{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
رواية صوفية عن حياة الفيلسوف اليوناني ( فيتاغورس )
Georgioss غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,434
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #25
رواية صوفية عن حياة الفيلسوف اليوناني ( فيتاغورس )
[CENTER]صدقوني أشعر أنني كالطائر في هذه الغرفة

[صورة: thsweetangel1.gif][/CENTER]

[CENTER]نكمل مع الفصل الثامن وهذا الفصل من أجمل ما قرأت في حياتي أنصحكم التعمق به لأنني سأناقشه فيما بعد ..

[صورة: booksmall.gif][/CENTER]

ــــــــــ

الفصل الثامن

المسارة لاهوت الأرقام

إن شخصية بيثاغور الفوق طبيعية كانت ومن دون أدنى أي شك مؤثرة في أتباعه، إذ كانوا مرتبطين بفلسفته وبطريقته الفضلى للحياة من خلال ما له من قدرة ساحرة وهو الذي إستنهض في كل واحد منهم طاقاته الشخصية التي جعلتهم متمكنين من إدراك الهدف الأساسي – التناغم مع الكون.
وكان ذلك بحد ذاته، قانوناً كونياً تمّ تنظيمه من قِبَل العقل الكوني – الموناد الكامنة فيه أسس الأسرار والنظام الخفي للأرقام المتجسد في أشكال وأحجام في عالمنا المادي.

في داخل " المدينة البيضاء "، كان " السامعون " قد ظلوا سامعين لأنهم قد إختاروا بأنفسهم أن يظلوا كذلك، أو لأنهم لم يكونوا أهلاً للدخول إلى الدائرة الداخلية مشكلين الغالبية في المجتمع البيثاغوري بدائرته الخارجية. وهم كانوا يعيشون مع عائلاتهم في المدينة ببيوتهم الخاصة التي يتركونها فقط في النهار لسماعهم خطب المعلم متلقين منه التعاليم بالأمثال المجازية. وفضلاً عن ذلك، فقد ظلوا محتفظين بأملاكهم الخاصة ذلك أن قانون المجتمع أجاز لهم الحق في ذلك، كما وأنه ولم يكن مفروضاً عليهم أن يكونوا نباتيين.
من جهة أخرى، كان بيثاغور يعتبر أن المحافظة على الأملاك هي مضرة " بالثيوريا " التي هي التأمل في الحقيقة الإلهية ".
ومن الحري ذكره، أن أؤلئك الذين إختاروا أو كانوا مؤهلين للدخول إلى الدائرة الداخلية في المجتمع البيثاغوري قليلون. فعاشوا حياتهم سوية بتخلٍ كاملٍ عن ما لهم من أملاك، وهم الذين أسماهم المعلم الماتيماتيكوي، وما ميّز حياتهم سوية هو مبدأ الشراكة مع بعضهم البعض في الحياة داخل المدينة ممتنعين عن تناولهم للحوم والأسماك.
- وخاطب بيثاغور أعضاء مجتمعه:" إسمعوا يا أيها الإخوة، من الواجب عليكم إظهار ولائكم لبعضكم البعض ولمعلمكم محافظين على السرية التامة وروح الشراكة ذات الأهمية القصوى في مجتمعنا".
* * *
في أحد الأيام من سنة 513 ق.م، تلقى بيثاغور رسالة من أحد تلاميذ خاله فيريسيد مفادها أن فيريسيد يحتضر، وهو يريد مشاهدته إذ أن زمناً طويلاً قد مر من دون يريا بعضهما. ففيريسيد في السابق كان قد أعطى بيثاغور كماً هائلاً من المعارف وهو معلمه الأول كونه حكيماً بكل ما للكلمة من معانٍ.
وقرر الفيلسوف مغادرة كروتونا ليمضي بعضاً من الوقت مع خاله في أيامه الأخيرة تاركاً مجتمعه بعهدة السيباستيكوي لما لهم من مهارة في إدارة شؤونه.
وهو عندما كان مبحراً في مياه البحر المتوسط قاصداً ديلوس Delos هبت عاصفة شديدة في الليل، وكانت السفينة معرضة بمن فيها من نساء وأطفال لمخاطر جمة. وراحت سرعة الرياح لتشتد، والبحر جن جنونه ضارباً السفينة بأمواجه بقوة. عندها وقف بيثاغور بعزم ثابت ورفع يده نحو السماء، ووجه الأخرى صوب البحر، وقال آمراً وكأنه يربط السماء بالأرض:" كما في السماء كذلك على الأرض، إيليم شلام ليكوم، ميلكي يم ميلكي روح شلام".
وخرجت تلك الكلمات من فمه بقوة ساحرة، وما هي إلا هنيهة، حتى توقفت العاصفة. فنظر إليه الجميع وكأنه إلهٌ قد نجاهم.
إن بيثاغور بإستخدامه لقواه الذاتية المنبثقة من ما له من علوم بالأسرار الباطنية للطبيعة وتواصل مع الألوهة إستطاع تهدئة المياه والتحكم بالرياح العاتية، فعاد كل شيء إلى طبيعته، وتابعت السفينة إبحارها.
وصل بيثاغور إلى جزيرة ديلوس ( سيروس ) في البحر الإيجي حيث كان خاله فيريسيد مقيماً، ومنتظراً تلك اللحظة الحاسمة التي هي " الموت ".
الموت الذي ما هو إلا عبورٌ إلى بُعُد آخر لوجود أكثر سمواً.
هذا ما كان فيريسيد مؤمناً به.
وعند لقاءهما سوية، إنتعشت ذاكرتهما. وجلس بيثاغور على السرير بمحاذاة خاله منحنياً نحوه ولاثماً بشفتيه جبينه. وعلى الرغم من تخطي بيثاغور لخاله في التعمق بمعرفة الحكمة ، فهو ظل معتبراً إياه معلمه مقدماً له فائق الإحترام. إذ أن قانونه المفضل هو في " إحترام التلاميذ لمعلميهم".
- وسأله فيريسيد بصوت متهدج وخافت:" كيف حالك"؟
- أجابه:" أنا بخير يا خالي العزيز".
- فيريسيد:" لقد سمعت عن مجتمعك والأسرار المحيطة به، وإني آمل بأن لا تكون هناك ثمة مشاكل في محافظتك على نظامه".
- بيثاغور:" حتى الآن كل شيء على خير ما يرام، فقد قسمته إلى قسمين، أول داخلي، وثانٍ خارجيّ. وبهذه الطريقة أستطيع ضبطي لنظامه".
وكان هنا ك صمت لبعض من اللحظات.
- فيريسيد تكلم:" لقد طلبتك إلي في الحقيقة لسببين، أولهما أن اعرف منك عن مجتمعك الذي يبدوا أنه على خير ما يرام وأنا لذلك في غاية السعادة، ولكنني أطلب منك أن تكون حذراً من الغيورين والحاسدين. أما ثانيهما هو أنه وقبل موت والدتك طلبت مني أن أسديها خدمة بإبلاغك أن تفكر بنفسك قليلاً بأن يكون لديك زوجة وعائلة، وإن رغبتها تلك ليست بالرغبة الكبيرة والمستحيلة يا بيثاغور".
ولم يعلق بيثاغور على كلام خاله الأخير هذا، لكنه أومأ برأسه لإدراكه بأن رغبة أمه وأمنيتها سوف تتحقق بمشيئة الواحد الذي خطط ورتب له ولتيانو بأن يكونا متحدان سوية مع بعضهما للأبد.
- وقال بيثاغور:" لقد جئت إلى هنا يا خالي لشيء واحد فقط، وهو أن أبقى بقربك وأقوم بخدمتك. أما بالنسبة لموضوع زواجي وتأسيسي عائلة، فسوف نتكلم سوية فيه أثناء بقائي هنا بجنبك".
وكانت الأيام تمر، وبيثاغور يقوم بخدمة خاله بحب وإهتمام كبير. وكثيراً ما تخاطبا سوية طوال تلك الفترة، حتى جاء اليوم الذي فيه فقد فيريسيد أحاسيسه المادية ملامساً الخلود بروحه.
لآحقاً، وأثناء طقس الجنازة، تمّ دفن جثمان فيريسيد بالقرب من معبد كنعاني – فينيقي على تلك الجزيرة.
وكتبوا الآتي على ضريحه:" هنا يرقد من كان مزداناً بالتواضع والفضيلة.
كل الحكمة كانت متجلاة فيه.
وحتى بعد موته، ظلت روحه في الحياة سعيدة".
وبعد مضي شهر من الزمان، غادر بيثاغور الجزيرة عائداً إلى إيطاليا.
* * *

في كروتونا وفي معبد سرداب الحوريات كان بيثاغور والسيباستيكوي منتظرين وصول التلاميذ الجدد الذي سيصبحون من تلاميذ المعلم الخاصين الماتيماتيكوي.
إنه بالفعل نهارٌ سعيد لأؤلئك الذين إختاروا الدخول للملاذ السري الخاص بالمعلم، وهو أيضاً في المقابل كان في غاية السعادة لأنه سيكشف لهم أسرار الحياة مستقبلاً إياهم بإحترام وكرم شديدين.
إن المسارة الحقيقية بالنسبة لهؤلاء التلاميذ ستبدأ، وسوف يحصلون على المعرفة الخفية التي ستعطى لهم من الفم إلى الأذن، وبات التلاميذ الآن في الدرجة الثانية وهي درجة التطهر.
إن أساس العقيدة الباطنية يكمن بكل نقاوة في علوم الأرقام السرية، ويلحق بها التطوّر الكوني للحقائق المتجسدة، وأيضاً الملاذ الأخير للعقل البشري. ليصبح الإنسان بكل ذلك أقرب إلى الإله منه للبشر في إتحاد سامٍ مع العقل الكوني.
إنها العلوم المتعلقة بالأسرار " الباطنية الحقيقية ".
إن علم الأرقام مع الأحرف الأبجدية أل 22 والرسوم الهندسية، كانت معروفة بشكل جيّد عند المساريين في التقليد المقدس للحضارة الكنعانية – الفينيقية، والحضارات الأخرى من مصرية وبابلية وزردشتية وهندية، تلك الحضارات التي منها أخذ بيثاغور التقليد المقدس مطوّراً إياه.
وكانت كل تلك العلوم دوماً مخفية عن الإنسان الجاهل، ولذلك كان إعطائها يتم في سرية تامة نظراً لإحتواءها مفاتيح العالم الباطني. فالمبادئ الأساسية في اللاهوت البيثاغوري الذي يبتدء بالعلم الماتيماتيكي المقدس الذي هو عالم الأرقام والذي قام بيثاغور ببلورته وتنقيته ليحله محل الكلمة المقدسة في التقليد الكنعاني – المصري لدى " الأخوية البيضاء ".
وفي أسفل سرداب المعبد كانت الحوريات التسع التي هي آلهة التناغم محيطة ببيثاغور حيث كانت الثلاث الأعلى رتبة من بينهنّ مترأسة علوم تكوّن الكون الشاملة لعلم الفلك، وعلم التنجيم، وعلم النبؤة، وعلم الحياة والموت، وعلم أرواح العالم الآخر وتقمصاتها. وفضلاً عن كل هذا، كانت منهنّ تلاثٌ أخريات في الموقع الوسط مترأسة العلوم الإنسانية من الطب، إلى الأسرار الباطنية، وعلم النفس. أما الثلاث الأخيرات فكان العالم المادي بعناصره وأشكال حياته تحت إشرافهنّ.
وكانت هيستيا – إيزيس Hestia – Isis الإلاهة الكاملة المتشحة بالأسرار واقفة في الوسط وهي حاملة بيدها اليسرى مشعلاً، أما يدها الأخرى فكانت موّجهة صوب السماء لحماية الأساس الكامن للألوهة المنتشر في كل الأمكنة رامزة بذلك للحكمة الإلهية.
ووقف بيثاغور أمامها بردائه الأبيض وهو رابطٌ خصره بحزامٍ أرجواني، ويعلوا كتفيه حلة أرجوانية عاكسة بذلك صورته الإلهية، وراح مشرعاً بالتعاليم:
- " أيها الإخوة، أطلب منكم أن تكرموا الكلمات التي سوف ألقيها على مسامعكم بنفس هادئة، وأنتم الآن تدخلون إلى الدائرة الداخلية، فمن الواجب عليكم أن تنقوا أجسادكم بسيطرتكم على رغبات العالم المادي وعلى وجه الخصوص الرغبة الجنسية التي من المفروض عليكم التخلي عنها حاضراً. ودعوني الآن أقدم لكم أربعة قوانين هي جد مهمة في العلوم الباطنية:
1- إن الرياضيات تكمن في المستوى الأكثر عمقاً في الحقيقة، ولذلك فقد أسميتكم الماتيماتيكوي. فالرياضيات هي علم نظري يساعدكم في بحثكم عن عالم الأرقام بالتأمل في الحقيقة الإلهية لتقودكم في تفكيركم بغية الجعل من تحليلاتكم العقلية بمنتهى الوضوح في تتابع وتسلسل أفكاركم. فالرياضيات هي أفضل شيء للتطهير العقلي برفعها إياكم إلى ملاذ الحقيقة، حيث هناك يفترض بكم الإقامة لبناء العالم.
2- إن الفلسفة هي الأخرى جيدة جداً للنفس هذا لكوّنها تمثل أعلى أشكال التطهير لكم أنتم الفلاسفة المستقبليين.
3- يوجد هناك البعض من الرموز التي من الواجب عليكم دراستها لإحتوائها المعاني الصوفية لكي تحفز فيكم أللاواعي بجعلها إياه واعياً على نفسه مستنهضة حالة المعرفة الوجدانية فيكم.
4- إن القوى الإلهية هي كامنة في عقلكم الذاتي، وبمقدورها الإرتفاع للإتحاد مع النار الوسطية للكون التي هي الروح الإلهية الموناد".
وبذلك حدد بيثاغور الأسس الأولية للتعرف على الحكمة.
وبدأت رحلة التلاميذ الجدد في عالم الحقيقة محلقين ما وراء الزمان والمكان، داخلين ومتحدين مع الهيروس لوغوس Hieroslogos الذي هو الخطاب المقدس للمعلم الكاشف الحقيقة المطلقة للأرقام.
- وتابع المعلم تعاليمه:" إن الأرقام ليست كمية تجريدية، بل هي فضيلة حقيقية متحركة للواحد المطلق الذي هو ينبوع التناغم الكوني والتركيبة التناغمية للعقل الأكثر حكمة. فالأرقام هي قوة إلهية عاملة مع الكون الكبير كما الصغير أيضاً هذا لكوّنها القوة المحركة للكون، والحاكمة على كل الأشكال والأفكار، إنها الآلهة.
وأمام هذا كله أقول لكم: لا تتكلموا عن الله من دون أن تشعلوا نوراً، هذا لأن الله بذاته النور الحقيقي الواجب عليكم قبوله بروح حرة. وأعلموا الآن، أن أل [ 1 ] هو ليس برقم، بل خالق الأرقام. إنه التناغم الأصلي أللامتحوّل، وأللامخلوق، وأللامصنوع، وأللامُشَكل كونه بحد ذاته النار الوسطية الدوارة المنتشرة في كل الأشياء وفي كل دائرة من دوائر الوجود. وعلاوة على ذلك، فهو بطبيعته لا مذكراً، ولا مؤنثاً، بل هو الموناد أي " الموناس " الروح الذكية المتحركة من تلقاء نفسها من دون أن تتجزأ أو تتجسد، فهي فريدة وأبدية ولا متحوّلة.
إن أل [ 1 ] هو العقل الكوني أي " النوس " الشامل الكون لإستخراجه إياه من العدم عن طريق الموسيقى والتناغم بجعله إياه محكوماً بنظام المبدأ الإلهي. إنه الله أو الخير منبع الحياة الأساس المُخَبَئ في قلب الأشياء المتحركة والمتغيرة من خلال المقياس التناغمي للذكاء.
إن أل [ 1 ] أيضاً، هو النقطة المُوَحِدَة الحاوية على أللانهاية والخالق المطلق الذي أسميه الأب ورمزه النار قوة الحياة والأساس الكامن لكل شيء.
لذلك، فإني أكرس الرقم [ 1 ] للشمس، لإيل – أبوبلو".
- وشرح بيثاغور بدقة فائقة طبيعة المبدأ الأول خاتماً القول:" إن الهدف من المسارة هو في التقرّب منه".
- وسأله بفضول بارميسيوس Parmiseus من ميتابونتيوم Metapontium :" لقد دعوتنا لنصبح مثلك يا أيها المعلم، وإننا ندرك ونفهم بأن ذلك هو ممكن الحدوث سيما وأنت معلمنا. ولكن كيف بإستطاعتنا الدنو من الواحد الآب"؟
- أجابه:" هل من أحد سبق له أن رآى معلم الزمان والمكان؟ طبعاً لا. لذلك إسمعوا جيداً، إنه فقط عن طريق الإتحاد معه يمكنكم الشعور بأساسه الكامن، فهو الروح الخفية أللامرئية، وينبوع الذكاء الموجود في قلب الكون الكبير مثلما هو أيضاً في قلب الكون الصغير الذي هو أنتم.
وإعلموا، بأن روحكم هي كالمياه الهائجة التي من الواجب عليكم تهدئتها لأنها في غاية الإضطراب بسبب العالم المادي. فقوموا بتنقيتها لتصبح طاهرةً، وعندها يصبح بإمكانكم إدراك الوحدة عن طريق تناغمكم مع الواحد. وبهذا، تستنهضون الآب في عقلكم الواعي لتتمكنوا بعد ذلك من المشاركة في قواه داخلين إلى حد ما بالكمال. وعندها، تستطيعون السيطرة على الأشياء بقواكم الفكرية وإرادتكم لتصبحون بذلك حائزين على قوة الفعل مثله".
وهكذا، أنهى بيثاغور تعاليمه الأولى بخطابه المقدس في سرية تامة.
* * *

كان البعض من تلامذة الماتيماتيكوي يواصلون تمارينهم العقلية عن طريق تأملهم بالأشكال والأرقام داخلين بذلك إلى أعماق الأساس الكامن للحقيقة المتجسدة. في حين أن التلاميذ الجدد كانوا يتأملون بطبيعة " الواحد ".
لاحقاً، وفي وقت الغداء تجمّع كل أعضاء المجتمع البيثاغوري بدائرتيه الداخلية والخارجية في " قاعة الإجتماعات " ليأكلوا سوية كعائلة واحدة.
ومن بعد الغداء، راح كل الأعضاء في الدائرة الداخلية يعملون على تنقبة عقولهم بدراستهم الرياضيات الخفية التي أعلنها لهم معلمهم.
وفي الليل، لدى ظهور النجوم وكأنها نقاط بيضاء في السماء الداكنة تمدد الماتيماتيكوي في أسرتهم للنوم في القاعة الجامعة إياهم في الوقت الذي كان فيه بيثاغور يعزف على قيثارته التي إنساب صدى صوت نغماتها في كل أرجاء تلك القاعة، حيث كانوا وفي البعض من الأحيان ينشدون الأغاني الروحية لتساعدهم على النوم بهدؤ في حال كان النهار الذي أمضوه متعباً ومقلقاً.
وراحت موسيقى بيثاغور الحاملة الإيقاعات الصوفية تدخل إلى أعماقهم مُنَقيَةً عقولهم، ومكوّنةً عندهم البصيرة بإستنهاضها فيهم قواهم النفسية الكامنة الجاعلة من أحلامهم أحلاماً رائعة وجميلة وذات صفات نبوية. وكانت أجسامهم الأثرية تحلق بخفة فوق أجسامهم المادية في بُعُدٍ آخَرٍ مختلف حيث تتردد طاقاتهم الأثيرية بسرعة كتلك التي للنور، وبخفة هي أخف مما للريشة من وزن متنفلة خلف المكان والزمان من خلال أعمق المستويات على الخيط الرفيع الرابط الكون الصغير بالآخر الكبير.
- وعند ذاك، تكلم بيثاغور:" إن النوم والأحلام والإنخطاف الروحي هي المفاتيح التي بها يفتح باب العالم الماورائي حيث يكون بإمكانكم عندها تلقي معرفة النفس والنبؤة".
وأستسلموا لنومٍ عميقٍ.
- وفي صبيحة اليوم التالي، تكلم بيثاغور مخاطباً الماتيماتيكوي الذين رافقتهم في الليلة السابقة أنغام موسيقاه الشجية والهادئة:" إن الموسيقى هي القوة الأساسية الرابطة الإنسان بكون الآلهة. فأسمعوا يا أيها الإخوة، إن هدفكم الآن كما كان من قبل هدفي هو في الإستماع لموسيقى الآلهة التي هي الأرقام، وأعلموا أنه بالإمكان رؤية الآلهة فقط بواسطة أنفسكم التي نقيتموها عن طريق التناغم الذي هو أجمل الأشياء حيث أصبح بإمكانكم إطلاق أنفسكم وتحريرها بما للموسيقى من قوة".
ومن ناحية أخرى، كان بيثاغور يستخدم الموسيقى بغية القيام بالشفاءات العلاجية، إذ كانت لديه الإيقاعات العاملة كترياق للمشاكل النفسية بإستخدامه إياها لعلاج الكآبة والغضب. هذا فضلاً عن إيقاعات أخرى متعددة لشفاء الكثير من الأمراض النفسية والعاطفية والعصبية. فكانت تلك الإيقاعات والنغمات التي وضعها المساري محتوية على قوة الأسرار الباطنية الشافية الإضطرابات الروحية والجسدية بتحقيقها الإتزان النفسي، وتهذيبها الحواس وتهدئتها المزاج.
* * *

- واقفاً أمام تمثال هيستيا – إيزيس محاطاً بالحوريات التسع، تابع حبيب الحكمة إعلانه لاهوت الأرقام:
" قام الواحد اي الموناد بفعلٍ على الدياد Dyad لخلق الأرقام، وهكذا فالدياد ليس رقماً بل نقتطين وهي إرتباك للوحدة، أو مجرد خط. وعندما أراد الواحد أن يتجسّد بات إثنان = الدياد، بأساس لا مجزّئ ولكن بمادة مجزّأة، فإحتوى على المبدأ الفاعل الذكوري أي الطاقة من ناحية، والمبدأ الساكن الأنثوي أي المادة من ناحية أخرى. إذن، فالرقم [ 2 ] هو إتحاد إرادة " الذكر الأبدي " مع إيمان " الأنثى الأبدية وهما الإلهين الأساسيين الذان خلقا العالم المرئي. والرقم [ 2 ] هو مكرس للقمر ثاني الكواكب المضيئة على الأرض.
إن تلك الآلهة كانت ممثلة في الحضارة الكنعانية – الفينيقية بأدونيس ( بعل ) وعشتروت، وبأوزيريس وإيزيس عند المصريين، وبال وعشتار لدى البابليين، وبالسماء والجحيم عند الفرس، وشيفا وشكتي لدى الهنود.
وبعدها قامت الدياد بخلق العالم المادي وهو الترياد Tryad. فالترياد موجود في كل مكان وهو الرقم الأول لأن الرقمين [ 1 ] و [ 2 ] ليسا بأرقام.
وهو النفس التي أقارنها بالمثلث المعطية الحياة للكون من خلال ذراتها الثلاث: النار، والماء، والهواء.
وكما أن العالم الصغير أي الإنسان مؤلف من أبعاد ثلاثة وهي:
1- الجسم. ( القوة ).
2- الروح. ( الجمال ).
3- العقل. ( الحكمة ).
في الواحد.
كذلك هو الكون الكبير مؤلفٌ من ثلاث دوائر في الوجود وهي:
1- العالم الطبيعي.
2- العالم البشري.
3- العالم الإلهي.
فالترياد هو رقم كامل وهو رمز الحقيقة المجسدة بالعقل، والفضيلة بالروح، والنقاوة في الجسم. ولذلك، فأنا أكرسه لكوكب المستري.
والترياد [ 3 ] كان معروفاً لدى الكنعانيين – الفينيقيين بعنات – أدونيس – إيل.
وعند المصريين بإيزيس – هوريس – أوزيريس.
وعند الهنود بساراسفاتي – فيشنو – براهما.
وبما أن الترياد يشكل العناصر الأساسية للحياة في الكون وخلقه وتطوره مروراً بكل المستويات لأشكال الحياة من المعادن، إلى النبات، والحيوان، فالإنسان، فهو أيضاً علاوة على ذلك عالم الآلم المادي.
وأقولها لكم ثانية، إن هدفكم كما كان ماضياً هدفي يا أيها الإخوة، هو في أن تعيدوا أنفسكم إلى حالتكم الأصلية التي كانت في الوحدة الأساسية مع الموناد. لذلك، من الواجب عليكم إيقاف العناصر المادية والغرائزية الشريرة.
فنحن كبشر، فقدنا الرؤيا بالحقيقة المطلقة المتجلاة بالواحد عندما دخلنا في الترياد. لذلك، فنحن عالقون بين العالم الطبيعي الحيواني الذي يشدنا بقوة إلى الأرض، وعالم الألوهة الذي يحاول جذبنا إليه كلنا بقوة.
وهكذا، فالإنسان هو تطوّر ذكي للحيوان، والإله هو بدوره تطوّرٌ ذكيٌ للإنسان. إذاً، إن صيرورتنا كي نصبح آلهة هي في فرارنا من من الأعمال الشريرة للدياد الثنائي وتحقيقنا الإتحاد بين أبعادنا الثلاث في الموناد الشحصي الذي أخيراً يأتي للإتحاد بالموناد الكبير".
وأستراح الماتيماتيكوي لبعض من الوقت، متأملين بالمعاني الخفية لخطاب المعلم المقدس.
فهؤلاء البيثاغوريين إستخدموا الترياد في طقوسهم المتعلقة بالأسرار الباطنية بغية تقديس نفوسهم وتطهيرها.
* * *

إن كل مساري في العالم القديم إختبر مسارة مختلفة، لكن كلها في النهاية كانت حاملة معانٍ ومفاهيم مشابهة للحمكة الحقيقية.
وإن اؤلئك الصوفيين إكتشفو من خلال المسارة العناصر الأساسية التي هي ركيزة كل العلوم. وفهموا القانون الحاكم للأشكال المختلفة في الحياة وطريقة تطوّرها، هذا فضلاً عن دخولهم " الدوائر الداخلية " بعيداً عن العالم المدنس والجاهل، مدركين الأساس الكامن لكل الأديان الذي هو الحقيقة السامية أي الحكمة الإلهية.
وفي أسفل تلك التلة القائمة عليها المدينة البيضاء، وتحت أشعة نور القمر المكتمل على رمال الشاطئ الظاهرة عليها أثار خطوات كل من المعلم وتلميذته تيانو السائران جنباً لجنب، متحدثين عن الحياة وأسرارها.
- وقال لهم المعلم:" ليس بصدفة الآن أن نكون مع بعضنا سوية، بل هو إحتمال ثابت لا متغير للإرادة الإلهية، ذلك أن وجودنا هنا هو ضرورة حتمية في العالم وفقاً لنظام الأرقام".
وبدأت تيانوا تستوعب شيئاً فشيئاً معارفه.
ووصلا إلى معبد ساريس – عشتروت حيث كان بإنتظارهما الباقون من تلاميذ الماتيماتيكوي من أجل تلقي الدروس الليلية. ولما كانت جدران ساحة المعبد عرضة لصدمات أمواج البحر الإيطالي، أعلن بيثاغور:" إن التيتراد أو التيراكتيس Tetraktys الأربعة ترمز إلى الخالق الكوني أللوغوس الذي هو المثال القيّم للكون المكمّل لعملية الخلق بدأً من الواحد [ 1 ] ( نقطة النار )،
فالإتنان [ 2 ] ( خط المياه )،
فالثلاث [ 3 ] ( مساحة الهواء )،
فالأربع [ 4 ] ( الأرض الصلبة ).
وعليه، أقول لكم: إن التتراكتيس هو حقيقة الديكاد المقدس الحقيقي، هذا لأن المبادئ الأساسية للكون موجودة في الأرقام الأربعة الأولى التي جمعها [ 1 + 2 + 3 + 4 = 10 ] الرقم الأفضل. وأنا قمت بتنظيمها على شكل مثلث حيث الرقم [ 1 ] موقعه على رأسه، لتأتي من بعده الأرقام [ 2 ، 3 ، 4 ] بالتدرج على هذا النحو:


● ●
● ● ●
● ● ● ●

فالرقم [ 4 ] هو إحدى المفاتيح الأكثر أهمية في الطبيعة، إذ توجد الكثير من الظواهر الطبيعية المتجلاة في مجموعات مشكلة من [ 4 ]، كالمستويات الأربع للوجود التي هي:
1- الكينونة.
2- الحياة.
3- المشاعر.
4- الإدراك.
وإن أهم تلك المجموعات هي الطبيعة بحد ذاتها المتجلاة بالعناصر الأربعة:
1- النار.
2- الهواء.
3- المياه.
4- الأرض.
إن الرقم [ 4 ] هو المربع الكامل، مربع المسارة والتناسق الرامز للعدالة الأخلاقية بين الفاعل والمفعول به بإتجاه أفقي، والقوانين الإلهية الظاهرة في الوعي والحركة بإتجاه عامودي.
إن كل الترددات في المستويات المادية كما الروحية هي محفورةٌ في المربع الكامل حيث أن إسم الله ( إيل أي آبا – Abba ) اللوغوس حل مكانه الرقم [ 4 ] المقدس الذي أكرسه للشمس".
وأنهى المعلم الكبير كلامه لتلاميذه.
وتحت أنوار نجوم السماء البعيدة، وظلال مملكة العلي أللامتناهية: العقل الكوني الموناد. كان الماتيماتيكوي يدلون بقسمهم الكبير:
" أقسم بإسمه الذي نُقِلَ لعقولنا،
أل [ 4 ] المقدس التتراكتيس السامي والنقي،
جذور وينبوع الطبيعة المتحركة أبداً،
نموذج الآلهة".
وإن قسم الماتيماتيكوي ذاك، تردد صداه في كل تلك النواحي مع أمواج المحيط وأثير الفضاء. ذلك أن قسمهم هو الأكثر سمواً لربطه إياهم مع الوجود محدداً ديانتهم وإيمانهم.
وأنسل نسيم عليل إلى ذاك المكان، وكان هناك في الليل سكون عظيم.
* * *

من خلف التلة ظهرت الشمس شاقة الفجر بنشرها أشعتها على المدينة البيضاء.
- وتابع بيثاغور تعاليمه المتعلقة بلاهوت الأرقام:
" إن الرقم [ 5 ] بينتاد Pentad هو مهم جداً كوّنه نصف أل [ 10 ]، ولذلك فهو رقم وسطي ودائري. إنه عودة كل الأشياء، وعودة النفس إلى ذاتها حيث الطهارة والمعرفة هما الفاعل الأساسي لدائرة البينتاغون Pentagon التي تدور بتناغم متحكمة بحركات الكون.
أقول لكم، إنه رمز للأشكال الخمسة الذرية والتي هي:
1- الهرم.
2- المكعب.
3- الأوكتاهيدرون.
4- الإيكوساهيدرون.
5- الدوديكاهيدرون.
وإن تلك الأشكال تمثل العناصر الخمسة للحياة وفقاً للتسلسل الآتي:
1- النار.
2- الأرض.
3- الهواء.
4- المياه.
5- الأثير.
إسمعوا، ما من شيء طاهر ونقي من بين الأشياء الموجودة. غير أن الأرض تشترك بالنار، والنار بالهواء، والهواء بالمياه، والمياه بالأثير. فالآن، بتنا على معرفة بوجود خمس دوائر محلقة بإنتظام في الفضاء، كما وأنه توجد خمس مناطق دائرية على الأرض.
وفي أحيان كثيرة كنت قد أطلقت على الرقم [ 5 ] الزواج، هذا لإحتوائه على الرقم [ 3 ] الذي هو مذكر مفرد محدود ومحدد، وعلى الرقم [ 2 ] الذي هو أنثويّ مثنى غير محدود ولا محدد. وهكذا فَ [ 2 + 3 = 5 ]، وهو رمز النجمة الخماسية بنتكرام Pentagram المعلقة على صدوركم والتي تعني بلغتنا السرية " القيامة من الموت ". إذ أن كل جانبٍ من هذه النجمة هو على تقاطع مع الجنب الآخر بشكل نسبي بين الكبير والصغير. وعليه، فأنا أكرسها والرقم
[ 5 ] إلى هرمس – أخنوخ، وإلى عطارد.
والنجمة هي كما الرقم رمزٌ للإنسان الكوني. الكون الصغير في الكون الكبير، والإنسان المفكر والواعي. ولذلك، فهي وعندما ترسم على البينتاغون تشكل علامة للتناسق والتناغم والصحة والعلامة السرية لأخويتنا".
وبهذا، شرح بيثاغور ما للرقم [ 5 ] من معانٍ.
لاحقاً، وبعد أن كشف المعلم عن ما للنجمة الخماسية من معانٍ سرية، قام بإصطحابهم إلى مدخل المعبد في الأعلى حيث بإرادته، وبما له من قوى بالأسرار الباطنية قام بإستدعائه نسراً كان محلقاً فوقهم في أعالي السماء، وللحال نزل النسر مسرعاً وكأنه رسول من الآلهة، وراح بيثاغور يداعبه هامساً بأذنيه ومن ثم أطلقه حُراً.
تجدر الإشارة، إلآ أن البيثاغوريون كانوا يستخدمون الرقم [ 5 ] والدائرة من أجل طرد الأرواح الشريرة.
من جديد وفي داخل السرداب، شرع المعلم بتفسيره الرقم [ 6 ]، وقال:
" إن الرقم [ 6 ] هو الرقم الأول الكامل، وهو رقم دائري أيضاً. وأنا أطلق عليه إسم الزواج، هذا لأنه جامع ما بين المذكر ( 1 ) الممثّل بهذا المثلث ▼ كرمز له. وبين المؤنث الممثّل بهذا المثلث ▲، لتتشكل بذلك النجمة السداسية على هذا النحو: ▲▼. وبالتساوي مع ذلك، فإن الروح المثلثة ▼ النازلة من السماء تتداخل بالمادة المثلثة الأبعاد ▲ المتلقفة لها من الأرض.
وفضلاً عن كل ذلك، فالرقم [ 6 ] مقدس للآلهة: عشتروت – أفروديت – فينيس Venus كوكب الزهرة، نجمة الصبح والليل التي لها من الأسبوع اليوم السادس الذي هو الجمعة يوماً مقدساً.
والرقم [ 6 ] أيضاً مهم جداً لأنه ممثلٌ المستويات الستة للحياة الطبيعية المنطلقة من الأسفل وهي:
1- البذرة.
2- الحياة النباتية.
3- الحياة الحيوانية.
4- الحياة البشرية.
5- الحياة الملائكية، حيث الملائكة فيها يشكلون حلقة الوصل بين البشر والآلهة.
6- الحياة الإلهية".
وبعد كل ذلك، أضاف المعلم:" إن مكعب رقم [ 6 ] أي [ 6 × 6 × 6 ] ( 2 ) يساوي الرقم [ 216 ] الذي هو رقمٌ صوفيّ كثير الأهمية لأنه مبدأ الولادة للروح، إذ أنه يكرر نفسه بسبب ما له من شكل دائري في عملية تكرارية أبدية للأحداث نفسها، أو للمادة التي هي ليست أزلية في الكون. ففي كل [ 216 ] عام تتقمص الروح في جسم جديد، إنها دائرة التقمص لكل إنسان فانٍ".
وبهذا، انهى بيثاغور تعاليمه لذاك اليوم بعزفه نغمة مقدسة على قيثارته وهو ينشد من ملحمة " الإلياذة " أنشودة تتحدّث عن موت أحد الأشخاص وأسمه أوفيربوس Euphorbus الذي كان هو نفسه بيثاغور في حياة سابقة. أما هدفه من إنشاده لتلك الأنشودة كان من أجل أن يشرح لتلاميذه عقيدة التقمص. وعندما سأله ميلياس Myllias من كروتونا وهو واحد من الماتيماتيكوي كانت لديه شكوكه في تلك العقيدة ومدى صحتها، رمقه بيثاغور بنظرة وقال له:
" لقد كنت يا أيها العزيز ميلياس في حياتك السابقة الملك الفريدجي ميداس Midas "!
ومن ثم، راح المعلم يحدث تلاميذه عن تذكره لأربعة حيوات سابقة كان قد عاشها إنطلاقاً من إيتالايدس Aithalides ( إبن هرمس )، فأوفيربوس، وهيرموتيموس، وبيرهوس.
وعلاوة على ذلك، فقد قام بتذكير البعض من تلاميذه بحيواتهم السابقة بجعله إياهم يتذكرونها، وذلك بعد أن علمهم التقنيات السرية " للأنامنيسيس Anamnesis ".
* * *

كان بيثاغور وتيانو يسيران على الشاطئ في إحدى الليالي متأملان بطبيعة الرقم [ 6 ]. وكان الزواج بالنسبة لهما إتحاداً كاملاً في الحياة الطبيعية المتجسدة.
- وبعدها، عاد بيثاغور إلى متابعة تعاليمه في ساحة معبد ساريس عشتروت:
" إن الرقم [ 7 ] هو رقم الكمال في الحياة ومحركها، وهو جامعٌ فيما بين العناصر الثلاثة في الروح، والعناصر الأربعة في الجسد مظهراً العلاقة بين الإنسان والموناد الإلهي، ممثلاً العقل الإلهي النشيط.
إن الرقم [ 7 ] هو السبتاد Septad المتصل بالأجرام السماوية السبع التي منها تتشكل موسيقى الدوائر ممثلة الأيام السبعة في الأسبوع على هذا النحو:
- القمر ليوم الإثنين.
- المريخ للثلاثاء.
- عطارد للأربعاء.
- المشتري للخميس.
- الزهرة للجمعة.
- زحل للسبت.
- الشمس للأحد.
أقول لكم، إن الكون الكبير المتجسد مكوّنٌ من [ 7 ]، وهكذا أيضاً الكون الصغير أي الإنسان المنظم بسبع مستويات ممثلة التطور بدأً من الأسفل على هذا الشكل:
1- الجسم المادي.
2- الجسم الكوكبي.
3- الجسم الأثيري.
4- العقل، وهو مستوى الإتزان.
5- الروح البشرية.
6- الروح الحيوية.
7- الروح الإلهية.
إن رمز الرقم [ 7 ] هو في المعبد ذو الأعمدة السبعة الذي يعني المساريّ ، إنها الحكمة التي أكرسها للمشتري".
وكان هناك صمت لبرهة من الوقت.
وأضاف:" إن الرقم [ 8 ] هو المكعب الأول الأساسي، الأوكتاد Octad الذي هو بحد ذاته التناغم.فتكعيبنا للرقم
[ 2 ] = [ 8 ]. وأيضاً، [ 2 + 2 + 2 + 2 = 8 ]. وأنا أسميه " هرمونيا Harmonia " تيمناً بإسم إمرأة قدموس أحد الكبيريم في كنعان – فينيقيا.
كما وأن الرقم [ 8 ] هو رمز للصداقة، والحب، والطب، والصحة. ولذلك، فقد ربطته بأشمون إله الطب عند الكنعانيين – الفينيقيين، وهو مكرّسٌ لعنصر الهواء فضلاً عن كل ما تقدم.
وأقول لكم، إن الرقم [ 8 ] هو مؤلَف من الأشكال الفاعلة المثلثة، والأشكال المفعول بها المخمسة للوعي".
وبهذا، أنهى بيثاغور خطابه الليلي التعليمي.
وعم صمت كبير المكان.
وفي داخل السرداب في اليوم التالي، تابع المعلم:
" إن الرقم [ 9 ] هو رقم العدالة، وهو الرقم المقدس لأمنا الأرض.
وإن [ 3 × 3 = 9 ]، ولهذا، بات رقماً مقدساً لأنه مكوّنٌ من الأشكال التسع للطاقة الإلهية التي هي:
- سماوية [ 3 ] = الأب – الأم – الإبن.
- بشرية [ 3 ] = العقل- المادة – الروح.
- طبيعية [ 3 ] = النار- الماء – الهواء.
وأقول لكم، لقد حاولت مرات ثلاث ولتسعة أيام في كل محاولة، وبعد [ 27 ] مرحلة أكملت عملية التطهير الذاتية بالغاً الكمال الروحي العالي.
أما الآن، فالرقم [ 10 ] هو الرقم الأكثر كمالاً على الإطلاق، هذا لأنه في حال أدركناه نعود من جديد إلى الواحد [1].
وهكذا، فعملية التكوين تكرر نفسها إلى الأبد. لذلك فقد كرسته للعالم وللشمس، وإن ليس من باب الصدفة أن تكون قوة الرقم [ 10 ] كاملة لأنها تشكل " دائرة الضرورة " الحتمية في الوجود المخطط لها أساساً من الإرادة الإلهية.
وعلاوة على كل ذلك، فالرقم [ 10 ] يمثل المبادئ الإلهية المتطورة والمجتمعة دوماً في وحدة دائمة التجدد: اليونيتاس Unitas.
وهو الجامع للحقيقة المطلقة، فالأرقام [ 1 + 2 + 3 + 4 = 10 ] ليشكلون بذلك مع بعضهم الديكاد المقدس. وهي
( أي تلك الأرقام ) آلهة ماسكة الكون بضبطها إياه".
وختم المعلم تعاليمه للاهوت الأرقام بقوله:" إن الأرقام ليست من إبتكار الفكر البشري، بل هي حالة وجودية صوفية كوّنت نفسها، وهي كامنة في خارج العقل البشري، وفي خارج أي شكل من أشكال الحياة المختلفة والمنوعة. فالأرقام تخفي في طياتها أسراراً عميقة، وعلى سبيل المثال لا للحصر فالرقم [ 1 ] هو الذي خلق الأرقام ليس من باب الصدفة، بل تحقيقاً للمنطق الإلهي، حيث باتت الأرقام من أساسها أي الموناد تكتسب حقيقة الأشياء.
وإذا رغبتم بإدراك ما للأرقام من خصائص، عليكم التأمل في معانيها ورموزها لتصبحون بذلك قادرين على التواصل معها كوّنها آلهة بحد ذاتها. وإن فَهم ذلك وإدراكه هو بالأمر الصعب عليكم، لكن متى فهمتموه فستصبحون بذواتكم ما أنتم عليه حقيقة، أي آلهة".

ـــــــ

يتبع (f)
08-07-2005, 03:52 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
رواية صوفية عن حياة الفيلسوف اليوناني ( فيتاغورس ) - بواسطة Georgioss - 08-07-2005, 03:52 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  برنامج حمية السبيل-لوريل ميلين. السلوك السوي - كتاب يلبي رغبة الساعين إلى حياة أفضل ali alik 0 969 01-25-2012, 06:27 AM
آخر رد: ali alik
  رواية عالم صوفي/ عرض للدكتور محمد الرميحي بسام الخوري 1 2,584 06-15-2011, 08:50 AM
آخر رد: بسام الخوري
  رواية اسمها سورية - 40 كاتب ومؤلف في 1585 صفحة ، ملف واحد بحجم 25 ميجا مع الفهرسة ali alik 10 4,843 04-09-2011, 11:21 PM
آخر رد: kafafes
  رواية فنسنت فان جوخ - رائعة ايرفنج ستون في 772 صفحة .. لأول مرة ali alik 2 4,209 12-25-2010, 02:04 PM
آخر رد: kafafes
  مغامرة الكائن الحي _ جويل دو روزناي - و رواية يوم في حياة ايفان - الكسندر سولجينيتسين ali alik 1 1,877 10-26-2010, 04:48 AM
آخر رد: إبراهيم

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS