أي مزية تكتسبها أمريكا إن فجرت في كل الفرقاء؟

عندها قد لا تثور الفتنة المطلوبة، ولا يجد أحد ما مبررا لبدأ سلخ الأقاليم عن بغداد، ولا يعود تشظي العراق مطلوبا.

فليعلم القراء أنني لا أفرق بين الحرورية والزرقاوي على فرض وجوده، فكلاهما غلاة يمارس المعركة الخطأ في المكان الخطأ.

المشكلة الشيعية السنية كانت ولا زالت فكرية وسياسية بحتة، ولم ينجح أي من الفريقين بحلها بالدم على مدى بضعة عشر قرنا، ولن ينجح. وكلا الفريقين يتبنى أن أمر الإمام يرفع الخلاف، وليس ثمة إمام.

لمنع سحب البساط من تحت الأقدام، فإننا في نفس الوقت الذي ندين فيه كل من تعاون مع أمريكا وسهل لها إيقاد عود ثقاب، أو ساعدهم في إيجاد علكة، فإننا أيضا ندين التفجير الذي يقع بين المدنيين من شيعة وسنة.
إلا أنني أتلفت حوالي، وأنظر في أصل القصة وفرعها، فلا أرى ثمة مستفيد من الحوادث إلا الذي فرض نفسه علينا حارسا.

لن تترك أمريكا العراق حتى تمسخ نفسية أبنائه جميعا، وحتى لا يصبح هم أحدهم إلا أن يحمل فوطة للسيد الأمريكي يعطيه إياها لينظف نفسه بعد ليلة مع داعرة. أو أن يكون درجا يصعد عليه السيد الأمريكي للوصول إلى سيارته.

أما لماذا تصنع أمريكا ذلك، فهو حديث ذو شجون، ليس اقله أن من العراق قد يبرز كما من غيره من العالم الإسلامي خصم حضاري ليس اقل شراسة ولا أضعف بنيانا من المعسكر الشرقي السابق.
ويأتي النفط في مرتبة أخرى، ليس لأن أمريكا تريد النفط لنفسها، فهي غنية بالذهب الأسود، بل لأن أمريكا لا تريد أن تفلت شرايين حياة أوربا من يدها، فتعود أوروبا أقطابا عدة تدير العالم كحالها قبل الحربين العالميتين.

إلا أن هذا كله ليس موضوعنا، بل موضوعنا هو تصور الحالة العكسية، تصور أن فلسطينيا من تنظيم إسلامي قد باغت مستوطنين مساكين يخلون من ديارهم بالقوة، فأطلق عليهم النار فقتلهم جميعا.
في تصور هذه الحالة، كم من قلم سيأخذ بالزعيق على صفحات النادي وغيره، منددا بالوحشية الإسلامية، والتطرف الذي يجعل المسلمين أخطر من في الدنيا أشرس بني البشر!