رد الطائرات والسيارات

تذكر رئيس الأركان وقائد الشرطة في موريتانيا شيئا اسمه الديمقراطية لدى غياب الرئيس ولد طايع، فقررا مع بقية الضباط ردها. بعد عامين. وكان اول ما فعله الرئيس المنقلب عليه، انه اعاد طائرته الى الحكومة باعتبارها ملكاً للدولة وليست له. وعندما وقع الانقلاب على الملك ادريس السنوسي كان الرجل في مصر. فانتظر اياماً قليلة حتى تأكد ان »«الضباط الاحرار» قد ثبتوا اقدامهم، فبعث اليهم بسيارتين هما كل موكبه، قائلا انهما ملك الدولة. ويبلغ دخل ليبيا الآن 37 مليار دولار في العام ونسبة البطالة فيها 30% .

وعندما استقال هارولد ماكميلان من رئاسة الوزراء جاء ميكانيكي الى 10 دواننغ ستريت ودخل الى مكتبه ثم راح يفكك هاتفه الخاص. وغضب ماكميلان ونهر الرجل قائلاً «ماذا تفعل. عندك. ان هذا هاتفي». واعتذر الرجل قائلاً: «هذا، يا سيدي، هاتف رئيس الوزراء. ومنذ ساعة تماماً لم تعد انت كذلك». وكان ايوب ثابت رئيساً للجمهورية في لبنان. وفي الشتاء كان ينزل الى مكتبه بالترامواي (حافلة كهربائية لم تعد موجودة) اما في الصيف فيصعد الى بلدة صوفر في سيارة شفروليه. وكان كلما اصيبت السيارة بعطل يمرّ على ميكانيكي صديق له ليطلب اصلاحها. وذات مرة جاء اليه والدولاب (العجل) مثقوب. فقال له الميكانيكي:«يا فخامة الرئيس، هذه ثالث مرة نصلح هذا العجل المثقوب. وهو لا يحتمل ذلك على طريق الجبال في هذا الحر». وردّ ايوب ثابت: «يا ابني، هل هو العجل لا يحتمل ام هي موازنة الدولة». وعاد بسيارته مرة رابعة قبل انتهاء الصيف.

تناولت العشاء مرة الى مائدة الامير ماجد بن عبد العزيز في جدة رحمه الله. ولاحظت انه مدّ لضيوفه سفرة عامرة واتخذ لنفسه قليلاً من الجبنة والخبز المحمص. وقلت له بكل جدية: هل تسمح لي الا اكون ضيفاً؟ وروى الامير ماجد انه يمضي بعض الصيف في النمسا وذات مرة دعا الرئيس النمساوي كورت فالدهايم الى العشاء. وطلب من مساعديه ان يعدوا خيمة خاصة لمرافقي الرئيس. وعند موعد العشاء وجد ان فالدهايم جاء ومعه زوجته وسائقه!

يتنقل بعض السياسيين اللبنانيين في مواكب مضحكة. سيارات كثيرة جداً لنقل مخلوقات صغيرة ليس لديها شيء في الحياة سوى هذه السيارات. وبعضها احياناً مسروق او «مبلطج». اي مأخوذ بالخوة. ولها زجاج معتم مثل مواكب المافيا. ويترجل منها عنترة بن شداد بن عبس عابساً يضن على الناس بابتسامة تثري دنياهم. واذكر وأنا يافع رؤساء جمهورية سابقين ورؤساء وزراء سابقين يجلسون معنا في الترامواي. او يسيرون وحيدين في وسط البلد. بلا صديق او رفيق او مرافق. وتضحكني مواكب هذه الايام. ففي قلبها رجال خائفون. مقتنعون بأنهم لا يستحقون ان يُروا الا من خلال الزجاج المعتم.





التعليــقــــات


نشوان محمود عبد الطائي، AE، 06/08/2005
أرجو أن أضيف إلى أمثلتك من الشخصيات الكريمة التي ذكرتها في مقالك شخصية أخرى ألا وهي الرئيس العراقي السابق عبد الكريم قاسم الذي كان يتنقل بسيارة جييب عسكرية وقُتل رحمه الله ولم يمتلك بيتا بل إنه مات وهو مدين لأحد بائعي الشواء (صاحب مطعم المشويات والكباب) في بغداد بسعر أكلة كباب، لأنه لم يكن في جيب الرئيس عبد الكريم وقتها ما يدفعه للكبابجي، ولم يدر في خلده أنه سيُقتل فيما بعد، وإلا لكان قد عاد إليه في نفس اليوم ليسدد دينه.