( 2 2 )

عزيزي النبي أيليا ظهر و صعد الى السماء في مركبة نارية قبل النبي ملاخي بقرون و لو راجعت
معي الكتاب المقدس تجد أن سفر ملاخي هو آخر أسفار العهد القديم وقد دون لنا النبي ملاخي بإحاء من الله هذا السفر في نحو النصف الأول من القرن الخامس قبل ميلاد المسيح أي ما بين 450 - 425 ق.م. و بعدها أنقطع الوحي عن اسرائيل خمسة قرون حتى جاء يوحنا المعمدان و السيد المسيح له المجد .

أما النبي أيليا فقد جاء لا لتحذير الكهنة اللاويين و الشعب كما تقول النبوءة بل جاء لتحذير آخاب الملك من شروره التي كان يفعلها و عبادته للبعل بأيعاز من أيزابل زوجته و تجد قصته بأستفاضة في سفر الملوك الأول و الأصحاح 17 و قد وقعت هذه الأحداث حوالي عام 800 ق . م .

لقد حذر النبي أيليا آخاب الملك من شروره و بسبب هذه الشرور حدث جفاف في مملكة اسرائيل
الشمالية و عاصمتها السامرة و لم تمطر ثلاثة سنوات متصلة .


عزيزي السواح بعد انتهاء حكم ملك العبرانيين الأول المدعو شاول - وفي القرآن طالوت - سورة البقرة 2 :249 - مسح الله داود ملكاً عليهم ,وكان ذلك حوالي سنة 1020 ق,م وخلفه ابنه سليمان وحكم من سنة 980 إلى سنة 938 ق,م وبعد نهاية حكمه ثار عشرة أسباط على خلفه رحبعام وخرجوا من طاعته وشيدوا لهم مملكة هي مملكة إسرائيل ,وملّكوا عليهم يربعام بن نباط, وبقي السبطان على ولائهم لبيت يهوذا وشيدوا مملكة أخرى هي مملكة يهوذا, ولم تلبث مملكة إسرائيل حتى سقطت في العبادة الوثنية ,وبعد قليل اقتفت آثارها يهوذا, فدفعهم الله إلى أيدي أعدائهم وعاقبهم هذه المرة عقاباً أشد صرامة من العقوبات التي ألفوها وبدأ بقصاص مملكة إسرائيل ليعطي يهوذا فرصة للاعتبار والتوبة ,فسلط عليها الأشوريين فغزوها وأسروها في فارس ومديان سنة 730 ق,م وإلى هنا انقرضت مملكة إسرائيل, أما مملكة يهوذا فلم تعتبر بما دهم أختها من شديد العقوبة بل أستمروا في شرورهم حتى حدث لهم السبي البابلي

الملك آخاب الذي واجهه ايليا النبي كان أحد ملوك مملكة اسرائيل و عاش في حدود سنة 800 ق . م أي قبل نبوءة ملاخي بحوالي ثلاثة قرون , فكيف نقول أن نبوءة ملاخي انطبقت على أيليا و قد جاءت حياته قبلها ؟؟؟؟؟؟؟؟

لهذا عزيزي السواح ساد الأعتقاد الحرفي لدى الشعب اليهودي ( وفقا لنبوءة ملاخي ) في أن أيليا النبي سيعود الى الأرض مرة أخرى كما رفع الى السماء .

طبعا هذا الأعتقاد لا معنى له لأن النبي أيليا صعد للسماء وفقا للكتاب المقدس و لا معنى لرجوعه
و انما النبوءة المذكورة في سفر ملاخي كان الله يقصد بها أنه سيرسل شخص له نفس روح و قوة
النبي أيليا في مواجهته للملك آخاب و لشعب مملكة اسرائيل بشرورهم في عبادة العجل , و قد
كان يوحنا المعمدان له نفس قوة أيليا النبي في مواجهته مع هيرودس الملك و في مواجهته للشعب العبراني بريائهم في عبادتهم و أبتعادهم عن روح الوصية و التعليم , كما أن النبي أيليا كان يلبس لباسا من شعر و يعيش في البرية لهذا أيضا تشابه معه يوحنا المعمدان .

و الدليل على هذا الأعتقاد ( عودة أيليا مرة اخرى ) الذي كان سائدا لدى العبرانيين هو التالي :

مرقس 9: 11 فسألوه قائلين لماذا يقول الكتبة ان ايليا ينبغي ان يأتي اولا

و لكن السيد المسيح له المجد أوضح أن هذه النبوءة لا تفسر على أيليا حرفيا لأنه أعتبر
أن شخصية و قوة أيليا قد تكررت مرة أخرى في يوحنا المعمدان .

و نرى هذا التوضيح من السيد المسيح في الآتي :

متى 17 : 9وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ أَوْصَاهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً: «لاَ تُعْلِمُوا أَحَداً بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ». 10وَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ: [U]«فَلِمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ إِنَّ إِيلِيَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلاً؟» 11فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ. 12وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذَلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضاً سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ». 13حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ.

و لمزيد من التوضيح نجد الآية التالية في الأنجيل بحسب لوقا

لوقا 1: 17 ويتقدم امامه [U]بروح ايليا وقوته ليرد قلوب الآباء الى الابناء والعصاة الى فكر الابرار لكي يهيئ للرب شعبا مستعدا


لقد شرح الرسول لوقا وفقا لتوضيح السيد المسيح للنبوءة بأن يوحنا المعمدان كان له
نفس ( روح ) أيليا و قوة شخصيته و ليس أن أيليا سيأتي مرة أخرى لتحقيق النبوءة .

عزيزي السواح , أما بخصوص أنطباق النبوءة على السيد المسيح و يوحنا المعمدان و الله الآب
فسوف أشرحها لك ان أحببت بأستفاضة بعد أن أسمع تعليقاتك و تعليقات باقي الأخوة
على عدم أنطباق النبوءة على أيليا النبي .

ولك السلام و التحية
عبد المسيح