واربيل، الامر الذي سجلته اللجنة الدولية، ويليها المنطقة الواقعة قرب الحدود التركية من محافظة الموصل (وهذه المنطقة فصلتها الحكومة العراقية في عهد البعث عن تلك المحافظة والحقتها بمنطقة الحكم الذاتي). اما كركوك فان نسبة الاكراد فيها قليلة اذا قيست بما هو موجود في المحافظات الثلاث، مما لا يبرر الحاقها بالحكم الذاتي، علما بأن فيها مجموعة نصرانية من اصل كلداني لغتهم العربية، ولهم مدارسهم، وقد عرض التلفزيون البريطاني يوم تشييع جنازة البابا يوم 2005/4/5 صورا لاحدي كنائسهم في كركوك وهي غاصة بالمصلين الذين كانوا يؤدون الصلاة علي روح البابا، وهكذا فان كركوك التي تضم التركمان والعرب والنصاري الي جانب اقلية كردية مكانها الصحيح هو حكومة الوطن الام في بغداد وليس منطقة الحكم الذاتي في اربيل.
4 ـ عند توقيع معاهدة 1930 بين العراق وبريطانيا، شكا بعض الاكراد لعصبة الامم بسبب خلو المعاهدة من الاشارة الي استقلال كردستان، فاجابت سكرتارية العصبة علي تلك الشكوي قائلة بأن العصبة لم تتخذ قرارا يبرر الشكوي، لان مجلس العصبة لم يقرر انشاء حكومة كردية تحت اشرافها، ثم ان بريطانيا قد اكدت للمجلس بأن حكومة العراق قائمة بتنفيذ جميع تعهداتها تجاه الاكراد تنفيذا فعليا (الحسني ج3 61/3 ـ 62) اما من الناحية العملية فان الحكومة اسست في سنة 1930 مكتبا في وزارة الداخلية لترجمة القوانين والانظمة والاوامر الي اللغة الكردية، وجمعت المدارس الكردية في محافظات اربيل والسليمانية وكركوك تحت ادارة واحدة للعناية بها. كما عينت معاونا كرديا لمدير الداخلية العام (اي وكيل الوزارة) وكل ذلك قد تم استنادا الي المادة 17 من الدستور العراقي (المصدر السابق ج3/ 11 ـ 21).
ولعل من المفيد ان اعيد الي الاذهان بأن عصبة الامم ارسلت في سنة 1925 لجنة للاستفتاء وتثبيت الحدود بين العراق وتركيا فوضعت اللجنة تقريرا رفعته الي مجلس العصبة مفاده ان اكثرية اكراد المنطقة يريدون الانضمام الي العراق علي اساس ان تحفظ حقوقهم وفقا لمباديء حقوق الاقليات التي اقرتها العصبة. وبناء علي ذلك عقدت معاهدة انقرة بين العراق وتركيا وبريطانيا سنة 1926 وبذلك انتهت المشكلة الكردية واختفت الدعوة الي الاستقلال ما عدا بعض الدعوات الشاذة وعند انتهاء الانتداب اعلنت بريطانيا بأن حقوق الاكراد كأقلية ـ مضمونة وفقا لمباديء العصبة والعراق يتعهد برعايتها بصفته عضوا في العصبة فاطمأن الاكراد علي حقوقهم (المصدر نفسه 6/191).
وهذا فعلا ما لمسه الاكراد بأنفسهم، من ذلك مثلا ما حصل علي اثر انقلاب بكر صدقي سنة 1936 اذ وزعت رسائل تهديد باسم (الجمعية الكردية الاصلاحية) تطلب ممن يتسلمها ان يغادر العراق فورا، والا فسيقتل (والمقصود بهم بعض مواطني البلاد العربية). وعندها اصدر أديب كردي كبير (شغل مناصب وزارية ورئاسة المجمع العلمي الكردي في العراق) هو السيد توفيق وهبي بيانا في 1936/11/7 موجها الي العرب، يكذب فيه وجود تلك الجمعية، ويؤكد بأن الاكراد لا يد لهم بتلك الرسائل، مؤكدا بأن العراقيين هم ابناء وطن واحد، وهم جميعا عراقيون لا فرق بين عربنا وكردنا، ولا بين مسلمنا ونصرانينا واسرائيلينا ويقصد يهودينا ـ (المصدر نفسه ج4/ 252).
5 ـ اتبعت الحكومة العراقية سياسة التسامح مع الاكراد، حتي الذين شهروا السلاح في وجهها. من ذلك مثلا ما حصل عندما لجأ مصطفي البارزاني سنة 1945 الي ايران عقب فشل حركة العصيان، ثم ذهب منها الي روسيا عند انسحاب القوات السوفييتية من ايران، رفضت 150 عائلة كردية ممن كان معه، الذهاب الي روسيا وطلبت العودة الي العراق سنة 1946 فسمحت لها الحكومة (المصدر نفسه ج7/ 99-98). ولم تعاقب اي احد منهم؟ ثم ان الذين حكموا في تلك السنة بسبب مشاركتهم في العصيان، وكان عددهم 140 شخصا، اعفتهم الحكومة سنة 1953 من بقية محكومياتهم (المصدر السابق ج9/32) ومن الجدير بالذكر ان الحكومة كانت قد اعلنت الاحكام العرفية في منطقة العصيان سنة 1945 وكان ضابط كردي (هو رحمة الله الطالباني) عضوا في المحكمة العرفية. وخلال تلك الفترة عمدت الحكومة الي توزيع آلاف الاطنان من الاغذية بمختلف انواعها، علي سكان تلك المنطقة، مع كميات كبيرة من الالبسة، وباشرت باعادة فتح المستشفيات والمدارس، وبناء مبان جديدة لها. ووعدت بتقديم سلف مالية للمزارعين ولكن العصيان كان يعرقل تلك الجهود، وفقا للبيان الذي اصدره محافظ اربيل في 1945/8/20 وهو الكردي سعيد قزاز ـ رحمه الله (المصدر نفسه ج6/290 ـ 296).
ومما له علاقة بهذه النقطة، انه علي اثر انتقال مصطفي البارزاني الي موسكو، خيرت الحكومة الايرانية من بقي من جماعته في ايران، بين قبول الجنسية الايرانية وبين العودة الي العراق، فاختار اخوه الاكبر الشيخ احمد البارزاني واتباعه العودة الي العراق (وعددهم اكثر من 3000 نسمة) وذلك سنة 1947 فرصدت لهم الحكومة 100 الف دينار للانفاق علي اسكانهم مع نفقات لاعاشتهم. وانتدبت للقيام بهذه المهمة نوابا اكرادا (المصدر نفسه ج7/ 170 ـ 172 و175). اما الملا مصطفي الذي لجأ الي روسيا فقد استغلت الحكومة السوفييتية الفرصة، ومنحته رتبة (مارشال) وجهزته واصحابه بالسلاح والاغذية ونظمتهم كقوات ميليشيا تحت اشراف ضباط روس حسبما يروي الحسيني (المصدر نفسه ج7/ 173 ـ174).
6 ـ حرصت الحكومة العراقية علي عدم المساس بوحدة الشعب العراقي، وقد تجلي ذلك بصراحة، عندما قدم بعض الساسة سنة 1956 طلبا لتأسيس حزب جديد باسم (حزب المؤتمر الوطني)، اذ رفـض وزير الداخلية الطلب لاسباب كان اهمها ورود مادة في منهاج الحزب تفرق بين عناصر الشعب العراقي وتخلق روح الكراهية بينهم (حسب رأي الوزير) اذ قالت تلك المادة: ان الحزب يعمل علي تعزيز التعاون بين المواطنين ويحترم حقوقهم ويعتبر العرب والاكراد شركاء في الوطن، ويحرم حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية (المصدر السابق ج10/3-33) علما بأن مقدمي الطلب لترخيص الحزب الجديد يعترفون بأن اللغة الكردية في العراق هي لغة رسمية، وقد خصصت لها الاذاعة العراقية منهاجا خاصا بتلك اللغة (المصدر السابق ج 10/37).
7 ـ اما بالنسبة لمشاركة الاكراد في الوزارات وفي عضوية البرلمان، فأمرها واضح لا يحتاج الي بيان اذ لم تخل اي وزارة شكلت منذ تأسيس الحكم الوطني من وجودهم، وكذلك مجلسي الاعيان والنواب، ما يجده القاريء مبثوثا في ثنايا هذه الورقة. اما الذي اريد تأكيده هنا هو ان الاكراد كانوا موضع ثقة النظام الحاكم في العهد الملكي خاصة، اذ عهد اليهم بمناصب في غاية الاهمية، من ذلك مثلا وزارة الداخلية التي تولاها سعيد قزاز ـ رحمه الله وكان قبل ذلك يتولي منصب محافظ لواء اربيل سنة 1945 وهو الذي جابه عصيان الملا مصطفي البارازاني كما انه شغل وظيفة عليا لم يتولها قبله احد من العراقيين، وهي الادارة العامة للموانيء عندما تم شراؤها سنة 1953 حيث كانت هذه الوظيفة يشغلها بريطاني وفقا لاتفاقية سابقة، اذ كانت بريطانيا هي التي انشأت ميناء البصرة وملحقاته (المصدر السابق ج9/29). ووظيفة مهمة اخري اسندت الي مواطن كردي، هو السيد حسن الطالباني الذي عين سنة 1954 مديرا عاما للتوجيه والاذاعة (المصدر نفسه ج9/154)، وتشمل مهامه الاشراف علي الصحف والمطبوعات. ويضاف الي ذلك تقدم الضباط الاكراد في الجيش العراقي، ويكفي ان نتذكر الفريق بكر صدقي الذي تولي رئاسة اركان الجيش وقاد اول انقلاب عسكري في العراق سنة 1936 (المصدر نفسه ج10/332) ولا ننسي ان الحرس الملكي، كان الضباط الاكراد بين كبار قادته، ومنهم (البامرني) الذي كان في حراسة قصر الرحاب صبيحة يوم 14 تموز (يوليو) 1958 وطلب الاذن من الامير عبد الله بمقاومة المهاجمين فلم يأذن له (وفقا لما ذكره السيد عطا عبد الوهاب في كتابه عن الامير ـ ولسوء الحظ ليس معي لكي اذكر اسم الضابط كاملا، ولكي اشير الي رقم صفحة الاقتباس). ثم ان الاحزاب السياسية لم تكن تخلو قياداتها من وجود شخصيات كردية من ذلك مثلا اللجنة العليا لحزب الاحرار وقد ضمت في عضويتها السيد عبد العزيز السنوي، كما ضمت اللجنة العليا لحزب الاصلاح سنة 1949 عضوا كرديا هو السيد ديوالي دوسكي (المصدر السابق ج7/142 وج8/110).
اما مشاريع الاعمار فان شطرا كبيرا منها، كان في المناطق الكردية ومنها السدود الكبري مثل (سد نجمة ودوكان ودربندي خان)، ومحطة الكهرباء الشمالية الضخمة والطرق ومنها (طريق طا سلوجه ـ دوكان) وطريق (كركوك ـ طقطق) التي اكتملت في سنة 1957، ومصنع سمنت سرجنار لانتاج 350 طنا في اليوم، علاوة علي الجسور (المصدر نفسه ج10/56 ـ58 و227 ـ 228). ولا يفوتنا هنا ذكر المصيف الملكي في سرسنك الذي كان الملك يقضي فيه هو والامير عبد الاله شطرا كبيرا من فصل الصيف، وقد انشيء قربه مطار (بامرني) (المصدر السابق ج9/33 و50 و120) وقد شهد هذا المصيف لقاء ممثلي عبد الناصر بالملك واعضاء الحكومة العراقية (وقد سمي مؤتمر سرسنك) لبحث موضوع ميثاق بغداد سنة 1955، ولا تخفي اهمية وجود الملك واعضاء الحكومة في المنطقة الكردية، مما يعود عليها بكثير من المنافع، ويوحي بمدي اهتمام المسؤولين بتلك المنطقة واهلها. ولعل خير ما اختتم به هذه النقطة المتعلقة باخواننا الاكراد هو توجيه انتباه القارئ الي بيان 1970/7/11 الذي التزم فيه حزب البعث والحزب الديمقراطي الكردستاني بانشاء الحكم الذاتي في المحافظات الثلاث ذات الاغلبية الكردية (المصدر نفسه ج10/342) وقد التزمت به الحكومة العراقية علي الرغم من انتقاص بعض الاحزاب الكردية ضدها في سنة 1991 وتعاونت مع العدو الامريكي، وظل هذا الالتزام قائما حتي العدوان الاخير سنة 2003 ولم يظهر من جانب الحكومة اي مبادرة لالغائه حتي في احلك الساعات، وخاصة عندما برزت الحقيقة عن مشاركة تحالف الحزبين الكرديين مع المعتدين!
8 ـ ولكن لا تكتمل الصورة ـ باعتقادي انا ـ الا باضافة هذا البند والذي يليه الي ورقتي هذه، ذلك انني لحسن حظي عرفت شخصية كردية نبيلة عن كثب، اذ كان صاحبها رئيسي المباشر لعدة سنين، عندما كان سفيرا للعراق في ايران هو اللواء الركن بهاء الدين نوري (رحمه الله) الضابط القدير والاديب الذي اتقن الي جانب لغته الكردية، العربية الي حد قد يفوق به علي ابنائها، وقد ترجم بعض الكتب الانكليزية اليها، كما اتقن التركية التي ينظم بها الشعر ثم الفارسية (والانكليزية كما اسلفت). ولا غرابة في ذلك فهو نجل الشيخ نوري عميد كلية الامام الاعظم ومن كبار علماء العراق. وبعد خدمة عسكرية متميزة، تولي اللواء بهاء الدين الوزارة ثم السفارة في قطر مجاور ويفوق في اهميته بالنسبة للعراق حتي دول الجوار العربية هي ايران، ومنها نقل الي الاردن. وعندما وقعت حركة تموز (يوليو) 1958 استبقاه الملك حسين لديه وعينه سفيرا متجولا اعترافا بمكانته الخاصة (رغم تردي صحته وعدم قدرته علي العمل) وتوفي رحمه الله ودفن في عمان.
كان اللواء نوري من مؤسسي الجيش العراقي، وكان يحلو له رواية ذكرياته عنه، وقد كان آنذاك من الضباط الشبان الذين شاركوا في تلك المهمة العظيمة، اذ كان مسؤولا عن تشكيل اول وحداته، وهي (فوج الامام موسي الكاظم ـ رضي الله عنه). وكان يصف لمحدثيه كيف وفق في التعامل مع القرويين الذين تطوعوا للتجنيد، بدءا بتنظيمهم وحلق اذقانهم وتعويدهم علي الانضباط والالتزام بالنظام وما الي ذلك.
اما الذي يهمني من امره هنا، هو ما حدث في سفارة طهران في يوم من الايام، اذ سمعته (وكانت غرفتي تجاور مكتبه) يصرخ ويلعن بأعلي صوته بلغة فارسية سليمة، فأسرعت الي مكتبه، واذا هو يتفجر غضبا ويلعن شابا يقف امامه، ويأمره بالخروج فورا قبل ان يقدم علي قتله، فحاولت تهدئة الباشا (وهكذا كنا نسميه) واستفسرت عن سبب انفعاله فأجاب (والألم يعتصر قلبه حسبما شعرت): ان هذا الوغد طلب مقابلتي بصفته صحافيا فوافقت ولكنني سرعان ما اكتشفت انه يمثل فئة كردية ايرانية هدفها تعبئة الاكراد ضد حكومات البلاد التي فيها اوطانهم، ومنها العراق، ويطلب منه ان يتعاون مع تلك الفئة كممثل لاكراد العراق، الامر الذي لم تحتمله اعصابه، اذ يريده هذا (وقد وصفه بأوصاف لا اريد ذكرها) ان يخون وطنه، ويشارك في تحقيق اهداف الاعداء.
نعم هكذا كان اكراد العراق في اخلاصهم للوطن الام الي جانب اخلاصهم لاخوانهم العرب الذين عايشوهم ما يزيد علي 14 قرنا من الزمان لم يعكرها شيء.
9 ـ اما النقطة الثانية، فهي تنطوي علي تجربتي الشخصية مع بعض الاكراد في مواطنهم، ذلك انني انتدبت في صيف 1945 (بصفتي مفتش اثار) لمرافقة السيد ناصر النقشبندي احد كبار المفتشين (والحجة في النقود الاسلامية) في رحلة تفتيش تشمل منطقة اربيل ونواحي (شقلاوة) ومنطقة (حرير) التابعة لمحافظة اربيل، هدفها تعيين المواقع الاثارية وجلب ملتقطات سطحية منها لتحديد طبيعتها (من قبل المختبر) وتخمين الفترة التي تعود اليها، والتعرف علي هوية اصحابها. لقد اتاحت لي هذه الرحلة التي استغرقت 20 يوما التعرف علي الاكراد وجها لوجه في ارضهم (بعد ان عرفت الكثير منهم في بغداد، وفي اثناء الدراسة الجامعية في بيروت).
في الحقيقة لقد وجدتهم (كما عرفتهم من قبل) في غاية الطيب والكرم وحسن المعاشرة، وقد ابدوا تعاونا منقطع النظير لتسهيل مهمة بعثتنا، وارشدونا الي المواقع الآثارية (واغلبها تلال تنتشر علي سطحها عادة كسر الفخار). وكانوا يقدمون لنا البغال للوصول الي كثير منها، مما لا تستطيع السيارة الوصول اليها بسبب وعورة الارض، ثم يرفضون الاجرة التي نقدمها اليهم! وعلاوة علي ذلك فان المختارين ورؤساء القري كانوا يصرون علي دعوتنا لتناول الغداء في ضيافتهم في كثير من الاحيان. كل ذلك حصل، في وقت كان الملا مصطفي البارزاني فيه يقاتل قوات الحكومة التي نمثلها، وكانوا يرون الارتال العسكرية تمر بهم كل يوم متجهة الي منطقة الحركات. وقد اخذني العجب آنذاك كيف ان هؤلاء الاكراد (واكثرهم من القرويين البسطاء) لم تبد منهم اي بادرة عداء تجاهنا! بل ولم نسمع منهم كلمة واحدة تشير الي الاحداث، او تنم عن استيائهم، لا من قريب ولا من بعيد، وكأن الامر لا يعنيهم، فقد تصرفوا كمواطنين عراقيين مخلصين لوطنهم الام بعيدا عن التحيزات العرقية!
وهناك حقيقة اخري لمسناها في تلك الايام، وهي وجود اعداد غير قليلة من المصطافين القادمين من بغداد، ومن المناطق الجنوبية في العراق، ينتشرون في جهات مصيف صلاح الدين في الجبال القريبة من اربيل ومن (شقلاوة) ويستمتعون بهوائها النقي ومائها العذب وبفاكهتها اللذيذة، ويعيشون في امن وسلام! نعم هكذا كان الاكراد، كما عرفتهم، ولا اظنهم قد تغيروا وصاروا يعادون اخوانهم العرب الذين عرفوهم منذ عشرات القرون، ويقعون فريسة لدعايات الاعداء الذين لا يضمرون لشعبنا بأكراده وعربه الا العدواة والبغضاء. ولكنني في اللحظة التي ظننت انني وفيت الموضوع حقه تذكرت فجأة وانا اكتب اسم (مصيف صلاح الدين) تذكرت منه حادثة لا تنسي من احد مشايخ اربيل وكبير علمائها (الملا افندي) الذي اسبغ رعايته وحمايته علي الملك فيصل الثاني، وامه المرعوبة وبقية نساء الاسرة الهاشمية عندما اضطروا في ايار (مايو) 1941 الي مغادرة بغداد بسبب نشوب القتال بين الجيش العراقي والقوات البريطانية ومما زاد في فزع الاسرة مغادرة الامير عبد الاله للعراق، وتنصيب غيره وصيا، ثم تصرف بعض المسؤولين تجاهم بشكل غير لائق، فمنحهم الملا افندي الامن والامان واكرم ضيافتهم مدة اقامتهم في الاستراحة الملكية التي انشئت قبل ذلك بسنوات علي جبل (بيرمام) الذي سمي بمصيف صلاح الدين (تيمنا باسم البطل صلاح الدين الايوبي) والملا فندي هو والد (عز الدين الملا) الذي تولي الوزارة ومثل اربيل نائبا في عدة دورات نيابية.


07-29-2005, 03:54 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الاكراد تشكيل قومى ام تشكيل غير متمايز ؟ - بواسطة فضل - 07-29-2005, 03:54 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  تشكيل مجلس إدارة المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا الجديد للربيع العربي الملكة 1 1,002 06-25-2012, 04:14 AM
آخر رد: الملكة
  إعادة تشكيل الشرق الأدنى ابن سوريا 11 1,719 11-13-2007, 08:51 PM
آخر رد: بنى آدم
  الاكراد يتظاهرون في كافة المحافظات ويرفعون صور صدام مرشد 11 2,054 08-18-2006, 11:46 PM
آخر رد: نورسي
  آخر تشكيل .وزاري .. لحكومة الزرقاوي ..... ودمتم ... نسمه عطرة 11 1,763 05-28-2006, 07:35 AM
آخر رد: ياريموثا
  لعنة الاعتداء على ايران و ابادة الاكراد تطارد رجل الاعمال الهولندى على نور الله 1 571 12-24-2005, 10:27 PM
آخر رد: على نور الله

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS