لماذا تؤيد الجامعة الانقلابيين?؟







عبد الرحمن الراشد

فاجأنا سعيد كمال، الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين في الجامعة العربية، ليس بزيارته نواكشوط الموريتانية وحسب، بل وإعلانه الصريح بتأييده حكم الانقلابيين هناك. لماذا؟ حسب قوله انهم اقنعوه بأن الوضع كان خطيرا مما أوجب استيلاءهم على السلطة! يا له من عذر ويالها من جامعة عربية ايضا!
نحن نسأل الجامعة هل لها الحق قانونيا وأخلاقيا أن تؤيد الانقلابات باسم أعضائها، وهي التي تقول عن نفسها انها جامعة للشرعيات العربية؟

نحن ندري ان نحو نصف الأنظمة العربية جاءت بصورة مباشرة او غير مباشرة عبر انقلابات، لكنها لم تحظ بهذا التأييد السريع غير المشروط الا في موريتانيا. وبخلاف ادارة الجامعة نعرف ان كل الدول الأعضاء في الجامعة هي ضد تأييد أي انقلاب عسكري، بمن فيهم الذين فعلوها من قبل، لأنهم يدركون خطورتها على أنظمتهم.

الى ما قبل انقلاب موريتانيا عانى الانقلابيون العرب السابقون من هجران الانظمة والمؤسسات الاقليمية، بما فيها الجامعة العربية، على اعتبار ان خلع اي نظام من خلال التآمر العسكري أمر مرفوض. وصار هذا المبدأ غير المكتوب أحد الموانع التي لا تغري الراغبين في التآمر من الضباط بالاستيلاء على الحكم. فبانعدام التأييد الخارجي تصبح فكرة الانقلاب غير مضمونة النجاح، والعكس صحيح أيضا، اي ان احتضان الانقلابيين يشجع غيرهم على التفكير في ركوب دباباتهم عند أول فرصة سانحة.

الجامعة العربية لا عذر لها على الاستعجال، حتى لو فعلتها منظمة الوحدة الافريقية (الإتحاد الأفريقي حاليا) التي تماثلها في العجلة حتى على كل شيء سيئ. الجامعة العربية ليست مضطرة للتسابق على تهنئة الانقلابيين فهي ليست حكومة يمكن ان تغريها مصالح او تخيفها مواقف يمكن ان تجبرها على التنازل تجاه أي انقلاب، بل هي مؤسسة جماعية يفترض ان تحرص على تعميم الشرعية، وإصلاح وضع الانظمة الحالية، لا الهرولة وراء الانقلابيين بعد اقل من اسبوعين. حجة الجامعة كما رواها موفدها ان الانقلابيين أقنعوه بحجة ان الوضع كان خطيرا. ويا له من عذر باهت لأن يملك قائمة لدول اوضاعها اكثر خطورة من موريتانيا، ربما تتطلب استعجالا بالانقلاب.

نظام معاوية ولد الطايع المخلوع نفسه بالفعل جاء بصورة غير شرعية، الا ان الانقضاض عليه ما كان ينبغي ان يحدث بنفس الصورة غير المشروعة. تغييره يأتي عبر انتفاض أهله عليه او التشريع الخارجي بعدم صلاحيته، وليس وفق السارق من السارق كالوارث من أبيه. واذا كانت لدى الجامعة العربية شكوى سابقة نظامية او سياسية من حكومة ولد الطايع المخلوع، وهو أمر لم نسمع به من قبل، فلماذا لم تطالبه بإصلاح أوضاعه، او تعليق عضويته، أو على الأقل إعلان رأيها فيه على الملأ.

*نقلا عن جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية